حذّرت بعض بنوك "وول ستريت" من أن الضغوط المتنامية على الدولار قد تضطر البنك المركزي قريبًا إلى السماح بتخفيض جديد لقيمة العملة.

وقد لا يسعف الوقت حكومة الانقلاب، إذ تواجه ما أسماه بنك "سيتي جروب" طلبًا مكبوتًا متناميًا على الدولار الذي لن يتراجع دون تحلّي العملة بالمزيد من المرونة وزيادة التدفقات الاستثمارية. لم تكن أنصاف الحلول كافية، إذ تعطلت الصفقات ونتج عنها أداء ضعيف للسندات المصرية.

ويعكس حكم السوق أيضًا تدقيقًا في التعهد الذي قدمته مصر في أكتوبر الماضي بالتحرك تجاه سعر صرف مرن، الذي ساعدها على إتمام صفقة مع صندوق النقد الدولي حجمها 3 مليارات دولار. لكن حركة الجنيه كانت مقيّدة لأسابيع، إذ أصبحت الآفاق المستقبلية المتردية للتضخم في البلاد محور تركيز السلطات، خصوصًا بعد رفع أسعار الوقود وقبل أيام قليلة من حلول شهر رمضان، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق مع بلومبرج".

 

ضغوط الدولار لن تخف

ومنذ تخفيض الجنيه في يناير الماضي لم يتحرك كثيرًا بعيدًا عن مستويات الـ 30 جنيهًا للدولار، وبالتالي شكك بعض المحللين في مرونة سعر الصرف التي سبق أن تحدث عنها صندوق النقد منذ عدة شهور بشأن أن تعويم الجنيه يعد شرطًا أساسيًا للموافقة على القرض الذي طلبته مصر.

وفي هذا الإطار، لم يتحرك الجنيه أمام الدولار أي ترحك ملحوظ لليوم الرابع على التوالي، إذ ظل ثابتًا بالقرب من مستويات الـ 30.95 جنيه للدولار، بالتزامن مع توقعات بتخفيض جديد للجنيه خلال هذا الشهر.

وقال سيتي جروب: "إن الوقت قد يكون قصيرًا بالنسبة لمصر، حيث إن ضغوط الطلب على الدولار لن تخف دون مزيد من مرونة العملة وتدفقات استثمارية أقوى. مضيفًا "أن الإجراءات السابقة لم تكن كافية، مما أدى إلى توقف الصفقات وأدى إلى ضعف أداء السندات المصرية"، وفقًا لـ"وكالة بلومبيرج".

وأفاد فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في جولدمان ساكس في مذكرة، بأن تسارع التضخم في مصر يزيد الضغط على العملة، التي تم تداولها "بشكل ثابت نسبيًا" منذ خفض قيمة العملة في يناير "على الرغم من الدلائل الواضحة على استمرار نقص السيولة في العملات الأجنبية".

 

ماذا ينتظر الجنيه؟

قبل المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي هذا الشهر، يشير سوق المشتقات إلى انزلاق أعمق في الجنيه حتى بعد أن أدت ثلاثة تخفيضات في قيمة العملة في العام الماضي إلى تراجع ما يقرب من نصف قيمتها.

قال إدوين جوتيريز، رئيس الديون السيادية للأسواق الناشئة في لندن، إن مصر ستحتاج إلى تخفيف قبضتها على الجنيه "عاجلًا وليس آجلًا"، وفقًا لـ وكالة "بلومبيرج".

وأكد جوتيريز: "إنها لا تزال عملة مُدارة ومُتحكم بها، وهذا ليس ما يريد صندوق النقد".

واستقر سعر الجنيه وفقًا لبيانات البنك المركزي أمام الدولار عند 30.84 للشراء، و30.95 للبيع.

سجل سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك الخاصة مستويات الـ 30.90 للشراء، ومستويات الـ 30.95 للبيع.

وفي البنوك الوطنية، البنك الأهلي وبنك مصر، سجل سعر الجنيه 30.75 للشراء، وللبيع 30.83.

 

توقعات رفع الفائدة

بعد أن أفادت البيانات الصادرة، يوم الخميس الماضي، ارتفاع التضخم في مصر بأكثر من التوقعات، قالت مجموعة "غولدمان ساكس "إن البنك المركزي المصري قد يضطر إلى رفع أسعار الفائدة بما يصل إلى 300 نقطة أساس عندما يجتمع في وقت لاحق من هذا الشهر.

