توقعت كبار البنوك في أوروبا أن يكون شهر مارس القادم شهرًا حاسمًا للاقتصاد الوطني، وأن يعاني الجنيه فيه من هبوط أكبر قد يصل إلى 35 جنيهًا للدولار الواحد.

 

"سوسيتيه جنرال" يتوقع تراجع الجنيه 10%

توقع بنك "سوسيتيه جنرال"، حدوث تراجع آخر في سعر صرف الجنيه خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى متوسط 34 جنيها لكل دولار واحد.

وذكر البنك في مذكرة بحثية صادرة، الأحد، أن سعر الصرف الحالي للجنيه، أعلى من قيمته الحقيقية بنسبة 10%، مشيرًا أن سعر 34 جنيهًا قد يكون واقعًا بحلول نهاية مارس المقبل.

وبرر البنك ذلك، إلى حاجة مصر لعملة أرخص من الحالية وسط ارتفاع العجز في الحساب الجاري وميزان المدفوعات للعام الحالي، وفقًا لـ"الأناضول".

وزاد: "على الرغم من فقدان الجنيه 50% خلال العام الماضي، بعد خفض قيمته ثلاث مرات، فإن العملة لم تصل بعد إلى سعر صرف متوازن قصير الأجل".

ونفذ البنك المركزي ثلاث عمليات خفض لسعر صرف الجنيه منذ مارس 2022، من 15.7 جنيهًا، وصولًا إلى المستوى الحالي البالغ قرابة 30.5 جنيهًا.

وبحسب المذكرة، "نتمسك بتوقعاتنا للدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري، التي تُعبّر عن الاحتمالية المتزايدة لحدوث خفض حاد آخر في قيمة العملة في المدى القريب".

 

تشارتد يتوقع الهبوط إلى 35.. في هذه الحالة

ومن جهتها، ربطت كارلا سليم، اقتصادية تشارتد ستاندرد المختصة بالشؤون الاقتصادية في الشرق الأوسط، توقعاتها بعاملين الأول وهو إصدار صكوك لجمع الأموال الساخنة والثاني هو دخول الأموال الساخنة من مستثمرين الخليج إلى مصر.

وإلى الآن يبدو أن مصر تأخذ خطوات واسعة في إصدارها للصكوك، حيث أصدرت صكوك إسلامية بقيمة 1.5 مليار دولار بفائدة تجاوزت الـ 11% وبلغت قيمة الاكتتاب 6.1 مليار جنيه وهي ستة أضعاف القيمة المرصودة، وفقًا لـ"Investing".

وقالت كارلا إن التأخير في توفر الأموال الساخنة قد يدفع الجنيه للهبوط مقابل الدولار إلى مستويات الـ 33-35 لتحفيز الاستثمارات الخليجية للدخول وإعادة الأموال الساخنة من جديد للاقتصاد الوطني.

 

شروط صندوق النقد

قالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر، إيفانا فلادكوفا هولار، في حوار سابق مع جريدة الأهرام أونلاين (الناطقة بالإنجليزية) أن الهدف الرئيس من الدعم هو مساعدة مصر على تخطي أزمتها التي تعمقت نتيجة وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

وأوضحت أن برنامج الإصلاح المالي الذي يفرضه صندوق النقد مع الدين (المقدر بـ 3 مليار دولار) يضع على قمة أولوياته التالي:

1- تحرير سعر الصرف

2- توقف عمليات دعم خطط الإقراض من قبل المركزي المصري

3- اعتماد الضبط المالي وإدارة الديون لضمان مسار تنازلي في الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي.

4- احتواء الاحتياجات التمويلية الإجمالية وسد فجوة التمويل.

5- تخارج الحكومة والجيش من المشاريع الاقتصادية

6- فتح مساحة أكبر للخصخصة وتنشيط القطاعات الخاصة.

7- تبني سياسة نقدية متشددة (فائدة مرتفعة) لخفض التضخم

 

ما الذي حققته مصر وتوقعات الخبراء للمراجعة؟

توقع بعض من خبراء الاقتصاد أن تنجح مصر في اجتياز المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي والتي ستسبق صرف الشريحة الثانية من القرض والتي تقدر بـ 347 مليون دولار من صندوق النقد الدولي وكذلك قرض صندوق الصلابة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي بواقع نحو 1.3 مليار دولار، ليبلغ إجمالي ما تنتظره مصر في شهر مارس حوالي 1.65 مليار دولار.

وتحدثت رئيس قسم البحوث بشركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار، لجريدة الشروق لتؤكد أن البنك المركزي نجح من خلال تحرير سعر صرف الجنيه في تقويض السوق السوداء، تزامنًا مع إلغاء العمل بالاعتمادات المستندية للاستيراد خاصة لمدخلات الإنتاج وهو ما سمع بالاستيراد من خلال مستندات التحصيل وإنهاء أزمة الشحنات المكدسة بالموانئ.

وصرح مصطفى شفيع، خبير أسواق المال، أن الحكومة خفضت بالفعل من قيمة الجنيه مقابل الدولار الأمريكي وهو ما قد يدعم موقفها أمام صندوق النقد، إلا أنه ستكون هناك تخوفات من قبل الصندوق من استمرار التزام مصر بهذه الإجراءات خلال الفترة المقبلة.

وأضاف أن الخطوة الأكبر التي قام بها الاقتصاد هو إعلانه عن قائمة الشركات التي ستطرحها الحكومة بالبورصة من أجل التأكيد على زيادة إسهام القطاع الخاص، لكنها أيضًا لم تنفذ بنود الوثيقة ولم تبدأ بعد في تنفيذ أي طروحات للشركات الحكومية.

وتوقع شفيع أن تركز المراجعة الثانية من صندوق النقد الدولي على وضع جدول زمني للانتهاء من تلك الإصلاحات حتى يحقق برنامج الصندوق النجاح المأمول منه.

وفى مطلع فبراير الجاري، أعلن رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، عن طرح نحو 32 شركة في العديد من القطاعات سواء لمستثمر استراتيجي أو الطرح في البورصة خلال عام 2023. ولم يتم حتى الآن الطرح الفعلي لأي منهم في البورصة.

 

صعوبات تواجه مصر

وعلى الرغم من ذلك، إلا أن هناك العديد من الصعوبات التي تواجه مصر خلال الفترة القادمة، ومن أهمها:

1 - اختيار البنك المركزي الإبقاء على أسعار الفائدة دون حراك في اجتماع المركزي الماضي رغم ارتفاع التضخم (التضخم الأساسي سنويًا وصل 31% حسب البيانات الرسمية)، وهي سياسة معاكسة لإرشادات صندوق النقد والسياسة الاقتصادية النيوليبرالية في علاج التضخم.

2 - استياء صندوق النقد تجاه صدور قرار جمهوري بتخصيص 2 كم على جانبي 31 طريقا للقوات المسلحة، لمعاكسة هذا القرار لتخارج حكومة الانقلاب والقوات المسلحة من الاقتصاد واتاحة فرص أكبر للقطاع الخاص، وفقًا لـ"صحيفة بلومبرج الشرق".

3 - قد تحتاج مصر إلى خفض جديد في قيمة الجنيه لضمان دخول الاستثمارات الخليجية وعودة الأموال الساخنة، حيث إن تدفقات الأموال الساخنة من مستثمري دول الخليج لم تعد بعد إلى الاقتصاد.