أسهمت العديد من القرارات خلال السنوات الأخيرة في دخول مصر بأكبر أزمة دولارية تشهدها في تاريخها، خاصة بعد هروب أكثر من 20 مليار دولار للمستثمرين الأجانب خارج البلاد.

وبحسب خبراء اقتصاديين فإن قائد الانقلاب السيسي أضاع عشرات مليارات الدولارات الخاصة بالقروض وثروات مصر الجديدة من الغاز الطبيعي لتمويل وبناء عاصمة إدارية جديدة، ورفع معدل النمو السنوي للحكومة إلى 6.6%.

وأسهم هروب مليارات الدولارات الخاصة بالمستثمرين الأجانب، وقرارات قائد الانقلاب ببناء العاصمة الإدارية الجديدة بدخول مصر في حالة ركود خلال العام الجاري، مع انهيار القطاع الخاص، وسقوط المزيد من الناس في هوة الفقر، كما أن مشكلة الاستيراد تزيد من ضعف ثقة الشركات، وتضر بإنفاق المستهلكين.

 

الجنيه سيتراجع إلى 24 أمام الدولار

وذكرت وكالة بلومبرج الأمريكية أن المستثمرين يتأهبون الآن في مصر لانخفاضات أكثر حدة للجنيه مقابل الدولار، وتوقعت الوكالة أن يصل الدولار الواحد إلى 24.6 جنيه، وفقًا لـ"الأناضول".

حسب تقرير للوكالة الأمريكية الذي نشر الثلاثاء 18 أكتوبر 2022، فإن سعر الصرف بين 21.7 – 24.6 جنيه للدولار قد يكون السعر المقبل قبيل إعلان الصندوق الدخول في اتفاق مع مصر.

حاليًا، يبلغ سعر صرف الدولار قرابة 19.7 جنيه، مقارنة مع 15.7 جنيه قبيل الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير الماضي.

من شأن خفض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار إلى المستويات التي تتوقعها الوكالة، أن يخفض من العجز التجاري المصري لمستويات معقولة.

حاليًا، يبلغ سعر الدولار تسليم بعد ثلاثة أشهر أكثر من 22 جنيهًا، وهو ما يرجح أن يقوم البنك المركزي بتحريك سعر الجنيه للمستويات التي تتوقعها بلومبرج.

بينما قال صندوق النقد، الأحد 16 أكتوبر، إن خبراءه والسلطات المصرية عقدوا مناقشات مثمرة على هامش الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدوليين، تسبق التوصل لاتفاق قرض مالي للقاهرة.

كما ذكر الصندوق في بيان أن الطرفين حققا تقدمًا كبيرًا حول قضايا مواصلة مسار الضبط المالي لضمان استدامة الدين العام؛ مما سيؤدي لانخفاض نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط، وفقًا لـ"عربي بوست".

قال جوردون ج. باورز، المحلل في مؤسسة "كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنتس"، ومقرها لندن، إن من المتوقع أن "تبدأ الوتيرة السريعة لتراجع الجنيه الآن"، مشيرًا إلى أنها ستكون خطوة رئيسية لمصر قبل أن تتمكن من نيل موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على قرض جديد.

واعتبرت بعض أكبر البنوك في العالم أن الجنيه المصري لا يزال باهظ الثمن وسط ارتفاع الدولار الأمريكي، حتى بعد أن خفض البنك المركزي قيمته بنحو 25% منذ مارس الماضي، وفقًا لـ"العربي الجديد".

وتزامن تقرير صندوق النقد الدولي مع صدور بيانات رسمية صادمة عن معدلات التضخم المتسارعة في مصر، والتي تقترب من ذروة 4 سنوات. حيث قال البنك المركزي، الاثنين، إن التضخم الأساسي، الذي يستبعد العناصر الأكثر تقلبًا في الأسعار، الغذاء والوقود، وصل إلى 18.0 بالمئة في سبتمبر على أساس سنوي مقارنة بنسبة 16.7 في أغسطس.

بدأت مصر محادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة دعم مالي، في مارس 2022، بعد فترة وجيزة من بدء الأزمة الأوكرانية التي زادت من اضطراب مواردها المالية غير المستقرة بالفعل ودفعت المستثمرين الأجانب إلى سحب ما يقرب من 20 مليار دولار من الأسواق المصرية في غضون أسابيع.

 

انخفاض الواردات

 

في سياق متصل، أظهرت بيانات البنك المركزي أن نقص النقد الأجنبي أدى إلى انخفاض حاد في الواردات غير النفطية، التي تراجعت بنسبة 20% في الربع من إبريل إلى يونيو.

أدى ذلك إلى نقص في المدخلات لكل من المصانع وتجار التجزئة، وتراكم البضائع والسلع، وضمن ذلك القمح، في الموانئ. وشددت البنوك قيود السحب بالدولار من الحسابات المصرفية من الجنيه.

من جانبها، قالت كالي ديفيس، من مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس: "اختتام المفاوضات مع صندوق النقد الدولي أصبح مُلحًا بشكل متزايد، وسط تفاقم شُح النقد الأجنبي ونقص الإمدادات والتضخم المستمر".

كما قالت كريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي، في الثالث من أكتوبر، إن مصر والصندوق قريبان من التوصل إلى اتفاق.

الجدير بالذكر أن المرحلة القادمة من تعويم الجنيه ستوجه ضربة قاسية إلى الطبقة الوسطى التي تتلاشى ومحدودي الدخل والفقراء في البلاد، الذين يعانون بشدة من تداعيات الغلاء المتواصل منذ سنوات، ولا سيما بعد بدء تعويم الجنيه في نوفمبر 2016، حيث كانت العملة المصرية تبلغ قبل ذلك التاريخ نحو 8.8 جنيهات.

وكان هشام عز العرب، مستشار محافظ البنك المركزي، قد قال، يوم الأحد الماضي، إن التضخم هو المشكلة الأساسية للاقتصاد المصري، وإن ارتفاع الدولار بنسبة 10% سيسهم في ارتفاع معدل التضخم بنسبة 4%.

وبحسب بيانات تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر الثلاثاء، خفض الصندوق توقعاته للاقتصاد المصري 1.5 نقطة مئوية في أقل من 3 شهور، وهو انخفاض حاد، يدل على التدهور السريع لأداء الاقتصاد المصري.