تسعى سلطات الانقلاب بكل قوة لحرمان المعتقلين من حقوقهم التي أقرتها المواثيق والعهود والدولية ونص عليها القانون المصري والدولي.

وكان القرار الإداري الصادر عن وزارة العدل بحكومة الانقلاب ببدء تطبيق مشروع “تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد” (فيديو كونفرانس) للمحتجزين، هو أحدث تلك الممارسات الممنهجة للعصف بحقوق المعتقلين في مصر.
ويوجد في مصر آلاف المعتقلين الممنوعين من الزيارة والموجودين في زنازين انفرادية والذين تنكل بهم حكومة الانقلاب لمحاولة كسر إرادتهم، وكان نظر جلساتهم هو النافذة الوحيدة لهؤلاء لرؤية العالم الخارجي والاطمئنان على ذويهم.

ورغم تخفيف التطبيقات الاحترازية بشأن كورونا إلا أن السلطات الانقلابية ما زالت مستمرة في التضييق على المعتقلين بأساليب أخرى لعزلهم عن العالم الخارجي. 
ويمثل هذا القانون إهدارا لحقوق المحبوسين احتياطيا في الحصول على محاكمة عادلة ومنصفة وفقًا للمادة 96 من الدستور المصري التي تنص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة.


سلب حقوق المعتقلين
وعن هذا القانون الذي أصدر خصيصا من أجل فرض مزيد من القيود على معتقلين بعينهم وعلى المغضوب عليهم داخل الزنازين قال المدير التنفيذي لـ”كوميتي فور جستس”، أحمد مفرح: " القرار الإداري الصادر عن وزارة العدل المصرية بتطبيق هذا المشروع يهدر هذا المبدأ المحاكمة العادلة تمامًا".
وأوضح أنه من خلال ذلك القانون يتم عقد جلسات المحاكمة وتجديد الحبس داخل مقار الاحتجاز والسجون بشكل غير مباشر، فالمتهم سيكون خاضعًا هنا للسلطة التنفيذية ما يفتح الباب لتعرضه لمزيد من الانتهاكات، كما أنه سيكون بعيدًا عن أعين أي رقابة قضائية، فالقاضي لن يرى إلا ما تريد السلطة التنفيذية أن تريه إياه من خلال الكاميرا فقط، كذلك أين حقوق الدفاع؟!”. 
 

باطل قانوناً
ووفقا للقانون المصري فإن تجديد حبس المتهمين احتياطياً في غيابهم  باطل قانوناً، حيث نصت المادة 142 من قانون الإجراءات الجنائية على "انتهاء الحبس الاحتياطي بمضي 15 يوماً على حبس المتهم، ومع ذلك يجوز لقاضي التحقيق، قبل انقضاء تلك المدة، وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم، أن يصدر أمراً بتمديد الحبس لفترات زمنية مماثلة، بحيث لا تزيد مدة الحبس في مجموعه على 45 يوماً".
كما أن هناك أذى قد يلحق بالمعتقل أثناء فترة حبسه، حيث أكدت نصوص قانون الإجراءات الجنائية على وجوب سماع المتهم أثناء جلسة التحقيق وذلك في المواد 142 و143، وبالتالي كيف يمكن للمُتهم الدفاع عن نفسه ومناقشة القاضي له بحرية إذا كان مفصولاً عنه وعن محاميه ويتم التواصل بينهم عن طريق مكالمة فيديو.
 

مزيد من القيود
ووفق بيان صادر من المفوضية المصرية لحقوق الإنسان فإن "الحبس الاحتياطي غايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائي، من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق، وتيسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك، والحيلولة دون تمكنه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود، أو تهديد المجني عليه، وكذلك حماية المتهم من احتمالات الانتقام منه، وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة".
وأوضحت المفوضية "ولأن الحبس الاحتياطي إجراء استثنائي يجوز تطبيقه على واحد من أهم الحقوق الشخصية، وهو الحق في الحرية، فقد وضع المشرع لتطبيقه مبررات وشروطاً وضمانات عديدة، أهمها صفته الوقتية للنظر في مبررات تطبيق الحبس في حق المتهم من عدمه، واستماع القاضي إلى دفاع المتهم في حضوره".

 

عزل المعتقلين عن العالم الخارجي
ووفقات للمنظمات الحقوقية والحقوقين فإن إصدار مثل تلك التشريع والشروع في تطبيقه هدفه الأساسي هو عزل المعتقلين عن العالكم الخارجي، حيث قالت المفوضية المصرية لحقوق الإنسان، إن جلسات تجديد الحبس عن بُعد “ما هي إلا فرض المزيد من القيود والأغلال على النشطاء ومعارضي الرأي المحبوسين احتياطيا، وإهدار ممارسة حقهم في الدفاع عن أنفسهم”. 
وبحسب المفوضية، يمثل التجديد عن بعد “فصل المتهم عن محاميه، خاصة وأن عدد من المتهمين في القضايا ذات الطابع السياسي يعانون الحرمان التعسفي من حقهم في الزيارة، وتطبيق هذا النظام يجعلهم أكثر عزلة عن العالم الخارجي، فجلسات تجديد الحبس هي الوسيلة الوحيدة المتاحة للاطمئنان عليهم من قبل محاميهم وذويهم وهي الفرصة الوحيدة لهم أيضا للتواصل مع العالم الخارجي”.
وفي يوم 18 أكتوبر 2020 أعلنت وزارة العدل إطلاق نظام تجديد الحبس الاحتياطي عن بعد، وكانت قد بدأت بربط محكمة القاهرة الجديدة، وكلِ من سجن طرة العمومي وسجني 15 مايو والنهضة المركزيين. 
ثم أصدر وزير العدل بحكومة الانقلاب قراره رقم 8901 لسنة 2021 بإعطاء الغطاء التشريعي لهذه التجربة ومن ثم تعميمها وإضفاء الحماية القانونية، ونصت مادته الأولى “على جواز عقد جلسات تجديد الحبس واستئنافه عن بُعد”.