هل تخرج قمة العقبة الخماسية جنوبي الأردن بأي نتائج ملموسة على الأرض من أجل خفض التوتر في الضفة الغربية المحتلة قبل حلول شهر رمضان؟

اتفقت آراء المحللين بأن إسرائيل لا تحترم تعهداتها وستنسف كل ما سيتم التوصل أو الاتفاق عليه، وأن القمة لن تكون في صالح الفلسطينيين بالرغم من كل محاولات تسويق ذلك.

بينما رأى بعض المحللين أن القمة جاءت فقط للضغط على السلطة الفلسطينية لترويضها، وكي تتلاءم مع الحكومة الصهيونية اليمينية الحالية وتلبي كل المتطلبات الأمنية للكيان الصهيوني، وسيبقى الوضع على ما هو عليه.

ونستعرض في هذا التقرير أهم ما يمكن أن تصل إليه هذه القمة وفق آراء المحللين.

 

الظروف السياسية قبل القمة

حالة من الترقب وسيل من التكهنات يكتنف انعقاد قمة العقبة الخماسية جنوبي الأردن، اليوم الأحد، لمناقشة خطة أمنية أمريكية لخفض التوتر في الضفة الغربية المحتلة قبل حلول شهر رمضان.

وإلى جانب الأردن، يشارك في القمة ممثلون عن السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني والولايات المتحدة ومصر، في ظل توتر شديد تشهده الضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس الشرقية.

ومنذ بداية العام الجاري، قُتل ما يزيد عن 60 فلسطينيًا برصاص صهيوني، بينهم 11 قُتلوا خلال اقتحام الجيش الإسرائيلي مدينة نابلس (شمال) الأربعاء.

وردا على هذه الاعتداءات، ينفذ فلسطينيون عمليات إطلاق نار، لاسيما في القدس المحتلة، ما أودى إجمالا بحياة 10 صهاينة.

والخميس، عمّ الأراضي الفلسطينية إضراب شامل تنديدا بـ"مجزرة نابلس"، التي حاول الكيان الصهيوني تبريرها بالبحث عمَن تسميهم مطلوبين أمنيا، لاسيما من مجموعة "عرين الأسود" التي تقول إنها تنفذ هجمات ردا على الاعتداءات الصهيوينة المتواصلة.

وتوافق محللون سياسيون، في أحاديث منفصلة مع الأناضول، على أن قمة العقبة الأمنية لن تقود إلى نتائج ملموسة، وإنما تهدف إلى توفير الهدوء خلال رمضان (بعد أقل من شهر).

لكن في ظل حكومتها اليمينية الحالية، فإن الكيان الصهيوني لن يلتزم بنتائج القمة، فلن توقف الاستيطان واقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، واقتحام المدن الفلسطينية، وفق المحللين، وفقًا لـ"الأناضول".

والسبت، نقل تلفزيون "المملكة" الأردني الحكومي عن مصدر وصفه بالمطلع إن "الأردن سيستضيف الأحد اجتماعا فلسطينيا صهيونيًا سياسيا أمنيا في مدينة العقبة جنوبي البلاد، لمناقشة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية".

وقال مصدر فلسطيني مطلع، طلب عدم نشر اسمه، إن القيادة الفلسطينية حسمت مساء الجمعة قرارها لصالح المشاركة في الاجتماع "بعد حصولها على تطمينات بوقف التصعيد الصهيوني ووقف جرائم الاحتلال".

فيما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن القمة "من المتوقع أن تناقش الخطة الأمريكية لخفض حالة التوتر في الضفة الغربية وإنهاء المقاومة المسلحة فيها".

ومنذ سنوات، يشهد شهر رمضان تصعيدا للتوتر جراء تضييقات إسرائيل على المصلين في المسجد الأقصى والقدس الشرقية عامة، بالإضافة إلى اقتحامات المستوطنين للمسجد في حماية الشرطة الصهيونية.

 

نتائج غير ملموسة

واستبعد مدير مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس أحمد رفيق عوض أن تخرج قمة العقبة بأي نتائج ملموسة على الأرض.

وعلل عوض رأيه بقوله إن "إسرائيل لا تحترم تعهداتها، ونسفت قبل أيام تعهدات توصلت إليها مع السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، واقتحمت نابلس وقتلت 11 فلسطينيا وجرحت 100".

كما أن "الحكومة الإسرائيلية الحالية بسبب تركيبتها وأيديولجيتها لن تعطي السلطة الفلسطينية شيئا، فهي لا تحترم السلطة ولا تقيم لها وزنا وترغب بإضعافها وإفقارها وإحراجها"، بحسب عوض.

