سجل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية خلال أغسطس المنصرم، أعلى مستوياته في نحو أربعة أعوام، حسبما أفادت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اليوم الخميس.

في التفاصيل، أن التضخم السنوي في المدن بلغ 14.6% في أغسطس، ارتفاعًا من 13.6% في يوليو، لكنه سجل تراجعًا على أساس شهري بلغ 0.9% مقابل 1.3% في الشهر السابق.

وهذا أعلى معدل للتضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مدن مصر منذ نوفمبر 2018، عندما سجل 15.7%، في تقديرات أوردتها وكالة "رويترز".

وأفادت بيانات الجهاز بأن معدل التضخم السنوي في أنحاء البلاد سجل 15.3% في الشهر الماضي، فيما بلغت الزيادة الشهرية 0.5%.

ويأتي ارتفاع التضخم السنوي مدفوعًا بصعود أسعار مجموعة الطعام والمشروبات 24.3%، إذ زادت أسعار مجموعة الحبوب والخبز 50.2%، والزيوت والدهون 32.1%، وفقًا لتفاصيل نقلتها "الأناضول". وارتفعت أسعار الألبان والجبن والبيض 26.9% على أساس سنوي في أغسطس، واللحوم والدواجن 23%.

وزادت أسعار مجموعة النقل والمواصلات 16.5%، وسط زيادات على أسعار الوقود، الناجمة عن قفزات سجلتها أسعار النفط عالميًا خلال العام الجاري، وفقًا لـالعربي الجديد".

تأتي هذه البيانات الجديدة فيما يستهدف البنك المركزي الذي تجتمع لجنة السياسات النقدية به في 22 سبتمبر الجاري، معدلًا بين 5 و9 نقاط مئوية، لكنه توقع الشهر الماضي ارتفاعًا مؤقتًا عن المعدل الذي يستهدفه خلال الشهور المقبلة، على أن تعاود معدلات التضخم الانخفاض تدريجًا بعد ذلك.

وعانت مصر خلال 2022 من ارتفاع أسعار السلع المستوردة من الخارج، وهو ما ظهر على صعود فاتورة الواردات 90% إلى أكثر من 9 مليارات دولار شهريًا من متوسط 4.5 مليارات دولار سابقًا.

ماذا يقول الخبراء؟

وفي وقت سابق، قال الخبير الاقتصادي المصري، ممدوح الولي، إن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي في مصر تفوق الـ130%، دون مساءلة من برلمان أو إعلام اقتصادي أو مراكز بحوث اقتصادية، في ظل الجو غير الديمقراطي الذي تعيشه البلاد منذ سنوات.

وتقدر الحدود الآمنة لنسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول بين 30 و50%، وفقا لتصنيفات صندوق النقد والبنكيين الدوليين، و60% وفقًا لتصنيف الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني أن الدين العام في مصر تجاوز الحدود الآمنة بمعدلات مرعبة.

وأوضح الولي في مقال لـ"عربي21"، أن بيانات وزارة المالية الخاصة بالدين التي يخرج بها وزير المالية إلى وسائل الإعلام تنسب الدين الحكومي فقط سواء الداخلي أو الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتي ذكر أنها بلغت 87.6% في نهاية يونيو الماضي، بينما الأصح لمعرفة الصورة الحقيقية لحجم الدين العام لمصر إلى الناتج المحلي الإجمالي، هو نسبة كامل الدين المحلي بمكوناته الثلاثة، مع كامل الدين الخارجي بكل مكوناته الحكومة والبنوك والقطاع الخاص، إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهنا سنصل إلى نسبة ستفوق الـ130%.

يوسف البنا، المحلل المالي في "نعيم المالية" يقول إنّ الارتفاع "يعود إلى زيادة أسعار الخضراوات والحبوب والزيوت، هذا هو أعلى مستوى للتضخم في مدن مصر منذ نوفمبر 2018 عندما بلغت الأرقام 15.7%".

واتفقت معه رضوى السويفي، رئيسة البحوث في "الأهلي فاروس"، فقالت إنّ "الأغذية والمشروبات من أهم أسباب الزيادة بجانب إعادة تسعير بعض السلع الأخرى".

رفعت حكومة الانقلاب، في يوليو الماضي، سعر السولار لأول مرة منذ يوليو 2019، بنحو 50 قرشًا ليصبح 7.25 جنيه للتر، في خطوة يُتوقَّع أن ترفع التضخم بالبلاد إلى مستويات جديدة. كما رفعت سعر البنزين بأنواعه الثلاثة للمرة السادسة على التوالي.

رفعت الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني" أسعار 10 أصناف من السجائر الشعبية التي تنتجها في مصر، مطلع هذا الأسبوع، وتراوحت الزيادات في الأسعار بين 1.5 جنيه إلى جنيهين، وشملت أصنافًا رائجة شعبيًا، منها "كليوباترا بوكس"، و"كليوباترا سوبر"، و"مونديال"، وفقًا لـ"اقتصاد الشرق بلومبرج".

لكن البنا والسويفي اتفقا على أن تلك الزيادات سيظهر تأثيرها في أرقام التضخم في سبتمبر، عند الإعلان عنها مطلع الشهر المقبل.

تخطي هدف "المركزي"

خلال الأشهُر الأخيرة، تخطّت أرقام التضخم في مصر الرقم المستهدف من قِبل البنك المركزي البالغ 7% (بزيادة نقطتين مئويتين أو أقل) حتى نهاية 2022. وكان التضخم في مصر قفز بعد أن حررت الدولة سعر صرف الجنيه في نهاية 2016، ثم حركته جزئيًا في مارس 2022 مرة أخرى.

السويفي ترى أن أرقام التضخم التي ستُعلن الشهر المقبل الخاصة بسبتمبر "ستتوقف على حسب سعر الصرف، وهل حدث به مزيد من التحرير أم لا. الأرقام المبدئية تتراوح بين 15 و17% للشهر المقبل على أساس سنوي".

هبط الجنيه المصري مقابل الدولار بنحو 23% منذ مارس الماضي عندما سمح المركزي له بالتحرك في السوق وحتى الآن.

عانت الطبقات الوسطى والفقيرة في مصر خلال السنوات الماضية من ارتفاع حادّ في أسعار كل السلع والخدمات. وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية انتشرت شاحنات تابعة للجيش في أنحاء البلاد لبيع المنتجات الغذائية بأسعار رخيصة، وزادت منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة.

إلى ذلك، ومن أجل تخفيف عبء برنامج الإصلاح على محدودي الدخل، اتخذت السلطات المصرية عددًا من الإجراءات، شملت زيادة الأجور والمرتبات، ورفع حد الإعفاء الضريبي، وتطبيق علاوات استثنائية.