يشاهد المتابع لمباريات مونديال فيفا قطر 2022 شكل كرة القدم بألوانها المتعددة والمتميزة، ويدور في خلده أنواع وأشكال الكرات التي مرت خلال عشرات السنين، وكيف تطورت حتى وصلت إلى الهيئة التي تبدو عليها الآن.

وتشتهر البيئة المصرية بالعديد من أنواع الكرات، بداية من الكرة الشراب، والكرة البلاستيك، وانتهاء بكرة الفيفا المشهورة والمعتمدة عالميًا، إلا أنه في النهاية الكل يستمتع بما يتوفر له وما يمكنه الحصول عليه.

وسببت بعض الكرات كثيرًا من المشكلات. ويقال إن روبيرتو كارلوس، صاحب الركلة المستحيلة عام 1997، دفع القائمين على اللعبة إلى إعادة النظر في تصميم الكرة. الأمر نفسه مع الهدف الذي سجله رونالدينيو لمنتخب البرازيل ضد إنكلترا عام 2002. إذ يقال إنه سجله بسبب عطب في الكرة.

 

"المثانة المطاطيّة"

وأي "غرض" يتناقل بين الأرجل يصلح لأن يكون "كرةً" تقسم اللاعبين فريقين، فيتراكضون حولها في سعي لتسجيل الأهداف. لكن، ما يصعب تخيّله هو إمكانية اللعب بكرة مصنوعة من "المثانة المطاطيّة" للحيوانات، تلك التي يعود تاريخها إلى منتصف القرن التاسع عشر، والتي تبدو عند مشاهدة صورها ثقيلة وأشبه بكتلة جلدية لا يمكن التلاعب بها بسهولة.

 

كُرة تيلستار (Telstar)

ويعود شكل الكرة الأشهر، أي المربعات البيضاء والسوداء، إلى البث التلفزيوني المباشر، فكُرة تيلستار (Telstar) التي صنعتها شركة أديداس الألمانية (ما زالت حتى الآن تصنع كرات كأس العالم)، قُدّمت لأول مرة عام 1968، وتبناها "فيفا" عام 1970، حين استخدمت في بطولة كأس العالم في المكسيك، وفقًا لـ"العربي الجديد".

سبب شهرة هذه الكرة أن البث التلفزيوني حينها كان بالأبيض والأسود، والكرة البنية لم تكن واضحة للمشاهدين في المنزل، كما أن اللاعبين أنفسهم في الملعب وجدوها أفضل كونها مرئية أكثر أثناء اللعب. واللافت أن مونديال عام 2018 استعاد هذه الكرة في تصميم مشابه يحمل اسم تيليستار 18.

 

كرة "الرحلة"

والمونديال الحالي يعرف كرة جديدة أُطلق عليها اسم "الرحلة"، تحافظ على التمايز بين الأبيض والألوان الأخرى.

 

كرات شهيرة في المتاحف

لم يقتصر تاريخ كرة القدم على القائمين على اللعبة، بل انتقلت إلى المساحات الفنيّة، فالعديد من الكرات موجودة في المتاحف. تيلستار نفسها موجودة في المتحف الوطني لكرة القدم في الولايات المتحدة، كذلك الكرة التي سجل فيها بيليه هدفه الألف محفوظة في المتحف في البرازيل.

 

الكرة "المنحوتة"

وانتقلت فكرة الكرة من عالم الرياضة إلى عالم الفن؛ فأنجز بيكاسو منحوتة باسم "لاعب كرة القدم"، موجودة في متحف كرة القدم الوطني في مانشستر.

 

كرة "أعمدة لا نهائيّة"

وتبز في هذا الإطار، أيضًا، سلسلة منحوتات "أعمدة لا نهائيّة" التي أنجزها الفنان الأمريكي هانك ويليس توماس. ترتص في هذه السلسلة 22 كرة قدم فوق بعضها بعضًا، بما يشبه طوطمًا من نوع ما، يمكن عرضه في المتحف وخارجه. هذه المنحوتة علامة على أهمية الرياضة واستمرارها عبر الزمن. ويرى بعضهم أنها مقارنة بالمنحوتة التي استوحى منها توماس عمله، وتحمل العنوان نفسه، وتعود إلى عام 1938، تكريمًا لضحايا رومانيا في الحرب العالمية الأولى.

 

كرة الزخارف

نقل الفنان البرازيلي فيليب باربوسا استخدام الكرة إلى شكل جديد، إذ يوظف الكرات لصناعة ما يشبه اللوحات أو البُسط التي يمكن تعليقها أو فردها على الأرض، مستفيدًا من مكونات الكرة لصناعة زخارف تبدو للوهلة الأولى وكأنها رخامية. إعادة توظيف الكرة هنا كأساس للزخرفة مثير للاهتمام، ويكشف عن أثر "الكرة" بوصفها غرضًا يتجاوز وظيفة اللعب، ويمكن إعادة إنتاجه بأساليب متعددة تقتحم جوانب مختلفة من الحياة.

 

"كرة الاحتجاج"

أنجز الفنان الفلسطيني، خالد جرار، عام 2012، كرة قدم من إسمنت جدار الفصل العنصري في الأراضي المحتلة؛ إذ جمعه عبر تحطيم أجزاء من الجدار، وأطلق على المنحوتة اسم "كرة الاحتجاج"، مخاطرًا باعتقاله أثناء جمع الإسمنت، كون تخريب الجدار يجرم من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. هذه المقاربة يمكن أن تندرج تحت ما يسمى Upcycling، أي عوضًا عن تحطيم الجدار، من الممكن إعادة إنتاجه وتغيير وظيفته. لا يمكن تجاهل الكرة الإسمنتية عند التحديق بها. هي علامة على القمع الذي يمارسه الاحتلال، في ذات الوقت تحمل نوعًا من الأمل، مشابه لأمل اللاعبين أنفسهم بالنصر في لحظة ما.