في تزامن عجيب، نشرت الوكالة الاثيوبية للأنباء صور للشعب الاثيوبي وهو يحتفل بإعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد صباح الجمعة 12 أغسطس من أعلى سد النهضة في مؤتمر صحفي "الانتهاء من الملء الثالث للسد" وبدء إنتاح الكهرباء بواقع 560 ميجاوات بعد تشغيل التوربين الثاني للسد الاثيوبي الكبير، هذا مع فقدان مصر أملها في ضربة عسكرية تسترد بها حقها في مياه النيل بالإضافة إلى تضييع جديد للسيسي بإعلانه وحكومته العاجزة "ترشيد" الإستهلاك بقطع الكهرباء عن المصريين.
ويأتي الإعلان بعد يوم واحد، من إعلان إثيوبيا أنها بدأت إنتاج الكهرباء من التوربينات الثانية في سد النهضة الإثيوبي.
بيع الكهرباء
وعوضا عن مشروع الإمارات لتقنين بيع مياه النيل لأصحاب الحق فيه من المصريين والسودانيين، صرح آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي الجمعة : "سنبيع الكهرباء لدول الجوار، لتحقيق تنمية مشتركة"!
وأعلنت الحكومة الإثيوبية صباح الجمعة الانتهاء من الملء الثالث لسد النهضة، وذكرت أنها خزنت 22 مليار متر مكعب من مياه النيل، دون إضرار أو توقف المياه إلى دولتي مصب النهر مصر والسودان.
وتزامنًا مع إعلان إثيوبيا اكتمال التعبئة الثالثة لسد النهضة، قال قائد القوات الجوية: "سلاح الجو الإثيوبي في وضع يسمح له بحماية المنطقة الجوية والدفاع عنها من أي هجوم".
وأضاف الإعلامي ناصر ساتي "@Semawit8": "سد النهضة بعد نجاح الملء الثالث بحجز ٢٢ مليار متر مكعب خلف السد يغير مفهوم و نطاق الامن القومي لكل من القاهرة و الخرطوم. على الرغم من إن السد مصمم بحيث يستطيع أن يمتص أي ضربات إلا إن القاهرة والخرطوم معها بصفة خاصة ستجد نفسها مجبرة في حماية السد ضد أي معتد حتى ولو كان اثيوبيا!".
ووصل مستوى ارتفاع السد إلى 600 متر، في وقت حذر فيه مدير إدارة مياه النيل بوزارة الري السودانية بتصريحات تلفزيونية "خطورة الملء الثالث هذا العام تأتي من حجز المياه في يوليو وتمريرها خلال شهر أغسطس، بالتزامن مع قمة فيضان نهر النيل الأزرق".
توربينات السد
و"التوربين" -جهاز يستخدم الطاقة الحركية لمواد مائعة أو غازية كالماء أو البخار أو الهواء ويحولها إلى طاقة ميكانيكية عبر حركة دورانية، ويُستخدم لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح والماء- والثاني منه سيولد طاقة كهربائية بحجم 270 ميجاواط.
وأضافت وكالة الأنباء الاثيوبية "ستبدأ الوحدة 9 التابعة لسد النهضة العمل بقدرة إنتاج 270 ميجاواط من الكهرباء"، وبدأت إثيوبيا توليد الكهرباء من السد في فبراير الماضي، عبر الوحدة 10، التي تولد 270 ميجاواط من الكهرباء.
وسيولد سد النهضة حاليا ما مجموعه 540 ميجاواط من الكهرباء، وهو ما يعادل الكهرباء المولدة من سدي جيبي الأول والثاني مجتمعين.
وتقول إثيوبيا، إن عملية توليد الطاقة من سد النهضة، يتوقع أن يكون أكبر مشروع أفريقي لتوليد الكهرباء من المياه.
شكاوى محلية
وفي استغاثات رفعها البعض إلى السيسي اشتكى العديد من عودة انقاطعات الكهرباء وبشكل متواصل وأقوى مما كانت عليه في 2013، عندما كان يتقاضى بعض الموظفين مرتبات من الأجهزة الأمنية مقابل قطع مقصود وغير مطلوب للكهرباء.