إن رفع أسعار الفائدة بهذا الحجم ليس هو الأول، فمع خفض قيمة الجنيه عدة مرات خلال العام الماضي اضطرت مصر إلى هذه الإجراءات لخفض التضخم. حيث رفع البنك المركزي سعر الفائدة على الودائع القياسية بمقدار 300 نقطة أساس في ديسمبر - وهو أكبر معدل منذ عام 2016 - إلى 16.25٪ لكنه أبقاه عند هذه المعدلات منذ ذلك الحين"، وفقًا لـ"Investing".

قال بنك غولدمان سابقًا إنه لا يستبعد زيادة طارئة في سعر الفائدة استجابة للضغط المتزايد على التضخم والجنيه. حيث قال اقتصاديون في شركة "النعيم للسمسرة" بعد بيانات التضخم الأخيرة إن المركزي المصري قد يعقد "اجتماعًا طارئًا" لزيادة الفائدة بـ 200-300 نقطة أساس.

وفاجأت لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك الأسواق بترك أسعار الفائدة ثابتة الشهر الماضي، قائلة إنها تقيم تأثير 800 نقطة أساس مجتمعة من الزيادات في عام 2022. حيث يستهدف البنك وصول التضخم إلى مستويات الـ 7٪، زائد أو ناقص 2 نقطة مئوية، بحلول الربع الأخير من العام المقبل.

 

شهادات الادخار والتعويم

يترقب عملاء القطاع المصرفي المصري إصدار البنوك شهادات ادخارية جديدة ذات سعر فائدة أعلى من شهادات الـ 25% وذلك مع اقتراب استحقاق شهادات الـ 18% هذا الشهر، بسبب صعود معدلات التضخم إلى مستويات قياسية عند 31.2% بنهاية يناير الماضي.

وغالبًا ما يتزامن إعلان رفع الفائدة مع تعديل محتمل لسعر العملة، خاصة في مصر، وذلك من أجل السيطرة على الأسعار وسحب السيولة من السوق، وهو الأمر الذي حدث في 4 تعويمات سابقة للعملة.

يناير 2023

ويوم 4 يناير الماضي، وعقب قرار البنك المركزي، بإعلان زيادة جديدة بأسعار صرف الدولار، أعلن البنك الأهلي المصري وبنك مصر عن طرح شهادة بسعر فائدة قياسية يصل إلى 25% سنويا وهي الأعلى على مستوى الجهاز المصرفي بهدف تحفيز العملاء على الاستثمار في الجنيه وتقليل صدمة ارتفاع الدولار أمام الجنيه.

وكان سعر الفائدة على الشهادات الجديدة يبلغ نحو 22.5% سنويًا لدورية صرف العائد الشهرية، أو 25% يصرف في نهاية المدة.

وتم طرح الشهادة لمدة سنة واحدة، وكان الحد الأدنى لربط الشهادة يبدأ من أول ألف جنيه. وكانت متاحة للعملاء في فروع البنكين، والقنوات الرقمية (الإنترنت والموبايل البنكي) والكول سنتر (الخط الساخن).

أكتوبر 2022

في أكتوبر من العام الماضي عقد البنك المركزي اجتماعًا استثنائيًا ليقرر فيه تعويم الجنيه للمرة الثانية خلال عام بعد زيادة أسعار الفائدة الرئيسية 200 نقطة أساس.

مارس 2022

وهو الأمر ذاته الذي حدث في تعويم مارس 2022، وذلك عندما رفع البنك المركزي بشكل مفاجئ أسعار الفائدة 100 نقطة أساس في 21 مارس 2022، وبعدها بساعات حدث تعويم للعملة. حيث وصل سعر عائد الإقراض لليلة واحدة عند 10.25% وسعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 9.25%. وقفز الدولار حينها سعر الدولار إلى 18.50 جنيه في تداولات الثلاثاء 22 مارس 2022 بعدما كان يحوم قرب مستويات الـ 15.50.

الأول.. 2016

وأيضًا ارتبط رفع الفائدة بتعويم منذ 2016 عندما تم رفع فائدة الإيداع والإقراض لليلة واحدة 300 نقطة أساس مرة واحدة إلى 14.75% و15.75% على الترتيب بالتزامن مع تحرير أسعار الصرف، حيث قفز الجنيه حينها فوق مستويات الـ 13 جنيهًا، مقابل 8.88 جنيهات قبل التعويم.