في وقت يصل فيه حجم إهدار الطعام في مصر إلى نحو 9 ملايين طن، ستفقد مصر أيضا 30 % من إنتاجها الغذائي في المناطق الجنوبية بحلول عام 2040، بحسب تقرير للمفوضية المصرية لحقوق الإنسان.


وحذر تقرير المنظمة حقوقية من أن الإجهاد الحراري ليس فقط المشكلة الوحيدة التي تواجه المصريين مع احترار المناخ وزيادة معدلات الموجات الحارة.


ونبه التقرير، الذي جاء تحت عنوان “مصر والتغير المناخي.. هل سيخرج الأمر عن السيطرة؟، إلى أن دراسة في ثلاث محافظات مصرية تمثل مجمل المناخ المصري (البحيرة والجيزة وقنا)، وجدت أن ارتفاع معدلات احترار المناخ يؤثر بالتبعية على إنتاج القمح والذرة في مصر، حيث أن أعلى درجة حرارة شهرية قصوى، والتي لوحظت في موسم الصيف أغسطس  2015 وأغسطس  2012، أدت إلى انخفاض إنتاجية الذرة بشكل واضح، بينما تم تسجيل أعلى درجة حرارة قصوى في فصل الشتاء من عام 2010 فأثر ذلك بانخفاض إنتاجية القمح، ومن المتوقع أنه مع ارتفاع درجات الحرارة عالمًيا، قد تفقد مصر 30 % من إنتاجها الغذائي في المناطق الجنوبية بحلول عام 2040، وفقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.


الإجهاد الحراري


وعن الوفيات بسبب الإجهاد الحراري، قال التقرير إنه منذ أغسطس 2015، بدأت موجات الحر الاستثنائية في مصر تسببت في وفاة أكثر من 60 شخًصا في مختلف أنحاء البلاد، معظمهم من كبار السن، مع حوالي 600 إصابة نقلت إلى المستشفيات بسبب الإجهاد الحراري، حيث الموت لمشكلات طبّية؛ بأعراض العطش والجفاف، ثم الصدمة الحرارية، وإذا استمر الأمر يمكن أن تؤدي للوفاة في النهاية، وعادة ما تصيب تلك العاملين في المهن التي تتعرض للشمس بشكل أكبر، كعّمال البناء.


وخلال مثل هذه الموجة، تخطت درجة الحرارة 46 مئوية في مناطق عدة بالبلاد، لكن هذا لم يكن فقط شأن مصري، بل كان العالم كله، وبشكل خاص شمال أفريقيا والشرق الأوسط، يعاني مع موجة حارة استثنائية، بحسب التقرير.


وتزايد أعداد الموجات الحارة في مصر، وإلى أن بعض الدراسات وجدت أنه بحلول نهاية القرن، من المتوقع أن تقضي مصر على الأقل 50 % من أيام موسمي الصيف والربيع في ظل ظروف موجات الحر، من ضمن 80 % من مدن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي ستتعرض لنفس المشكلة، بالإضافة إلى ذلك سيزداد أيضًا المتوسط والحد الأقصى لدرجات.


واستند التقرير إلى دراسة نشرت بدورية “بلوس وان”، تناولت الموجات الحرارية، جاء أن الشرق الأوسط والجزء الشرقي من أفريقيا تحديًدا سيعانيان من أكثر ظروف درجات الحرارة غير المواتية في المستقبل.


ووجدت أنه في فصل الشتاء، ازداد عدد الأيام والليالي الحارة، بينما انخفضت الأيام الباردة في معظم أنحاء مصر.


وأكد التقرير، إنه بالنظر إلى المستقبل، فإن الوضع ليس بأفضل، ولفت إلى دراسة فحصت شبه جزيرة سيناء بشكل خاص بناء على سيناريوهات الأنماط المناخية الحالية، وتوقعت أن تستمر درجة الحرارة في الارتفاع وصولاً إلى سنة 2050.


وفي دراسة أخرى فحصت بشكل خاص مدينة الإسكندرية- شمال مصر، ومحيطها، تبّين أن متوسط حرارة الهواء السنوية قد ارتفعت بمقدار 24.2 درجة مئوية، بمعدل حوالي 6 درجة مئوية كل عقد، ومن المتوقع أن يستمر هذا التزايد عقدا بعد آخر، وكانت نتائج شبيهة ظهرت في القاهرة وبورسعيد.


