تشير التوقعات الاقتصادية إلى أن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) سيقوم برفع أسعار الفائدة الأمريكية، وتشير توقعات العديد من السياسيين إلى أن البنك المركزي المصري سيقوم تبعًا لذلك، بعد غدٍ الخميس، برفع أسعار الفائدة على ودائع الليلة الواحدة 100 نقطة أساس (1%) لمواجهة التضخم المتزايد في البلاد.

وأشار استطلاع أجرته "رويترز" شمل 15 محللاً، إلى قيام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة على الودائع إلى 12.25% في الاجتماع الدوري للجنة السياسة النقدية. وتوقعوا رفع فائدة الإقراض إلى 13.25%، وفقًا لـ"يورو نيوز".

وكان البنك المركزي قد أبقى على أسعار الفائدة دون تغيير في الاجتماعين الماضيين، في 23 يونيو و18 أغسطس، لكنه رفعها بمقدار 200 نقطة أساس في مايو الماضي، في محاولة منه لكبح توقعات التضخم بعد أن قفزت الأسعار بأسرع وتيرة في ثلاث سنوات.

 

4 عوامل لرفع سعر الفائدة

ويرى الخبير الاقتصادي هاني جنينة، أن لجنة السياسيات النقدية بالبنك المركزي قد تتجه إلى رفع سعر الفائدة سواء، مرجعًا سبب توقعه إلى 4 عوامل وهي:

أولا - ارتفاع معدل التضخم الأساسي خلال شهر أغسطس الماضي إلى 16.7%- وهو أعلى من متوسط معدل التضخم في الشرق الأوسط البالغ 7%- كما يتوقع أن يستمر معدل التضخم في مصر في زيادة خلال الفترة المقبلة حال الاتفاق على حصول تمويل من صندوق النقد الدولي، والذي سيطلب رفع الدعم عن المحروقات، وفقًا لـ"CNN".

ثانيًا - اتجاه الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة يوم الأربعاء المقبل بنسبة تصل إلى 1%، مما يضطر البنك المركزي إلى زيادة سعر الفائدة لاستمرار جذب استثمارات أجنبية غير مباشرة.

ثالثًا - ارتفاع مستوى السيولة بالأسواق، حيث ارتفع مستوى نقود الاحتياطي بنسبة 30% خلال أغسطس 2022 مقارنة بشهر مارس من العام ذاته، مما يتطلب زيادة سعر الفائدة لتحجيم هذا الارتفاع في السيولة النقدية.

رابعًا - محاربة "الدولرة"، حيث يتداول الدولار بسعر أعلى من السعر الرسمي في الأسواق الموازية، مما يتطلب ضرورة رفع الفائدة حتى يسمح للبنوك بزيادة شهادات ادخار مرتفعة العائد لجذب السيولة من المواطنين.

وذهب جنينة إلى أن البنك المركزي سيقوم بزيادة سعر الفائدة 200 نقطة أساس (2%)، مما سيؤثر على ارتفاع تكلفة تمويل الموازنة العامة للدولة، غير أنه أشار إلى أن وزارة المالية قد تتجه إلى خفض مصروفاتها مثل رفع الدعم عن المحروقات، والذي سيعوض ارتفاع تكلفة التمويل.

ويلخص جنينة أهداف رفع الفائدة في أمرين؛ أولهما - كبح التضخم، وثانيهما - السيطرة على الدولار لمدة لا تزيد عن 6 أشهر، ويرى أن وزارة المالية قادرة على تحمل صدمة ارتفاع الفائدة، أما بالنسبة للمواطن والشركات، فإن هناك العديد من مبادرات البنك المركزي لتمويل المشروعات وشراء وحدات سكنية تعوض زيادة الفائدة.

 

3 فوائد لتثبيت سعر الفائدة

وفي الاتجاه الآخر يذهب بعض الاقتصاديين إلى أن الأفضل أن يقوم البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة كما فعل في المرتين السابقتين، لأن ذلك يحقق العديد من الفوائد.

وأكدت رضوى السويفي، رئيس قطاع البحوث بالأهلي فاروس للأوراق المالية، أن قيام البنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة يمكن أن يحقق ثلاث فوائد، وهي:

 أولا - عدم الضغط على الموازنة العامة للدولة مع الهدوء في أسعار السلع العالمية بشكل نسبي.

ثانيًا - سريان التضخم في مسار محدد، الذي من المتوقع أن يبدأ في الانحسار بداية من أبريل 2023.

ثالثًا - دعم عجلة الإنتاج.

رابعًا - دعم الموازنة العامة للدولة.

إلا أنها رجحت قيام البنك المركزي للخيار التقليدي لرفع أسعار الفائدة 200 نقطة أساس خلال اجتماعه المقبل، وخاصة في حالة اتخاذ خطوات سريعة فيما يخص مرونة أسعار الصرف قبل موعد الاجتماع، وفقًا لموقع "مباشر".

ورأى محمد عبد الرحيم، المحلل المالي، أن الأفضل الآن تثبيت أسعار الفائدة، خاصة أن معدلات التضخم لن ترتفع الفترة المقبلة بشكل كبير، خاصة أنها من المعطيات الخارجية "مستورد" وتم امتصاصها.

وقال إن رفع أسعار الفائدة لن يكون مجزيًا في الوقت الحالي خاصة أن الأموال الساخنة تترقب قرارات أخرى للدخول في الأسواق الناشئة حاليًا، وفقًا لـ"العين".

 

مواجهة التداعيات السلبية لأسعار الفائدة

ويفند الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، مخاطر زيادة سعر الفائدة في مصر، ويرى أنها ستؤثر سلبيًا على ارتفاع تكلفة تمويل الموازنة العامة للدولة، حيث تكلف زيادة الفائدة بنسبة 1% الموازنة العامة للدولة 10 مليارات جنيه (514.9 مليون دولار) شهريًا تقريبًا، كما تؤثر سلبًا على تشجيع الاستثمار المباشر محليًا، مشيرًا في هذا الصدد إلى أن الاقتصاد العالمي كله يعاني من تحديات مماثلة أبرزها انخفاض أسعار العملات أمام الدولار، وارتفاع أسعار الفائدة، وتراجع في الاحتياطي النقدي، وانخفاض في الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة.

واقترح بدرة، عدة قرارات لمواجهة التداعيات السلبية لأسعار الفائدة أهمها اهتمام الحكومة بتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال منح حوافز للمستثمرين خاصة المحليين، وإزالة كل المعوقات أمام الصناعة لتشجيع الإنتاج الصناعي لتلافي حدوث تباطؤ في الاقتصاد المحلي.

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فقد سجلت معدلات التضخم ارتفاعًا في أغسطس الماضي إلى 14.6% في المدن على أساس سنوي، بينما سجلت في يوليو 13.6%.

وارتفع معدل التضخم الأساسي إلى 16.7%، ويستهدف البنك المركزي نطاق التضخم عند 7% بزيادة أو نقصان 2%، غير أنه قال في منتصف العام الجاري 2022 إنه ربما يسمح بمستوى أعلى من ذلك ما بعد الربع الرابع من العام الجاري.