ارتفع سعر الدولار في البنوك الرسمية بكل دوري خلال الأسبوع الماضي، وقفز سعر الدولار الخميس الماضي في البنك المركزي إلى مستوى 30.84 جنيه للشراء، مقابل 30.96 جنيه للبيع.

وزاد الدولار في مصرف أبوظبي الإسلامي، إلى نحو 30.88 جنيه للشراء، مقارنة بنحو 30.93 جنيه للبيع.

وفي 22 بنكًا بقيادة البنك التجاري الدولي مصر، وبنك القاهرة، ارتفع سعر صرف الدولار إلى نحو 30.85 جنيه للشراء، مقابل 30.95 جنيه للبيع. وجاء أقل سعر لصرف الدولار في 3 بنوك بقيادة البنك الأهلي المصري وبنك مصر، عند مستوى 30.75 جنيه للشراء، و30.85 جنيه للبيع.

في المقابل، عادت السوق السوداء (الموازية) إلى الحضور بكثافة مرة أخرى، خاصة مع توالي توقعات البنوك العالمية بقرب تخفيض سعر الجنيه (التعويم) مقابل الدولار رسميًا.

وسجل سعر صرف الدولار في السوق الموازية أسعارًا تتراوح ما بين 34 إلى 35 جنيهًا، فيما تتم العمليات بشكل محدود وعلى نطاقات ضيقة، وفقًا لـ"العربية.نت".

ورصدت "investing" 9 مؤشرات تدل على أن الجنيه سوف يشهد تراجعًا خلال الفترة القادمة، وجاءت كما يلي:

 

مراجعة صندوق النقد

شكلت أزمة شح النقد الأجنبي، والارتفاعات المستمرة للتضخم بفعل انخفاضات العملة المحلية، بجانب ترقب دول الخليج وعدم دخولهم في صفقات جديدة لشراء شركات مصرية - ضغوطًا أمام مسار الإصلاح لحكومة الانقلاب.

وحاولت الحكومة تنفيذ شروط صندوق النقد عن طريق اتباع سعر صرف مرن والتوقف عن دعم المبادرات التمويلية المنخفضة، وتقليل مشاركة الحكومة في النشاط الاقتصادي مع إفساح المجال أمام القطاع الخاص، إضافة إلى خفض الإنفاق على المشروعات الحكومية ذات المكون الدولاري، بجانب عن تحريك أسعار الوقود.

 

فجوة التمويل

يقدر صندوق النقد الدولي فجوة التمويل الخارجي في مصر بنحو 17 مليار دولار طوال البرنامج الذي يستمر 46 شهرًا، ومن المتوقع أن تفتح الصفقة حوالي 14 مليار دولار أخرى من الشركاء الدوليين والإقليميين.

قبل المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار المزمعة هذا الشهر، يشير سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم إلى انزلاق أعمق في الجنيه. انخفض عقد العملة لمدة شهر واحد بنحو 4٪ منذ نهاية فبراير إلى 32.7 للدولار، بينما بلغ العقد لمدة 12 شهرًا حوالي 38 جنيهًا، وفقًا لبلومبرج.

كما فقد الجنيه ما يقرب من نصف قيمته بعد ثلاث تخفيضات في قيمة العملة في العام الماضي وتم تداوله بالقرب من 30.9 مقابل الدولار أمس الخميس.

 

بيع المزيد من الأصول

قال جوردون باورز، المحلل المقيم في لندن في شركة Columbia Threadneedle Investments: "إن مصر بحاجة إلى بيع الأصول وتبني سعر صرف مرن خلال العامين المقبلين لسد فجوة التمويل الخارجي وتجنب التخلف عن السداد".

وتابع باورز: "إن الفشل في تنفيذ هذه الإصلاحات يزيد بشكل كبير من المخاطر متوسطة الأجل المتمثلة في الحاجة إلى شكل من أشكال تخفيف الديون". "نعتقد أن مخاطر التخلف عن السداد على المدى القريب محدودة، وعلى المدى المتوسط أكثر غموضًا".

