دعت مصر، حليفة الولايات المتحدة، مؤخرًا إلى تصنيع نحو 40 ألف صاروخ وشحنها سرًا إلى روسيا، وفقًا لوثائق استخباراتية مسربة حصلت عليها صحيفة واشنطن بوست.

تشير المحادثات المسربة بين قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي وكبار قادته العسكريين أيضًا إلى خطط لمنح القوات الروسية طلقات مدفعية وبارود، وفقًا لجزء من وثيقة سرية للغاية مؤرخة في 17 من فبراير.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست نقلًا عن الوثائق أن السيسي، الذي تعتبر بلاده من أكبر المتلقين للمساعدات الخارجية الأمريكية، طلب من المسؤولين إبقاء إنتاج وشحن الصواريخ طي الكتمان "لتجنب المشاكل مع الغرب".

وتأتي هذه الخطوة بعد أكثر من عام من بدء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غزوه لأوكرانيا المجاورة.

في حين أنه من غير الواضح سبب طلب روسيا الصواريخ في الوثائق، فقد فقدت البلاد كمية ملحوظة من الذخيرة خلال الحرب.

ووصف مايكل حنا، مدير البرامج الأمريكية في مجموعة الأزمات الدولية، المناورة المحتملة من جانب مصر بأنها "إحراج" للولايات المتحدة؛ لأن الرئيس بايدن كان يضغط على الحلفاء لحرمان روسيا من الأسلحة اللازمة للحرب.

وقال مسؤول حكومي أمريكي لم يذكر اسمه للصحيفة إن المسؤولين لم يكونوا على علم بحدوث خطة شحن صواريخ.

وتعتبر الوثائق المسربة هي جزء من العديد من الملفات السرية المنشورة على الإنترنت في الشهرين الماضيين.

وفتحت وزارة العدل تحقيقًا في تسريبات البنتاجون وحذر البيت الأبيض المراسلين من نشر المواد الحساسة.

لمطالعة الموضوع من مصدره ( اضغط هنا ).

 

رد الجميل لروسيا

وتصف الوثيقة إصدار السيسي تعليمات في 1 من فبراير وإخبار شخص يشار إليه فقط باسم صلاح الدين أنه يجب إخبار عمال المصنع بأن المقذوفات موجهة للجيش المصري.

وتقول الصحيفة إن صلاح الدين هو على الأرجح محمد صلاح الدين، وزير الدولة للإنتاج الحربي.

ونقلت الوثيقة عن صلاح الدين قوله إنه "سيأمر موظفيه بالعمل بنظام الورديات إذا لزم الأمر لأنه أقل ما يمكن أن تفعله مصر لرد الجميل لروسيا"، مقابل المساعدة في وقت سابق.

ولا توضح الوثيقة ما هي المساعدة الروسية السابقة.

ونقلت الوثيقة المسربة عن صلاح الدين قوله إن الروس أخبروه أنهم على استعداد "لشراء أي شيء".

ووقعت موسكو والقاهرة عدة صفقات مهمة في الآونة الأخيرة، بما في ذلك اتفاق هذا العام مع روسيا لبناء ورشة ضخمة للسكك الحديدية في مصر.

كما بدأت روساتوم، وهي شركة الطاقة الذرية الحكومية الروسية، العام الماضي بناء أول محطة للطاقة النووية في مصر.

ولعل الأهم من ذلك، بعد أن عطلت الحرب في أوكرانيا الوصول إلى القمح الأوكراني، بدأت القاهرة تعتمد بشكل كبير على مشتريات الحبوب الروسية.

وفي الوثيقة، نقل عن السيسي قوله إنه يفكر في بيع "أشياء عادية" إلى الصين لإفساح المجال "لمزيد من إنتاج صقر 45"، في إشارة إلى نوع من الصواريخ عيار 122 ملم تصنعها مصر.

ولا تذكر الوثيقة صراحة ما إذا كانت الصواريخ التي سيتم إنتاجها لروسيا هي صواريخ صقر 45، لكن هذه الصواريخ ستكون متوافقة مع قاذفات الصواريخ المتعددة الروسية من طراز غراد، وفقًا للصحيفة.

 

مصر تزعم عدم التورط في هذه الأزمة

وردًا على الأسئلة المتعلقة بالوثيقة وصحة المحادثات التي تصفها، قال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، إن "موقف مصر منذ البداية يقوم على عدم التورط في هذه الأزمة والالتزام بالحفاظ على مسافة متساوية مع الجانبين، مع التأكيد على دعم مصر لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة".

وقال "نواصل حث الطرفين على وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حل سياسي من خلال المفاوضات".

وتم تسريب العشرات من الوثائق العسكرية والاستخباراتية الأمريكية السرية للغاية عبر الإنترنت، والتي تكشف عن صورة مفصلة للحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى تحليل ومعلومات حساسة عن روسيا ودول أخرى - من مصادر سرية.

وأشارت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ إلى أن وزارة العدل فتحت تحقيقًا في تسريب وثائق سرية.

وتقول الصحيفة إنه يبدو أن الوثائق السرية للغاية قادمة - جزئيًا على الأقل - من البنتاجون. ويبدو أن العديد منها قد أعدت للجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، وغيره من كبار المسؤولين العسكريين.

تتضمن الملفات تقارير من جميع أنحاء مجتمع الاستخبارات الأمريكي، بما في ذلك من وكالة المخابرات المركزية.

 

مراجعة الحساب

وأدى تسريب الوثيقة، بحسب صحيفة واشنطن بوست، إلى مطالبات من قبل المشرعين الأمريكيين بـ"إعادة تقييم الحساب" مع مصر.

كما أن تزويد الحكومة الروسية بالأسلحة قد يؤدي إلى فرض عقوبات أمريكية على مصر.

وقال السناتور كريس ميرفي، الذي يعمل في لجنتي العلاقات الخارجية والاعتمادات في مجلس الشيوخ: "إذا كان صحيحًا أن السيسي يبني سرًا صواريخ لروسيا يمكن استخدامها في أوكرانيا، فنحن بحاجة إلى حساب جاد حول حالة علاقتنا".

ونقلت الصحيفة عن سارة مارغون، مديرة السياسة الخارجية الأميركية في مؤسسات المجتمع المفتوح ومرشحة إدارة بايدن لأعلى منصب في مجال حقوق الإنسان في وزارة الخارجية، إن "البيع المتعمد وتسليم الصواريخ إلى الحكومة الروسية، التي ارتكبت مثل هذه الحرب الصريحة وغيرها من الجرائم الفظيعة، أمر يتجاوز المألوف، خاصة بالنسبة لحليف الولايات المتحدة المقرب ظاهريًا".

وقالت إن ما تم الكشف عنه في الوثيقة، إذا كان صحيحًا، يثير تساؤلًا حول ما إذا كان على الولايات المتحدة "مواصلة الدفاع عن مصر ودعمها" إذا كانت حكومة السيسي تسعى إلى بيع من شأنه أن "يخدم احتياجات القاهرة الفورية، ولكن من المحتمل أن يكون له تأثير عالمي سلبي خطير".

ولا تذكر الوثيقة كيف جمعت الحكومة الأمريكية تفاصيل المداولات المصرية.