قال علماء الزلازل إن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا أمس بقوة 7.7 درجات بمقياس ريختر، وتبعه زلزال آخر بعد دقائق بقوة 7.6 بمقياس ريختر. وقد يكون أحد أكثر الزلازل تسببًا في وقوع ضحايا خلال العقود الماضية، حيث تسبب في صدع يمتد طوله لما يزيد على 100 كيلومتر بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية.

5100 قتيل في تركيا وسوريا

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حالة الطوارئ، اليوم الثلاثاء، في عشرة أقاليم دمرها زلزالان. وتابع إن "زلزال مرعش الذي وقع فجر الاثنين، يعد أكبر كارثة شهدتها البلاد منذ زلزال أرزينجان عام 1939". وارتفع عدد القتلى من الجانبين التركي والسوري إلى أكثر من 5100 قتيل، والأعداد مرشحة لتزايد كبير خلال الأيام القادمة.

وارتفع عدد قتلى الزلزال في تركيا إلى 3549 شخصًا. وتقول السلطات التركية إن نحو 13.5 مليون شخص تضرروا في منطقة مساحتها نحو 450 كيلومترًا من أضنة في الغرب إلى ديار بكر في الشرق وفي 300 كيلومتر من ملاطية في الشمال إلى خطاي في الجنوب.

وأعلنت حكومة بشار في سوريا عن وقوع قتلى وصولًا إلى حماة التي تقع على بعد نحو مئة كيلومتر عن مركز الزلزال. وقالت حكومة بشار وعناصر الدفاع المدني في شمال غرب البلاد الخاضع لسيطرة المعارضة إن عدد قتلى الزلزال يتجاوز 1602.

مركز زلزال شرق المتوسط

كان مركز الزلزال على بعد 26 كيلومترًا تقريبًا شرقي مدينة نورداي التركية وعلى عمق نحو 18 كيلومترًا عند فالق شرق الأناضول. وأطلق الزلزال موجات باتجاه الشمال الشرقي، مما تسبب في حدوث دمار في وسط تركيا وسوريا.

وخلال القرن العشرين، لم يتسبب فالق شرق الأناضول في نشاط زلزالي كبير.

وقال روجر موسون، الباحث الفخري في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية "إذا تتبعنا الزلازل (الكبيرة) التي سجلتها مقاييس الزلازل، فلن نجد شيئًا يذكر"، وفقًا لـ"دويتشه فيله".

ولم تسجل المنطقة سوى ثلاثة زلازل فقط بقوة 6 درجات منذ عام 1970، وفقًا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية. لكن في عام 1822، تعرضت المنطقة لزلزال بقوة سبع درجات، مما أدى إلى مقتل نحو 20 ألف شخص.

ما مدى قوة الزلزال؟

بلغ متوسط الزلازل التي تتجاوز قوتها 7 درجات أقل من 20 زلزالًا على مر التاريخ، مما يجعل زلزال الأمس حدثًا خطيرًا، وفق موقع "سكاي نيوز عربية".

بالمقارنة مع الزلزال الذي ضرب وسط إيطاليا في عام 2016 بقوة 6.2 درجة وأودى بحياة نحو 300 شخص، فإن الطاقة المنبعثة عن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا تزيد بمقدار 250 مرة عن الزلزال الأول، وفقًا لجوانا فور والكر رئيسة كلية لندن الجامعية للحد من المخاطر والكوارث.

لم يسجل نفس قوة زلزال شرق المتوسط سوى زلزالين فقط من أكثر الزلازل فتكا في الفترة من 2013 إلى 2022.

لماذا كان شديد الخطورة؟

صدع شرق الأناضول هو خط زلزالي عبارة عن كسر في الصخور يؤدي إلى انزلاقات زلزالية تتدافع بموجبها ألواح صخرية صلبة على امتداد خط الصدع الرأسي، مما يؤدي إلى زيادة الضغوط حتى تنزلق إحداها في النهاية في حركة تفضي إلى إطلاق قدر هائل من الطاقة التي يمكن أن تتسبب في حدوث زلزال.

ربما يكون صدع سان أندرياس في كاليفورنيا أشهر هذه الصدوع في العالم، ويحذر العلماء منذ وقت طويل من احتمال وقوع زلزال كارثي هناك.

وبدأ وقوع الزلزال التركي السوري على عمق ضحًل نسبيًا، وبحسب ديفيد روثيري عالم جيولوجيا الكواكب في الجامعة المفتوحة ببريطانيا: "ربما كان الاهتزاز على سطح الأرض أشد من تأثير زلزال على مستوى أعمق بنفس القوة عند المصدر".

وكان المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل أعلن ليل الثلاثاء، أن زلزالًا قوته 5.6 درجة هز وسط تركيا. وأضاف أن الزلزال كان على عمق كيلومترين فقط.

وقع الزلزال عند الساعة 4.17 بتوقيت تركيا، ووجد النائمون أنفسهم "عالقين عندما انهارت منازلهم"، بحسب روجيه موسون، الباحث في هيئة المسح الجيولوجي البريطانية.

كما أن بنية المساكن "لا تتوافق بالفعل مع منطقة معرضة لخطر الزلازل العنيفة"، على ما أوضح لوكالة فرانس برس هذا الباحث الذي ألف كتابًا حول الهزات الأرضية. ويمكن تفسير ذلك بأن الصدع الزلزالي، حيث هذه المساكن، كان هادئًا نسبيًا في الماضي.

ماذا قد تكون الحصيلة النهائية للقتلى؟

تسببت الزلازل ذات الحجم المماثل في المناطق المأهولة بالسكان في مقتل الآلاف. وأودى زلزال نيبال الذي بلغت قوته 7.8 درجة في عام 2015 بحياة ما يقرب من تسعة آلاف شخص.

قال موسون "لن تكون الأمور جيدة... سيكون (الضحايا) بالآلاف وربما يصل عددهم إلى عشرات الألوف". وأضاف أن طقس الشتاء البارد يعني أن المحاصرين تحت الأنقاض لديهم فرص أقل في البقاء على قيد الحياة.

واوردت كارمن سولانا، عالمة البراكين في جامعة بورتسموث البريطانية، أن تشييد المباني يشكل عاملًا رئيسًا عند حدوث الزلزال.

واوضحت لوكالة فرانس برس أن "مقاومة البنية التحتية ويا للأسف متفاوتة في جنوب تركيا وخصوصا في سوريا. لذلك، فإن إنقاذ الأرواح يعتمد الآن على سرعة الإغاثة".

أدى زلزال عام 1999 في تركيا إلى إصدار تشريع في عام 2004 يلزم جميع المباني الجديدة بالامتثال لمعايير مقاومة الزلازل، وهو ما سيدعو الحكومة التركية للتحقق من هذا الأمر ومدى احترام الناس للقانون.