بعدما مر عام هو الأسوأ في تاريخ مصر من الناحية الاقتصادية بعد تعويم الجنيه وفقده أكثر من 110% من قيمته أمام العملات الأجنبية فضلا عن نقص الدولار والذي تسبب في تخزين البضائع في الموانئ بدلا من الإفراج عنها، ما تسبب في ارتفاع السلع الغذائية، ولم يكد يمر هذا العام، إلا ليستيقظ الفقراء في مصر على إقرار وزارة التموين زيادات على جميع السلع التموينية.

فبعد وصول عدد الفقراء في مصر رسميا الـ30 مليونا إضافة إلى آخرين تحت خط الفقر، وبدلا من مساعدة الدولة لهؤلاء الفقراء، التي هي في الأصل من تسببت في فقرهم وتعاستهم، تترك الدولة المواطنين وخاصة الطبقات الفقيرة فريسة سهلة للغلاء والفقر ما ينذر بحدوث اضطراب مجتمعي على وشك الانفجار.

 

زيادة السلع التموينية بأول أيام 2023

استقبل المصريون والذي يعاني أغلبهم الفقر عامهم الجديد 2023 بارتفاع جديد للأسعار حيث قررت وزارة التموين والتجارة الداخلية زيادة أسعار بعض السلع التموينية مجددا، والتي تشمل الزيت والسكر والأرز والدقيق، بدءا من يناير، رغم تثبيت قيمة الدعم النقدي لشراء تلك السلع منذ 5 سنوات والذين يعانون من أزمة تلاشي قيمة الدعم الذي يحصلون عليه بشكل شهري بقيمة 50 جنيها للفرد، وبحد أقصى لأربعة أفراد، مع استمرار انهيار قيمة العملة المحلية، وتثبيت قيمة الدعم منذ 2017.

وجاءت الزيادة ما بين 20% و 80% حيث ارتفع سعر الدقيق من 11 جنيها إلى 20 جنيها، والأرز المعبأ إلى 14 جنيها لكل كيلو بدلا من 10.5 جنيه، وعبوة الزيت 800 مل إلى 30 جنيها بدلا من 25 جنيها، والسكر إلى 14 جنيها بدلا من 10.5 جنيه، بحسب وثيقة وصلت أماكن بيع السلع التموينية.

وبهذه الزيادة تكون أسعار بعض السلع التموينية قد قفزت لأسعار تتراوح  ما بين 100% و200% مثل الدقيق والأرز والزيت منذ عام 2017، وسط شكاوى المواطنين من تآكل قيمة الدعم مقابل زيادة أسعار السلع التموينية، وبالتالي فقد أصبحت قيمة الدعم لا توفر سوى زجاجة من الزيت وكيلو جرام واحد من الدقيق.

 

الدعم في طريقه للإلغاء

ويرى مراقبون أن ارتفاع أسعار السلع التموينية يتماشى مع توجهات الحكومة بإلغاء دعم السلع التموينية والخبز بعد قيامها بإلغاء دعم الطاقة والكهرباء والمياه والغاز منذ الانقلاب العسكري، واستجابة لتعليمات صندوق النقد الدولي.

ومن جهته يرى مستشار وزير التموين الأسبق، الدكتور عبد التواب بركات، إن "تثبيت قيمة الدعم ورفع أسعار السلع التموينية ليس له سوى معنى واحد وهو إلغاء الدعم الذي كان يمثل متنفسا لملايين المصريين الفقراء".

وقال بركات في تصريحات صحفية: أن "المواطن الفقير هو من يدفع ثمن تجاهل الحكومة لحماية أبسط حقوقه في الحياة من توفير الدعم والحماية الاجتماعية، وبدلا من رفع قيمة الدعم تقوم الحكومة برفع أسعار السلع أكثر من مرة في العام الواحد،".

 وأشار مستشار وزير التموين الأسبق: "يبقى دعم الخبز هو العائق الأكبر أمام الحكومة والذي يكلف خزانة الدولة نحو 90 مليار جنيه، ورغم اتخاذها أكثر من قرار برفع الأسعار إلا أنها تراجعت خوفا من حدوث رد فعل مجتمعي كبير باعتبار الخبز السلعة الاستراتيجية الأساسية لغالبية المصريين".

وشارك بركات الرأي الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي، حيث أوضح في تصريحات صحفية ""يخشى الناس بعد تآكل قيمة الدعم النقدي بشكل كبير أن تمتد يد الحكومة إلى الخبز، وهو ما فشلت في فعله؛ بسبب الأزمة الاقتصادية التي وقعت فيها الدولة منذ الحرب الروسية الأوكرانية، وجعلها تؤجل كل خططها في هذا الصدد".

وتوقع الصاوي أن "تعجل الحكومة بإلغاء جميع أنواع الدعم خاصة بعد الاتفاقات التي عقدتها مع صندوق النقد الدولي ووقوعها في فخ نقص الدولار وهروب الأموال الساخنة من أسواق السندات وتعذر دخولها أسواق الدين الدولية وارتفاع تكلفة الاقتراض"، مشيرا إلى أن "المواطن بات لا يحصل إلا على ثلث ما كان يحصل عليه قبل سنوات قليلة فقط وربما أقل".