كشف موقع "ميدل إيست آي" عن أن الجنيه المصري انخفض بنسبة 40 في المائة مقابل الدولار في عام 2022، ليصبح أحد أسوأ أداء عملات الأسواق الناشئة العام الماضي، مضيفًا "وهذا الأسبوع، بدأ عام 2023 بانخفاض أكثر من سبعة في المائة".

وقال الموقع "يؤدي انخفاض قيمة العملة أيضًا إلى ارتفاع معدلات التضخم، والتي تتوقع كابيتال إيكونوميكس، وهي شركة استشارية مقرها لندن، أن تبلغ ذروتها عند 27 في المائة بنهاية الربع الأول. وبلغ معدل التضخم في مصر 18.7 بالمائة في نوفمبر".

وتشارك الموقع الحديث مع عدد من الاقتصاديين والمحللين لشرح سبب انخفاض العملة في الدولة العربية الأكثر اكتظاظًا بالسكان ولماذا يحدث ذلك فجأة ومدى أثر ذلك على المواطنين.

فأوضح  تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال،أن "مصر ليس لديها احتياطيات من النقد الأجنبي أو تدفقات أجنبية للحفاظ على سعر صرف ثابت".

ونوه  روبرتسون "مع انخفاض قيمة الجنيه، تصبح الواردات أكثر تكلفة. في الواقع، إنه شكل من أشكال شد الحزام الوطني. إن ما يجب على مصر فعله هو زيادة الإنتاج وتقليل الاستهلاك، لا سيما من الخارج".

ولفت "مع ضعف العملة، ستصبح صادرات مصر أقل تكلفة وأكثر قدرة على المنافسة، التأثير المباشر هو انخفاض في الطلب على الواردات، بينما يتحمل المصريون الألم، وهم الذين يعانون من ارتفاع كبير في أسعار كل شيء من الأدوية إلى الأجهزة الألكترونية، حيث تنخفض قيمة الجنيه".

بينما تحدث باتريك كوران، كبير الاقتصاديين في شركة Tellimer Ltd، وهي شركة متخصصة في أبحاث الأسواق الناشئة، قائلا: "حافظت مصر على سعر صرف عملتها عند مستوى عالٍ بشكل مصطنع، وفي نفس الوقت لديها ديون ضخمة مستحقة بالدولار".

وتابع كوران: "الأشخاص الذين لدينا كعملاء لن يضعوا أموالهم في البلاد حتى يصبح سعر الصرف عند مستوى مقاصة في السوق، ما نشهده خلال الانخفاضات هو رفع الحكومة أيديهم عن عجلة القيادة، وتركها (الجنيه) يتكيف بما يتماشى مع ما يجب أن يكون عليه العرض والطلب".

من جانبه يقول الخبير الاقتصادي، براد سيتسر، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية والخبير في التجارة العالمية وتدفقات رأس المال، إن مصر ربطت عملتها تقليديًا بالدولار، مضيفا "هناك العديد من الطرق التي يمكن للحكومات من خلالها إدارة سعر الصرف، ولكن الطريقة الأكثر وضوحًا هي أن تستخدم البنوك المركزية احتياطياتها من العملات الأجنبية، البنك المركزي المصري سيبيع الدولارات في السوق عندما يكون هناك نقص في المعروض أو يشتريها عندما يكون هناك الكثير".

ويستكمل "تربط دول الخليج جميع عملاتها بالدولار لأن معظم إيراداتها تأتي من النفط المسعّر بالدولار. مصر لديها أيضًا مصادر دخل أجنبية - تحويلات من الخارج وأرباح السياحة ورسوم قناة السويس - ولكنها لا تقترب من مستوى جيرانها الأكثر ثراءً".

يلفت موقع "ميدل إيست آي" النظر إلى أنه "في محاولة للحفاظ على الدولارات الشحيحة، طلبت الحكومة المصرية من المستوردين تقديم خطابات اعتماد، مما خلق طلبًا في السوق السوداء على الدولارات وتراكم البضائع في الموانئ. فيما قال عبد الفتاح السيسي في ديسمبر إن الحكومة ستساعد البنوك في تأمين العملات الأجنبية لتصفية التراكم".

ويشير الموقع كذلك إلى أن "مصر لديها 45 مليار دولار من مدفوعات الديون المستحقة هذا العام. لكنها تكافح للعثور على دائنين. بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، سحب المستثمرون الأجانب 22 مليار دولار من سوق ديونها. ارتفاع أسعار الفائدة في الغرب يجعل مصر وجهة غير مرغوب فيها للمستثمرين الأجانب".

ويستطرد الموقع "في ديسمبر، لجأت مصر إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرضها الرابع من البنك خلال ستة أعوام. كجزء من صفقة بقيمة 3 مليارات دولار، وافقت القاهرة على التحول إلى نظام سعر الصرف المرن، ووافقت على السماح بتحديد قيمة الجنيه من خلال قوى السوق، منذ ذلك الحين كان هناك العديد من التخفيضات المفاجئة في قيمة الجنيه".

لكن سيتسر يقول إن المزيد من الألم سيأتي على المصريين العاديين.. مضيفا "الخطر هو أن ديون مصر تخرج عن نطاق السيطرة".