وصدرت في عام 2016، دراسة وجدت أن مدة وتواتر الظواهر الجوية المتطرفة والموجات الأكثر حرارة وبرودة في مصر قد ازدادت في السنوات الماضية، لكن المثير للانتباه في هذه الدراسة التي انحصرت في رصد تأثيرات ثلاثة أحداث مناخية قاسية على الزراعة من 12 محطة أرصاد جوية في مصر خلال الفترة من 1990 إلى 2016، تأكيدها أن المحاصيل الزراعية في مصر تأثرت بارتفاع درجة الحرارة.


إهدار الطعام


وعلى الجانب المواز لنقص الغذاء، بسبب الإهمال في المعالجة السريعة، دعا عبد الناصر محمد خبير في شؤون الاقتصاد، في تصريحات صحفية إلى تجنب إهدار الطعام لتخطي تراجع سلاسل الإمداد وأزمة الاقتصاد العالمي.


وأشار إلى أن دعوة تجنب إهدار الطعام تأتي في ظل حاجة الاقتصاد العالمي إلى الحفاظ على الغذاء بعدما حدث تراجع في سلاسل الإمداد والتموين والحاجة إلى  تنمية القطاع، مما يساهم في تخطي أزمة الاقتصاد العالمي وتراجع سلاسل الإمداد والتموين.


وأضاف أن حجم الطعام المهدر عالمياً يقدر بنحو 1,3 مليار طن من الغذاء على مستوى العالم سنوياً بنسبة 30% من إنتاج الغذاء ويقدر حجم إهدار الغذاء في مصر نحو 9 ملايين طن، وتشير التقارير إلى أن نسبة الهدر في الخضر والفاكهة تقترب من 55%، مؤكداً أن توفير هذا الطعام المهدر من الممكن أن يوفر  الطعام لنحو مليار نسمة من فقراء العالم.


أشاد بتوجه مصر إلى سن قوانين للحد من هدر الطعام ووضع آلية للتعامل مع الطعام المهدر وفرض غرامات على المخالفين كما أن هناك مبادرات جادة قام بها مجتمع الأعمال وحققت طفرة في التصدي لظاهرة فقد وإهدار الطعام مثل بنك الطعام المصري ومصر خالية من الفقر وحققت نجاحا ملحوظا.


الجفاف القادم


وكانت وكالة الفضاء والطيران الأمريكية كشفت عام 2016 أن الجفاف في شرق البحر الأبيض المتوسط كان الأسوأ في 900 عام الماضية، في نتائج دراسة فحصت موجة الجفاف الأخير الذي بدأ في عام 1989، متوقعة أنه من المحتمل أن يكون أسوأ جفاف خلال القرون التسعة الماضية.


وهناك مجموعة كبيرة من الأبحاث العلمية تدعم اتجاًها يقول إن المنطقة العربية بشكل عام، تتجه ناحية حالة من الجفاف الشامل، ذلك لأنه من المرجح أن تشهد المنطقة العربية ارتفاعات درجات حرارة سنوية أعلى بكثير، وانخفاض مستويات الأمطار السنوية، وارتفاع مستويات الإجهاد المائي خلال القرن الحادي والعشرين، ويمكن هنا تأمل دراسة هامة صدرت عن وكالة ناسا قبل عدة أعوام تقول إن موجات الجفاف الحالية حول حوض البحر المتوسط، خاصة في الجانب الشرقي، هي الأكثر قسوة منذ قرابة ألف سنة.


في دلتا مصر مثًلا، توقعت الدراسات أنه بنهاية القرن الحالي، قد تسافر المياه داخل ما عمقه من 20 إلى 40 كيلومتًرا من الساحل، وحينما يتخلل الماء المالح التربة لما يقترب من ثلثي مساحة الدلتا، فقد يؤدي ذلك إلى تدهور إنتاجية وجودة المحاصيل، ورغم تباين التوقعات حول غرق أجزاء من دلتا مصر بفعل ارتفاع منسوب البحر، إلا أن أكثرها تفاؤًلا سوف تثير عدًدا ضخًما من المشكلات لملايين البشر، ذلك لأن الدلتا تنتج 60% من غذاء أهل مصر.