خفضت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" تقييم ودائع أكبر خمسة بنوك محلية درجة واحدة هي "البنك الأهلي المصري"، "بنك مصر"، "البنك التجاري"، "بنك القاهرة" و"بنك الإسكندرية".

وقالت "موديز" في بيانها، الخميس الماضي، إن هذا التخفيض يعكس قدرة البنوك على سداد التزاماتها نحو الودائع بالعملة المحلية والأجنبية، وذلك بعد يومين فقط من خفض تصنيف مصر الائتماني إلى درجة متدنية.

وهبط تصنيف البنوك الأربعة إلى "B3" بدلا من "B2"، وهبط تقييم "بنك الإسكندرية" إلى "B2" بدلا من "B1"، كما يعكس التقييم الائتماني الخسائر المالية المتوقَعة من التعثر في سداد الالتزامات المتعلقة بالودائع طويلة الأجل، وقدرتها على تجنب التعثر في الوفاء بأحد التزاماتها.

 

أسباب هذا التخفيض

يعكس تخفيض "موديز" تقييمها طويل الأجل لخمسة بنوك مصرية:

1 - ضعف بيئة ممارسة النشاط، كما يظهر في تخفيض "موديز" تقييم مصر الكلي إلى "ضعيف جدًا+" بدلًا من "ضعيف -".

2 - الارتباط القوي بين ميزانية البنوك وضعف الجدارة الائتمانية السيادية – مثلما يظهر من تخفيض تقييم الديون السيادية إلى "B3" بدلًا من "B2" – في ضوء حيازة البنوك كمية كبيرة من أوراق الدين الحكومية.

 

تراجع القدرة على امتصاص الصدمات الخارجية

هبطت "موديز" أيضًا بالتقييم الائتماني الأساسي (Baseline Credit Assessments) للبنوك الخمسة إلى "b3" بدلًا من "b2". وفي الوقت نفسه؛ غيّرت نظرتها المستقبلية إلى تقييم ودائع البنوك من "سلبية" إلى "مستقرة".

يمثل التقييم الائتماني الأساسي رأي "موديز" في قدرة الجهة المصدرة الذاتية من دون دعم خارجي أو استثنائي أو أي مساندة من حكومة الانقلاب على تجنب التعثر في الوفاء بأحد التزاماتها، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق".

يأتي ذلك في أعقاب تخفيض "موديز" تقييم إصدارات حكومة الانقلاب إلى "B3" بدلًا من "B2" مع نظرة مستقبلية "مستقرة" بدلًا من "سلبية"، مما يعكس تراجع قدرة مصر على امتصاص الصدمات الخارجية.

 

الضغط على أرباح البنوك ومعدل السيولة لديها

وقالت "موديز"، إنَّ مراجعة تقييمها الكلي لمصر تعكس توقّعها بأنَّ ضغوط السيولة بالعملة الأجنبية، مع ارتفاع أسعار الفائدة ومعدلات التضخم سوف تضعف ثقة المستهلك، وقدرة المقترضين على سداد قروضهم، مع رفع تكلفة التمويل بالنسبة للبنوك.

تضغط هذه العوامل بدورها على أرباح البنوك وجودة أصولها ومعدل السيولة لديها من العملات الأجنبية، مما يمثل تحديًا لأدائها المالي الذي ما زال قويًا حتى الآن.

استثمار البنوك بكثافة في أوراق الدين الحكومية الذي تتراوح نسبته من إجمالي أصولها بين 25% و43%، وفقًا لـ"موديز"، يربط التقييم الائتماني لهذه البنوك بتقييم الجدارة الائتمانية للحكومة.

أوضحت المؤسسة أنَّ تقييم الودائع البنكية طويلة الأجل لـ"بنك الإسكندرية"، خلافًا للبنوك الأربعة الأخرى، يظل مرتفعًا عن التقييم السيادي بدرجة عند "B2"، استنادًا إلى الدعم الذي يتلقاه من بنك "إنتيسا سان باولو" الذي يملك فيه حصة الأغلبية.

