تعرض الاقتصاد خلال السنوات الثلاثة الماضية إلى عدة أزمات متتالية، بدأت بأزمة كورونا، وانتهت بأزمة الدولار في مصر، وبينهما أزمات الحرب الروسية الأوكرانية، وتعويم الجنيه، وهروب الاستثمارات الأجنبية، وارتفاع فاتورة استيراد القمح والبترول والغاز، وتراجع السياحة، وتراجع احتياطات العملة الأجنبية، وارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى خلال السنوات الأربع الأخيرة.

ونستعرض في هذا التقرير أهم الأزمات التي خلفها صعوبة الحصول على الدولارات في مصر.

 

استمرار أزمة الاستيراد

صرح وزير المالية محمد معيط، في يوليو الماضي، إلى أن قيمة الواردات المصرية قفزت إلى 9.5 مليارات دولار شهريًا من 5 مليارات دولار قبل الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير الماضي، وذلك لزيادة أسعار سلع أساسية بينها الطاقة والقمح، وكلفة الشحن والاستيراد.

ويرى رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، متى بشاي، أن "هناك أزمة في توفير الدولار، وهناك أزمة اقتصادية عالمية، ونحن نستورد نحو 60% من احتياجاتنا من الخارج، والحكومة تحاول حلحلة الأزمة بشكل تدريجي، ونأمل خلال الفترة المقبلة أن تكون هناك حلول لاستيراد السلع الكاملة الصنع".

ووصف بشاي الوضع الحالي "بالصعب خاصة لمستوردي السلع الاستهلاكية من جميع الأنواع بما فيها الصحية والكهربائية والمنزلية"، لافتا إلى أن "هناك بضائع مكدسة في جميع الموانئ ينتظر بعضها الإفراج الجمركي منذ شهر فبراير الماضي"، وفقًا لـ"عربي 21".

 

أزمة استيراد الأدوية

وفي تقرير لوكالة رويترز، فإن الاقتصاد المصري خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً بعدما فقد الجنيه 22% من قيمته منذ مارس الماضي، يعاني معاناة شديدة أدت إلى تراجع الواردات الأساسية بشكل كبير.

ويأتي استيراد الأدوية من الخارج على رأس هذه الأزمات كما يقول يقول مالك صيدلية في القاهرة إن موردي الأدوية المصريين يواجهون صعوبات في استيراد الأدوية المصنعة في الخارج، بينما خفض المصنّعون المحليون الإنتاج بسبب الصعوبات في استيراد المكونات الفعالة.

ويقول المسؤولون إنه تم الحفاظ على توافر السلع الاستراتيجية بما في ذلك القمح. ويوضح أشرف الجزايرلي، العضو البارز في غرفة الصناعات الغذائية التابعة لاتحاد الصناعات المصرية، "في تأخير أكيد النهاردة بيحصل... بيقل المخزون ولكن في السوق مفيش حاجة ناقصة".

 

تراجع القطاع الخاص

ويعتبر تراجع القطاع الخاص وانكماشه من الأزمات الكبيرة التي أثرت في مصر خلال السنوات الأخيرة.

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، رصد الخبير الاقتصادي، إبراهيم نوار، تدهور نصيب القطاع الخاص من الاستثمارات الجديدة في مصر في 10 سنوات وتراجعه من 64% في 2011/2012، إلى 26% عام 2020/2021.

وتحدث عن أصل الأزمة مؤكدًا أن "الدولة تتوسع على حساب القطاع الخاص، والمنافسة تنكمش مقابل الاحتكار، والسوق تنزوي في ركن ضيق أمام تغول الحكومة وإدارة الاقتصاد بالأمر المباشر".

 ومن أهم أسباب تراجع القطاع الخاص في مصر هو غموض السياسة النقدية وتراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، وزيادة الفجوة التمويلية بالبلاد لمستويات كبيرة، وفقا لوكالة رويترز.

وأظهر المسح اتخاذ قطاع الأعمال في مصر نظرة قاتمة للعام المقبل بسبب مخاوف بشأن العملة والحرب بأوكرانيا واختناقات الواردات، وبلغ مؤشر "ستاندرد آند بورز غلوبال" لمديري المشتريات في مصر 47.6 وهو أقل من خط الـ50.0 الذي يشير إلى النمو.

 

تباين سعر الدولار في البنوك

إذا كان الحصول على الدولار هو إحدى الصعوبات الكبرى في مصر، إلا أن تباين سعره لدى البنوك المصرية يعتبر أزمة أخرى، فسعر الدولار لدى البنك المركزي يستقر عند مستوى 19.44 جنيه للشراء، ومرتفع إلى 19.55 جنيه للبيع، مقابل 19.44 جنيه للشراء، و19.51 جنيه للبيع أمس، بحسب نشرة البنك المركزي المصري "cbe.org.eg".

وارتفع سعر الدولار اليوم في مصر لدى البنك الأهلي المصري إلى نحو 19.46 جنيه للشراء، و19.52 جنيه للبيع، مقابل 19.44 جنيه للشراء، و19.50 جنيه للبيع أمس. وتكرر السعر نفسه لدى بنك مصر. وفي البنك التجاري الدولي (CIB) ارتفع الدولار اليوم إلى 19.48 جنيه للشراء، و19.54 جنيه للبيع.

 

ارتفاع أسعار السيارات 75%

انكمش نشاط مبيعات السيارات بما بين 35% و40% في الشهور الأخيرة، وهو ما يعود لزيادة الأسعار وشح المعروض، لكن زيادة الأسعار ليست العامل الأكبر نظرًا لأن المشترين يواصلون الشراء تحسبا لمزيد من القفزات في الأسعار في المستقبل

وتوضح كريستين عياد (38 عامًا) أن سعر السيارة التي كانت ترغب في شرائها ارتفع بنسبة 75% منذ بدأت البحث عن سيارة جديدة العام الماضي، وهي نسبة الارتفاع ذاتها التي شهدتها أسعار بعض السلع المستوردة الأخرى.

ويقول محمود خيري، الخبير في سوق السيارات: "الزيادات في الأسعار لا توازي حجم التحرك في سعر الصرف.. الموزعون كانوا منذ بداية الأزمة يعتمدون في تسعير السيارات على سعر صرف عند 22 جنيها للدولار، وحاليًا وصل إلى 25 جنيها.. وهناك أسعار لسيارات تجعلنا نعتقد أنهم يسعرون بناء على سعر صرف 30 جنيها للدولار.. لم يعد هناك معيار حقيقي وصارت هناك عشوائية في التسعير".