وافق، صندوق النقد الدولي على إقراض مصر 3 مليارات دولار من خلال اتفاق مدته 46 شهرا في إطار "تسهيل الصندوق الممدد".

وقال الصندوق، إن القرار يتيح صرف دفعة فورية تعادل347 مليون دولار أمريكي للمساعدة في تلبية احتياجات ميزان المدفوعات ودعم الموازنة.

يذكر أن حكومة الانقلاب كانت تأمل بشريحة أولى قدرها 750 مليون دولار، وذلك بحسب ما نقلت وسائل إعلام عن وزير مالية الانقلاب محمد معيط الأسبوع الماضي. 

وأضاف أنه يتوقع "إتاحة تمويل إضافي لصالح مصر بقيمة 14 مليار دولار أمريكي تقريبا من شركائها الدوليين والإقليميين، شاملا موارد تمويلية جديدة من دول مجلس التعاون الخليجي وشركاء آخرين من خلال عمليات البيع الجارية للأصول المملوكة للدولة وقنوات التمويل التقليدية من الدائنين الثنائيين ومتعددي الأطراف".

وعن هدف الدعم المالي من الصندوق لمصر، قال: إن الدعم المالي مُنح مقابل برنامج اقتصادي يهدف إلى "الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي (...) وتمهيد الطريق لنمو مستدام وشامل يقوده القطاع الخاص".

 

لماذا وافق الصندوق على إقراض مصر؟

ووافق صندوق النقد على منح مصر القرض الذي تم الاتفاق عليه سابقا بعد امتثال حكومة الانقلاب لشروط الصندوق وخاصة فيما يتعلق بتحرير صرف الجنيه.

ورحبت كريستالينا جورجييفا، مديرة الصندوق، "بالتزام السلطات في الآونة الأخيرة بالتحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن ومعالجة التشوهات الناجمة عن السياسات السابقة من خلال التشديد المسبق للسياسة النقدية والمضي قدماً نحو تعزيز شبكة الأمان المالي".

وأضافت أن "التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن سيؤدي إلى التخفيف من حدة الصدمات الخارجية ومنع ظهور الاختلالات مجددا، كما سيسمح للسياسة النقدية بالتركيز على خفض التضخم تدريجياً. وسيضمن الضبط المالي استدامة القدرة على تحمل الديون، بينما ستسهم زيادة الإنفاق الاجتماعي في حماية الفئات الضعيفة. كذلك ستساعد الإصلاحات الهيكلية في تقليص بصمة الدولة وضمان المنافسة العادلة بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز النمو بقيادة القطاع الخاص، وتعزيز الحوكمة والشفافية".

 

مصر ليس لديها أي مصادر لسداد القروض

وعلّق الخبير الاقتصادي، محمود وهبة، على قرض صندوق النقد لمصر بأنه ليس حلاً، وأن الحل وحده هو الميزانية وليس المسكنات أو الاقتراض.

وقال وهبة، تحت عنوان: "ملاحظات أولية على قرض صندوق النقد لمصر" على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إنه "روشتة لبيع مصر وبؤسٌ للشعب، وأن مصر ليس لديها مصادر لسداد هذه القروض، ويقع عبئها على الشعب بينما الحكومة منفصلة عن الواقع وتعيش من مصادر الاقتصاد السري في رخاء".

وتابع إن "أبسط الملاحظات هو موافقة الصندوق على صرف مبلغ 347 مليون دولار على وجه السرعة فما هي هذه الحاجة الملحة؟ وأكد على أن المبلغ ضئيل ويدل أن حكومة الانقلاب تواجه مشكلة ملحة لعدم توفر الدولارات.

ومن أخطر ما جاء من شروط – على حد قول وهبة – هو التحفيز الإضافي بمبلغ 14 مليار دولار، وهو "من أخطر ما جاء من شروط مطلوب من مصر تنفيذها" ووصفها بأنها "سكين على رأس مصر حتى تبيع وتبيع".

وأشار إلى أن هذه المبالغ "تتزامن مع سداد قرض الصندوق القديمة بحوالي 17 مليار دولار، ومن هنا قد لا يصل لمصر أي أموال إضافية بعد المقاصة بين السداد والقرض الجديد".