وأكد على أن النقطة المحورية التالية للسندات المصرية ستتمحور حول مبيعات الأصول، وأي تأخير هناك من المقرر أن يعمق الأزمة ويلقي بظلال من الشك على استعداد السلطات لتنفيذ الإصلاحات.

 

ضغوط على الجنيه

قال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في بنك غولدمان بلندن: "إن احتواء توقعات التضخم، وتحسين السيولة المحلية للعملات الأجنبية لتخفيف الضغط المزمن على الجنيه، سيتطلب من البنك المركزي اتباع سياسة نقدية أكثر صرامة في الأشهر المقبلة".

وقال: "خطر حدوث المزيد من الضعف في الجنيه على المدى القريب ما زال مرتفعًا"

فيما توقع محمد كمال، عضو مجلس إدارة شركة "ايليت" للاستشارات المالية، استمرار الضغوط على الجنيه خلال الفترة الحالية، والاتجاه نحو تخفيض قيمته بنحو 10% أمام الدولار.

وقال: "إن البنك المركزي يتبع سياسة أكثر مرونة فيما يتعلق بسعر صرف الجنيه أمام الدولار، وهو ما قد يدفع لمزيد من التراجع في قيمة العملة المحلية بسبب ازدياد فاتورة الاستيراد وسط شح العملة الأجنبية بعض الشيء".

وأضاف أنه يوجد بعض الصعوبات في الحصول على النقد الأجنبي من البنوك في مصر، وهو ما يؤثر على سعر الصرف، قائلًا: "السوق السوداء للعملة تشهد تحركات مختلفة حاليًا عن السوق الرسمية".

 

عودة السوق السوداء

أوضحت وكالة "بلومبرج" أن آخر تخفيض لقيمة العملة، في يناير، أدى إلى تجميد مؤقت للنشاط في السوق السوداء. لكن التداول في السوق السوداء انتعش مرة أخرى مع توقع انخفاض آخر في السعر الرسمي.

وعادت الفجوة بين سعر صرف الجنيه الرسمي، وسعر العقود الآجلة غير القابلة للتسليم للاتساع مرة أخرى، بعدما تراجعت تكلفة التأمين على الديون المصرية إلى أدنى مستوياتها خلال العام الحالي، وسط مخاوف من المخاطر المحيطة بالاقتصاد، وسياسات التشديد النقدي من جانب البنوك المركزية الرئيسة في العالم لمكافحة التضخم.

 

أزمة تكدس البضائع

عادت أزمة تكدس البضائع في الموانئ المصرية نتيجة صعوبة توفير الدولار، ولكن بوتيرة أقل من المرة السابقة، وفقا لما ذكره مستوردون لموقع "CNN".

وأرجع المستوردون السبب إلى المضاربة على الدولار في السوق السوداء بعد انتشار أنباء عن تخفيض جديد في قيمة الجنيه، فيما تدرس حكومة الانقلاب بدائل عدة لزيادة حصيلتها الدولارية، منها دراسة بيع حصص من الشركات المقيدة في البورصة، إضافة إلى برنامج الطروحات السابق الإعلان عنه.

وقال أحمد شيحة، عضو شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، إن أزمة تراكم البضائع عادت مرة ثانية خلال آخر 10 أيام، ولكن بوتيرة أقل من المرة السابقة، نتيجة البطء في تدبير العملة الأجنبية مما أدت إلى تكدس نسبي في الموانئ، متوقعًا عودة مستويات الإفراج عن البضائع لمعدلاتها الطبيعية خلال فترة من 7-10 أيام، حال القضاء على ظاهرة المتاجرة في العملة الأمريكية في السوق المحلي.

