أثار القرار الصادر عن هيئة قناة السويس والمقرر تنفيذه مطلع العام المقبل بزيادة رسوم المقررة لعبور السُفن في الممر الملاحي الأهم بالعالم، جدلا واسعا حول دلالات القرار ومدى تأثيره على حركة العبور بالقناة.
 وترى الأغلبية العظمى من الخبراء أن هذا القرار يعد ضمن القرارات العديدة التي اتخذها عبدالفتاح السيسي دون دراسة وسيؤثر على نِسب التدفقات التجارية وإنما قد يأتي بنتيجة عكسية إذ قد يتسبب في البحث عن طرق ملاحية بديلة، فيما رأى جانب آخر من الموالين لنظام السيسي أن قناة السويس مازالت هي الممر الملاحي الأرخص وبالتالي فإنه من المستبعد ومن غير المتصور أن تلجأ شركات الشحن إلى طرق أخرى.


قرار غير مدروس
أعلن الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، مؤخرا، زيادة رسوم العبور لجميع أنواع السفن العابرة للقناة بنسبة 15% وذلك بدءا من عام 2023، فيما تزيد رسوم عبور كلا من سفن الصب الجاف والسفن السياحية بنسبة 10%، على أن يبدأ تطبيق الزيادة المُقررة بداية من شهر يناير مطلع العام المُقبل.
وتعليقا على هذا القرار قال تيم هاكسلي رئيس شركة “ماندارين شيببينج” إن هذا القرار لم تتم دراسته جيدا موضحا أن “أسعار النفط تنخفض حاليًا، وبالتالي إذا ارتفعت أسعار القناة نفسها مقابل المنافسة (التي تدور حول إفريقيا)، فستخسر هيئة القناة”.. مضيفًا في الوقت ذاته أن الرسوم المتزايدة ستنتقل إلى العملاء ، مما سيؤدي بدوره إلى تضخم الوقود".
قرار زيادة الرسوم غير مقنع
وفند الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس أسباب زيادة رسوم عبور السفن العابرة للقناة، قائلا إن "القرار يأتي في ضوء المتابعة المستمرة لمستجدات المتغيرات السوقية لقطاع النقل البحري والتي ترصد استمرار ارتفاع فئات التأجير الزمني اليومى لمعظم أنواع السفن لمستويات غير مسبوقة وتوقعات استمرارها خلال العام القادم ، مُستدلاً بذلك على ارتفاع قيم تأجير ناقلات البترول الخام بنسبة زيادة 88% عن متوسط عام 2021، وكذلك ارتفاع قيم تأجير ناقلات الغاز الطبيعى المسال بنسبة زيادة 11% عن متوسط عام 2021".
وردا على مبررات الفريق أسامة ربيع ذكر موقع “SNBC” الأمريكي، إن هذا التبريرات غير مقنعة حيث أن أسعار النفط العالمية شهدت سنة متقلبة، من الارتفاع الصاروخي إلى أكثر من 130 دولار للبرميل بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، إلى التناقص إلى حوالي 80-90 دولارًا للبرميل في الأسابيع الأخيرة.كما لفت إلى أن الولايات المتحدة أعلنت عن زيادة بنسبة 8.3٪ على أساس سنوي في أسعار المستهلكين في أغسطس. فيما أدى ارتفاع تكاليف الغذاء والمأوى إلى تعويض انخفاض أسعار الغاز، فبالتالي فإنه عند انخفاض أسعار البترول ستبحث الحاويات عن طرق بديلة حتى ولو كلفها زيادة في الوقت، لأنه في النهاية أن المكسب هو ما تبحث عنه.


تبريرات متناقضة
وفي بيان زيادة الرسوم بقناة السويس قال الفريق ربيع إن "تحديد رسوم عبور السفن عبر قناة السويس يتوقف على عدة عوامل أبرزها متوسط أسعار نوالين الشحن لمختلف فئات السفن، لافتاً في هذا الصدد إلى ما سجلته نوالين الشحن من زيادات كبيرة ومتتالية خلال الآونة الأخيرة، لا سيما نوالين سفن الحاويات، وذلك مقارنة بما كانت عليه قبل أزمة كورونا، وانعكاس ذلك على توقعات تحقيق الخطـوط الملاحـية أرباح تشـــغيلية مرتفعة خلال عام 2023 ، في ظل استمرار تأثير أزمة إضطراب سلاسل الإمداد العالمية وتكدسات الموانئ العالمية وتأمين الخطـوط الملاحـية لعقود شحن طويلة الأجل عند مستويات مرتفعة.وكشف الفريق ربيع عن ما تحمله زيادة رسوم عبور السفن من ضرورة في ظل ارتفاع معدلات التضخم العالمية الحالية إلى ما يزيد عن 8% مما يؤدى الى زيادة تكاليف التشغيل والصيانة وتقديم الخدمات الملاحية بالقناة".
واختتم رئيس الهيئة تصريحاته، "بالتأكيد على سعى الهيئة الدائم لدعم عملائها وكسب ثقتهم وتفعيل التواصل معهم والبناء على ما حققته الهيئة من نجاحات متتالية في التعامل مع التحديات المختلفة وإدارة أزمات هي الأصعب على مدار تاريخها، وذلك بتبني استراتيجية طموحة تُعنى بتطوير الخدمات الملاحية المُقدمة للسفن العابرة للقناة، واتخاذ كافة التدابير والسياسات التي تمكن قناة السويس من أداء دورها الحيوي في خدمة حركة التجارة العالمية".
وتحليلا لتلك المبررات التي أعلنها الفريق  ربيع قالت صحيفة "الجارديان" الأمريكية في تقرير لها، السبت، إن تأثير رفع رسوم العبور بقناة السويس على سلاسل التوريد العالمية، ستواجه مزيدا من الضغوط التضخمية على سفن الشحن.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن "جورج لوري"، نائب رئيس شركة الأبحاث " فوريستر" أن صناعة الشحن العالمية لا تزال تتعافى من الاضطراب الذي أحدثه شطوح سفينة "إيفرجيفن" بالقناة المصرية، مضيفا: "تغييرات أنماط الاستهلاك والتسوق التي جاءت بعد وباء كورونا، بما في ذلك زيادة التجارة الإلكترونية، أدت لزيادة الطلب على واردات شحنات الحاويات من السلع الاستهلاكية إلى أوروبا وأمريكا الشمالية".
وأشار إلى أن "الأسواق الجديدة تطلب مزيدا من السلع المصنعة في آسيا، ما يؤدي إلى المزيد من سفن الحاويات في البحار، في الوقت الذي يعاني العالم من أزمة سلاسل التوريد بعد التعافي التدريجي من الوباء، ما تسبب في نقص إمدادات سلع مختلفة في الأسواق العالمية."