 

انخفاض تدفق الاستثمار الأجنبي

وحول أهم التداعيات المتوقعة من تخفيض "موديز" لتصنيف 5 بنوك مصرية، قال الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، إن "تخفيض التصنيف الائتماني السيادي والتجاري يعني بالنسبة للحكومة والبنوك تخفيض فرص الحصول على الائتمان، وارتفاع تكلفته، وانخفاض تدفق الاستثمار الأجنبي".

وتوقع "أن ينعكس ذلك بشدة على سوق الأوراق المالية الحكومية في الأسبوع القادم بارتفاع أسعار الفائدة على أذون الخزانة والسندات، كذلك فإن البنوك أصبحت تواجه هي أيضًا مخاطر انخفاض السيولة"، وفقًا لـ"عربي 21".

وبشأن تأثير ذلك على ودائع العملاء بالعملات الأجنبية، أوضح نوار: "بالنسبة لودائع العملاء أظنها داخل حدود آمنة في الوقت الحاضر، لكن يتعين على البنوك تخفيض انكشافها على سوق الديون الحكومية. وهذه معضلة كبيرة لأن البنوك تستخدم حوالي 50% من السيولة القابلة للإقراض في سوق الأوراق المالية الحكومية مقابل ما يتراوح بين 20% - 25% في إقراض القطاع الخاص".

 

ارتفاع خطر الأمان على الودائع

رأى المحلل الاقتصادي، محمد السيد، أن التصنيف الائتماني الذي صدر عن موديز بتخفيض المستوى الائتماني لمصر B3 لم يأت من فراغ وكان متوقعًا؛ فديون مصر الخارجية تفاقمت، والفجوة التمويلية زادت إلى مستوى كبير، وفي قلب هذه الأزمة البنوك المصرية أيضًا التي بسياسات البنك المركزي باتت تعاني من نقص شديد في السيولة".

وأكد أن "التأثير السلبي طال البنوك المصرية؛ لأنها تشتري بكثافة السندات التي يصدرها البنك المركزي لتمويل عجز الموازنة "الدين الحكومي" وتتراوح قيمتها ما بين 25% إلى 45% من حجم الأصول، وهذا بالطبع ينعكس على الوضع المالي للبنوك بالسلب"، وفقًا لـ"عربي 21".

وحذر المحلل الاقتصادي من مغبة "انكشاف البنوك بقوة على أدوات الدين الحكومية حيث تعد ودائع المواطنين بالعملة الأجنبية والمحلية هي المصدر الرئيس لتلك البنوك لإقراض الحكومة، واستمرار تراجع الأصول بالسالب يهدد بتعثرها بشكل يضر بالأرباح والسيولة معا، وحتى لا يوجد خطر حقيقي على الودائع لكنه ليس بعيدًا في حال حدوث أزمة مفاجئة غير متوقعة".

 

تخفيض تصنيف مصر السيادي

وكانت موديز قد خفضت تصنيف مصر السيادي درجة واحدة إلى B2 نم B3

الثلاثاء، مشيرة إلى تراجع احتياطياتها من النقد الأجنبي وقدرتها على امتصاص الصدمات الخارجية.

وغيرت الوكالة نظرتها المستقبلية لمصر إلى مستقرة من سلبية، وفقًا لـ"سكاي نيوز". وقالت إنها لا تتوقع انتعاش السيولة في مصر وتحسن وضعها الخارجي سريعًا".

ولا تزال مصر تواجه نقصا في النقد الأجنبي على الرغم من السماح للجنيه بالانخفاض الحاد في الأشهر القليلة الماضية.

وكان احتياطي مصر من النقد الأجنبي قد ارتفع للشهر الخامس على التوالي في يناير الماضي مسجلا 34.224 مليار دولار مقابل نحو 34 مليار دولار في ديسمبر الماضي بحسب بيانات رسمية.

ورغم تلك الزيادة لا يزال الاحتياطي النقدي لمصر منخفضا بنسبة 16.5 بالمئة على أساس سنوي، إذ سجل الاحتياطي نحو 41 مليار دولار في يناير 2022.

كما خفضت الوكالة سقوف العملة المحلية لمصر إلى Ba3 من Ba2.