 

اجتماع تسعير الفائدة

بعد أن أفادت البيانات الصادرة، الخميس الماضي، بارتفاع التضخم في مصر بأكثر من التوقعات، قالت مجموعة "غولدمان ساكس (NYSE:GS)" إن البنك المركزي قد يضطر إلى رفع أسعار الفائدة بما يصل إلى 300 نقطة أساس عندما يجتمع في وقت لاحق من هذا الشهر.

إن رفع أسعار الفائدة بهذا الحجم ليس هو الأول، فمع خفض قيمة الجنيه عدة مرات خلال العام الماضي اضطرت مصر إلى هذه الإجراءات لخفض التضخم. حيث رفع البنك المركزي سعر الفائدة على الودائع القياسية بمقدار 300 نقطة أساس في ديسمبر - وهو أكبر معدل منذ عام 2016 - إلى 16.25٪ لكنه أبقاه عند هذه المعدلات منذ ذلك الحين.

قال بنك غولدمان سابقًا إنه لا يستبعد زيادة طارئة في سعر الفائدة استجابة للضغط المتزايد على التضخم والجنيه. حيث قال اقتصاديون في شركة "النعيم للسمسرة" بعد بيانات التضخم الأخيرة إن المركزي قد يعقد "اجتماعًا طارئًا" لزيادة الفائدة بـ 200-300 نقطة أساس.

وفاجأت لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك الأسواق بترك أسعار الفائدة ثابتة الشهر الماضي، قائلة إنها تقيم تأثير 800 نقطة أساس مجتمعة من الزيادات في عام 2022. حيث يستهدف البنك وصول التضخم إلى مستويات الـ 7٪، زائد أو ناقص 2 نقطة مئوية، بحلول الربع الأخير من العام المقبل.

 

التخلف عن السداد

ارتفعت مقايضات التخلف عن السداد الائتمانية في مصر، المستخدمة للتأمين ضد عدم السداد، بأكبر عدد في جميع أنحاء العالم بعد الإكوادور في الشهر الماضي، حيث تظهر علامات على التراجع في سوق السندات مرة أخرى. وذلك بعد أن أظهرت المشتقات خطر حدوث انخفاض آخر في قيمة العملة في الفترة المقبلة، وفقًا لوكالة بلومبرج.

ودفعت الشكوك حول تقدم مصر في متابعة مبيعات الأصول والتزامها بسعر صرف أكثر مرونة الفروق في بعض سندات الحكومة ذات الاستحقاق الأطول إلى حوالي 1000 نقطة أساس فوق سندات الخزانة الأمريكية، وهو ما يعد الحد الفاصل لاعتبار الديون متعثرة.

إضافة إلى الأدلة على قلق المستثمرين، تبلغ تكلفة التأمين على ديون البلاد مقابل التخلف عن السداد حوالي 1185 نقطة أساس، ارتفاعًا من أدنى مستوى في تسعة أشهر عند حوالي 720 نقطة تم الوصول إليها في يناير، وفقًا للوكالة.

 

عبء الديون

تتوقع حكومة الانقلاب أنه بحلول نهاية السنة المالية في يونيو أن تصل الديون إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يظهر ارتفاع معدل الدين خلال السنوات القليلة الماضية والذي تريد الحكومة خفضه إلى 75% بحلول عام 2026.

وتؤدي مدفوعات الديون الخارجية وفوائدها إلى فجوة كبيرة في التمويل الخارجي. وتمثل الفجوة التمويلية الفرق بين العرض والطلب فيما يتعلق بالتمويل بالعملة الأجنبية. ويجب على مصر أن تسدد لصندوق النقد الدولي وحده 11.4 مليار دولار خلال السنوات الثلاث القادمة.

وأدت أعباء المديونية الثقيلة، وارتفاع أسعار الفائدة، وضعف العملة، إلى زيادة تكلفة خدمة الدين. ومن المتوقع أن تستحوذ مدفوعات الفوائد على الديون أكثر من 45% من إجمالي الإيرادات في السنة المالية التي تنتهي في يونيو القادم.