وأكد أن مرونة سعر الصرف "شرط أساس لهذا القرض، وهذه المرونة سوف تكون طويلة الأجل ومستدامة، وهذا يمثل كارثة على الشعب؛ لأن اتجاه انخفاض الجنيه قد يهدأ قليلاً لفترة إلا أنه سيعاود الانخفاض مجددًا".

وأضاف أن "بيان صندوق النقد خلا من أي كلمة مباشرة عن الاقتصاد السري للجيش والصندوق السيادي، وكأن صندوق النقد والحكومة لا تعرف عنهما شيئًا".

وأشار إلى "أن هناك اقتصادًا سريًا يتحكم في 60% من الاقتصاد لفئات محدودة وغير معروفة، بينما الباقي 40% يكون لبقية الشعب 103 مليون فرد".

ولفت إلى أن "دول الخليج لديها ودائع بالبنك المركزي بمبلغ 28 مليار دولار ولو استخدمت هذه الودائع فلن تزيد السيولة بالسوق، وتضع احتياطي البنك المركزي في حرج قد يصل إلى مرحلة الخطر"، مضيفًا "كيف تواجه طلبًا من أي دولة خليجية لاسترداد ودائعها وما أثر ذلك على الاحتياطي؟ وهذا وحده وصاية فعلية على الاقتصاد المصري فلن يمكن رفض أي طلب منهم".

وأكد وهبة أن "هذه روشتة خراب وليست إنقاذ؛ فلن تكفي الاحتياجات ولن تؤدي لزيادة الاستثمارات المباشرة (الاستحواذ ليس استثمارًا فهو لا يضيف لثروة الأمة بل يأخذ منها)، كما أن المال الساخن لن يجد له طريقًا للعودة.

 

أسئلة مشروعة

ووجه وهبة مجموعة من الأسئلة ينبغي على حكومة الانقلاب أن تجيب عليها، وأهمها:

- كيف سيواجه النظام الحاجة لدفع ثمن الواردات المكدسة بالموانئ وآخر تقدير لها 9 مليارات دولار؟

- كيف سيواجه الحاجة لاستيراد غذاء بمبلغ 2.5 مليار دولار شهريًا، وهي جزء من عجز ميزان المدفوعات والعجز به حوالي 10.5 مليارات دولار؟

- كيف تغطي عجزا في احتياطات البنوك وقدره 22 مليار دولار وبدونها يفشل النظام المصرفي؟

- كيف ستدفع 50 مليار دولار مطلوبة لسداد أقساط وفائدة القروض خلال عام؟

 

7 أزمات مالية تتعرض لها مصر

يُشار إلى أن مصر تعرضت خلال الأعوام الأخيرة لعدة أزمات مالية وفجوات تمويلية أثرت على وضعها الاقتصادي، ومن أهم هذه الأزمات:

  • سحب المستثمرين الأجانب نحو 22 مليار دولار من استثمارات المحفظة بعد رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى.
  • ارتفاع أسعار النفط والسلع الأولية في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، مما عرّض البلاد لصدمة اقتصادية كبرى.
  • في مارس الماضي، خفضت مصر قيمة الجنيه بنسبة 16%، ثم أعقب ذلك تخفيض آخر بنسبة 18% في شهر أكتوبر، وبلغت نسبة انخفاض الجنيه منذ بداية العام نحو 57% أمام الدولار، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق مع بلومبرج".
  • كما تواجه مصر (يبلغ اقتصادها 400 مليار دولار) أسوأ أزمة في النقد الأجنبي منذ بدأت مشكلة نقص الدولار قبل 5 سنوات من الآن والتي بدأت بانخفاض قيمة العملة وحصول مصر على قرض سابق من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار.
  • ويقدّر صندوق النقد الدولي أن مصر ستعاني من فجوة تمويل خارجي قيمتها 16 مليار دولار خلال 46 شهراً هي مدة البرنامج الحالي، وفق تصريحات وزير المالية محمد معيط في شهر نوفمبر الماضي.
  • وتراجعت احتياطيات النقد الأجنبي لمصر إلى 33.532 مليار دولار بحلول نهاية نوفمبر الماضي، من قرابة 41 مليارًا، قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
  • وعانت مصر خلال الشهور الماضية، من تذبذب وفرة النقد الأجنبي في السوق المحلية، نتج عنه ارتفاع التضخم إلى 19.2% خلال نوفمبر، من 16.3% في أكتوبر.