أزمة كبيرة تفجرت خلال اليومين السابقين، بعد اكتشاف أن "اللحوم الحلال" المصدرة إلى مصر شهاداتها مزورة، وأن الشركة التي تقوم باستيراد هذه اللحوم تتبع الجيش، ويرأس هذه الشركة مسيحي، كما أن هناك سيناتورًا أمريكيًا متورط في هذه الفضيحة.

 

سيناتور أمريكي فاسد يتصدر الأزمة

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن السيناتور الأمريكي، بوب مينينديز، الذي نجا من إدانة بتهم فساد قبل 5 سنوات، يواجه تحقيقًا فيدراليًا مرتبطًا بشركة مقرها في ولاية نيوجيرسي تصدّق على تصدير اللحوم الحلال إلى مصر.

الصحيفة قالت الأسبوع الفائت إنَّ عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي كانوا يعملون مع المدعين العامين الأمريكيين في المنطقة الجنوبية من نيويورك، في تحقيق يبحث في المعاملات التجارية لشركة IS EG Halal، وفقًا لـ"رصد".

والسيناتور الأمريكي سبق اتهامه في 2015 من قبل وزارة العدل الأمريكية، بالضغط على مسؤولين كبار في إدارة الرئيس باراك أوباما لاتخاذ إجراءات تفيد مصالح صديقه طبيب العيون في فلوريدا سالومون ميلجن مقابل هدايا فخمة ومئات الآلاف من الدولارات، وكذلك طالته اتهامات لم يثبت عليها دليل، بمضاجعته عاملات جنس دون السن القانونية خلال رحلات إلى جمهورية الدومينيكان، وفقًا لـ"رصيف 22".

 

من أربع شركات إلى شركة واحدة

تقول الأوراق التي حازتها نيويورك تايمز من إدارة (وزارة) الزراعة الأمريكية، إنه حتى العام 2019، كانت نظيرتها المصرية تتعامل مع أربع شركات في الولايات المتحدة تصدر رخصة "حلال" للحوم والدواجن. ولكن مصر قررت فجأة في 2019 ومن دون مقدمات أن تلغي تعاقداتها مع الشركات الأربع وتتعامل مع شركة واحدة مبتدئة، أسست في ولاية نيوجيرسي عام 2017 تحت اسم IS EG Halal اختصارًا لـ" مصر الإسلامية للحوم الحلال" لمؤسسها المصري الأصل وائل حنا، بالشراكة مع محام أمريكي- أرمني يدعى أنترانيج أصلانيان الإبن. ولم يكن للشركة قبل تعاقدها مع الحكومة المصرية أية سوابق أو خبرات في إصدار شهادات الذبح الحلال، كما لم يكن لها خبرات في التعامل مع مربي ومصدري اللحوم، حسبما رصد تقرير رسمي للملحق التجاري الأمريكي في مصر.

 

شركة مصر الإسلامية للحوم الحلال تابعة للجيش

وكشف موقع Egypt watch، في يناير 2019، عن تحركات للجيش المصري لتأسيس شركة تحتكر استيراد اللحوم الحلال إلى السوق المصرية البالغ حجمها ما يزيد على 100 مليون مستهلك بحسب الإحصاءات الرسمية. موضحة أن القرار المصري باحتكار الشركة المشار إليها المؤسسة في نيوجيرسي، يرجع في الحقيقة إلى مايو 2018، وليس إلى العام 2019 كما توثق أوراق وزارة الزراعة الأمريكية، لكن يبدو أن سريان القرار بدأ في العام 2019 على الرغم من إصداره في منتصف 2018.

قبل ذلك كانت مصر تتعامل مع ثماني شركات في الولايات المتحدة وأوروبا وأمريكا اللاتينية، تعترف وزارة الزراعة المصرية بشهادات "حلال" الصادرة عنها، وفقًا لـ "رصيف 22".

وفي ديسمبر 2019، نشر موقع "مدى مصر" تحقيق مفصل حول الأمر، مبينًا أن قيادات بالجيش المصري تقف وراء الشركة التي باتت تحتكر الترخيص بتصدير اللحوم إلى السوق المصرية. وبعد صدور قرار من السلطات المصرية يمنحها حق الاحتكار، سارعت الشركة إلى رفع رسوم ترخيص "الحلال" الممنوح للشركات والجزارات الأجنبية، ورفع أسعار تراخيص الحاويات الممنوحة للمستوردين المصريين من 200 دولار للحاوية إلى 5000 دولار، حسبما قال أحد مستوردي اللحوم في مصر، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار اللحوم المستوردة، حسبما يرصد تقرير أمريكي رسمي.

 

مؤسس الشركة الإسلامية مسيحي!

والفضيحة الأخرى أن من قام بتأسيس الشركة الإسلامية في نوفمبر 2017، هو المسيحي وائل حنا وأنترانيج أصلانيان وتم تأسيس الشركة في "فير- فيو" نيوجرسي. تختص الشركة بإصدار جميع شهادات إثبات أن لحوم الأبقار الأمريكية ذبحت وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، قبل تصديرها إلى مصر ذات الغالبية المسلمة.

وأفاد لتقرير نيويورك تايمز، فإن الشركة الجديدة ليس لديها خبرة سابقة في منح شهادات الحلال، وليس لديها علاقة سابقة مع صناعة لحوم البقر الأمريكية أو المنظمات الإسلامية المختصة بإصدار شهادات الحلال في الولايات المتحدة.

الأمر نفسه أكده وائل حنا في ملفات التحقيقات التي نشرت نيويورك تايمز جزءًا منها. وهو اعترف بأنه ليس "من ذوي الخبرة في منح شهادات الحلال" لأنه مسيحي الديانة، ولذلك وفرت الحكومة المصرية أئمة وأطباء بيطريين لمساعدته، وفقًا لحنا.

 

ارتفاع أسعار اللحوم "الحلال" المستوردة

 بمجرد أن ألغت مصر جميع المراكز الإسلامية المعتمدة الأمريكية المعتمدة للذبح الحلال، وقصرت التعامل على شركة حنا توقع تقرير وزارة الزراعة الأمريكية ارتفاع أسعار لحوم الأبقار المستورد من أمريكا على المستهلكين في مصر، وذكر التقرير أن التغيير المفاجئ في السياسة المصرية قد يؤدي إلى اضطراب الأسواق وإحداث ارتباك بين الصناعة والمنظمين.

حنا في إشارة إلى الجهات المصرية التي ساعدته: "لقد أعطوني هذه الثقة لأنهم يعرفون أنني لست مرتبطًا بجماعة الإخوان المسلمين"

وقال التقرير إن المراكز الإسلامية التي كانت تعتمد إصدار شهادات الحلال في الولايات المتحدة كانت تتقاضى ما بين 10 و20 دولارًا أمريكيًا، لكل طن متري للحصول على الشهادة، وتوقع وقتها أن ترتفع هذه الرسوم إلى 220 دولارًا للطن المتري.

وبعد صدور القرار ارتفع سعر كيلوغرام الكبدة محليًا بين 13 و17 جنيهًا بحسب النوع، وبلغ في المتوسط نحو 45 جنيهًا مقابل 30 قبل ذلك، بحسب ما أكد مستوردن لصحيفة البورصة المصرية، ويجب أن يُؤخذ في الاعتبار أن هذه الأسعار كانت قبل تعويم الجنيه مرتين خلال عام 2022.