وفي 29 ديسمبر الماضي، منح الكنيست الإسرائيلي الثقة لحكومة جديدة برئاسة بنيامين نتنياهو توصف بأنها "الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل"، لاسيما على صعيد سياساتها المناهضة للشعب الفلسطيني.

واستطرد عوض: "لا يوجد ضامن لنتائج الاجتماع، فأمريكيا أثبتت أنها داعم للكيان الصهيوني، والأطراف العربية لا تستطيع أن تعطي ضمانات للسلطة الفلسطينية، وبالتالي لن تؤدي القمة إلى نتائج، وإذا كان هناك نتائج سوف تكون غامضة ولن تُحترم أصلا".

وموضحا مضى قائلا إن "نتائج القمة ستكون عبارة عن وعود غامضة وفضفاضة ولا ضامن لها، فلن تتعهد إسرائيل بوقف الاستيطان ولا الاقتحامات للمدن الفلسطينية ولن تتوقف عن اقتحام المسجد الأقصى".

ومنذ أبريل 2014، توقفت المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني جرّاء رفض تل أبيب وقف الاستيطان وإطلاق دفعة من المعتقلين الفلسطينيين، بالإضافة إلى تنصلها من مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).

وإذا كان هناك شيء يمكن أن تتعهد به إسرائيل، وفق عوض، "فهو مؤقت خلال شهر رمضان؛ لأن الكيان الصهيوني يريد الهدوء خلال رمضان، وبالتالي هذه قمة لخدمة الصهاينة أكثر مما هي لخدمة الفلسطينيين".

 

إرادة الشارع الفلسطيني

متفقا مع عوض، رجح أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية عثمان عثمان أن نتائج القمة لن تكون في صالح الفلسطينيين بالرغم من كل محاولات تسويق ذلك.

وقال عثمان إن "إسرائيل لن تلتزم بأي مخرجات عن القمة.. لن تلتزم في ظل الحكومة الحالية بوقف الاستيطان، فالحكومات المعتدلة في إسرائيل لم توقف الاستيطان".

عثمان اعتبر أن "الهدف من هذه القمة هو ضرب المقاومة المسلحة في جنين ونابلس (شمالي الضفة) وكبح جماحها قبل شهر رمضان".

وأعربت فصائل فلسطينية، بينها فصائل في منظمة التحرير، عن رفضها مشاركة السلطة في قمة العقبة.

واعتبر عثمان أن مشاركة الوفد الفلسطيني تؤكد بأنه لا يوجد قرار سيادي فلسطيني قطعيا، والسلطة تابعة إما للولايات المتحدة وإسرائيل أو المنظومة العربية التي تسمى "معتدلة"، وتدور في فلك الولايات المتحدة، مثل مصر والسعودية والأردن.

وقرار المشاركة، وفق عثمان، اتُخذ بشكل فردي من جانب الرئيس محمود عباس، وهو قرار منافي لتوجهات الشعب الفلسطيني وللهبة الجماهيرية الشعبية التي تتصاعد.

 

لا التزامات إسرائيلية

بدوره، قال المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور إن ما جمع هذه الأطراف في هذا التوقيت هو خشيتهم من تفجر الأوضاع مع اقتراب رمضان.

وأضاف منصور – في تصريحاته للأناضول - أن هذه القمة جاءت للضغط على السلطة الفلسطينية لترويضها، وكي تتلاءم مع الحكومة الصهيونية اليمينية الحالية وتلبي كل المتطلبات الأمنية لإسرائيل وبقاء الوضع على ما هو عليه، على أمل أن يمر رمضان بهدوء، وبعدها لكل حادث حديث.

وعن المدى الزمني المتوقع لهذه الخطة الأمنية، اعتبر أنه قصير، وستتعامل معها إسرائيل بانتقائية ودون جدية ودون أن تُلزم نفسها بصيغ واضحة، كأن يقال: تقليص الاقتحامات، وهذا يخضع للتفسير دون إشارة واضحة إلى وقف الاقتحامات.

وتابع أن إسرائيل تعتبر أن القمة لا تخصها، وإنما تخص السلطة الفلسطينية وحفاظها على الأمن في مناطقها، وكأن هذا الشأن لا يخص إسرائيل حتى لا تقدم التزامات مقابل ذلك.

ومتفقا مع عوض وعثمان، ختم منصور بأن إسرائيل لن تقدم تعهدات بتوفير تسهيلات للسلطة ووقف الاستيطان والاقتحامات في ظل الحكومة الحالية.. إسرائيل لن تقدم شيئا في القمة، وفي الوقت نفسه لن توقف هذه القمة التشكيلات المسلحة في الضفة الغربية.