يقول "صلاح عناني" من قرية الشيخ جبيل بالشرقية ".. مفيش يوم بيعدي الا والكهرباء بتقطع وبساعات طويله في ظل ارتفاع درجات الحرارة في هذه الأيام ينفع يا ريس في ظل فائض في الكهرباء ويتم تصديره الي الدول المجاورة واحنا نعيش في ظلام والناس دي اللي تحملت فاتورة الإصلاح الاقتصادي ومستعده تتحمل اكتر من أجل مصر وحضرتك بس لما يكون في فائض الكهرباء مش تقطع علينا في ظل حكم حضرتك وحضرتك قولت اللي مش عايز يشتغل يروح وبتوع الكهرباء مش عايزين يشتغلوا يا ريس وعايزين يكرهوا الناس في حضرتك بقطع الكهرباء..".
ومقابل هذه الشكاوى الحية (وإن كانت تستغيث من الرمضاء بالنار) تظهر لجان المخابرات في تأييد إعلان "الحكومة" والمبهم عن "الترشيد" وبعضهم مثل "فريدة السيسي المصري" التي تلمح إلى أن قطع الكهرباء موجود في دول العالم بزعم أن "الحكومة الإسبانية... لن نسمح للشركات والمطاعم والسينما والمسارح بتشغيل مكيفات الهواء الا على 27 درجة مئوية.. الألمان .... يواجهون أزمة اقتصادية حادة نتيجة تشغيل المصانع وردية واحد بـ أقل من ثلث طاقتها.. بريطانيا ... قد تواجه عجز في الكهرباء حتى بعد تشغيل محطات الفحم .. المفروض والله كل صلاة نحمد الله على نعمة مصر ".
الطلب على الدولار
وبدعوى تخفيض الطلب على الدولار، أعلن مجلس وزراء الانقلاب عقب اجتماعه الأسبوعي، أنه جار وضع خطة تنفيذية بالمحافظات لتطبيق إجراءات ترشيد استهلاك الكهرباء، وهي الخطة التي سيبدأ تطبيقها، مع بداية الأسبوع المقبل، في المنشآت العامة والأندية ومراكز الشباب وغيرها، كوسيلة لخفض كمية الغاز الطبيعي المُستخدم في توليد الكهرباء بمتوسط 15% سنويًا، حسبما زعم رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي، الثلاثاء الماضي، وقال إن قطاع الكهرباء يبتلع نحو 60% من الاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي، مُضيفًا أن الحكومة قد تلجأ إلى خطوات أكثر تشددًا بخصوص ترشيد الكهرباء في الفترة القادمة.
وقال مدبولي إن الحكومة، في سبيل توفير الغاز، بدأت بالفعل، منذ أكتوبر الماضي، تشغيل عدد من محطات توليد الكهرباء باستخدام المازوت المنتج محليًا، الأمر الذي أدى لتوفير ما بين 100 إلى 150 مليون دولار شهريًا. وبحسب بيانات جهاز تنظيم الطاقة، فقد قفزت نسبة الاعتماد على المازوت في توليد الكهرباء خلال عام لتصل إلى 11.5% من إجمالي مصادر الطاقة، في مايو الماضي، مقابل 1.1% فقط في مايو من العام الماضي.
ولم يوضح مدبولي لماذا نُرشد استهلاك الكهرباء إن كنا استبدلنا الغاز بالمازوت المتوفر محليًا بالفعل، ولكن المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، أيمن حمزة، قال في تصريحات صحفية إن الحكومة تريد ترشيد استهلاك الغاز لإنتاج كهرباء بنسبة 15%، لكنها تريد أيضًا ترشيد استهلاك المازوت، وهو ما يتطلب إجمالًا خفض استهلاك الكهرباء.
وقال مصدر بوزارة الكهرباء أن "الوفر من الدولار متحقق نتيجة الاستغناء عن استيراد هذه الكمية من الغاز الطبيعي بغرض توليد الكهرباء بعدما استبدلتها الحكومة بالمازوت، نظرًا لعدم حيازة مصر فائض من الغاز الطبيعي بالأساس"، وفقا لـ "مدى مصر".
ويبلغ إجمالي الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي 7.5 مليار قدم مكعب يوميًا، مقسمة إلى حصتين بين الحكومة والشريك الأجنبي- المُتولي شؤون الحفر والتنقيب، تبلغ حصة الحكومة خمسة مليارات قدم مكعب، تحصل عليها مجانًا، وتشتري مليار قدم مكعب إضافية من حصة الشريك الأجنبي، لتوفي كامل احتياجها للاستهلاك المحلي البالغ ستة مليارات قدم مكعب.
ويزعم "مدبولي" أن الحكومة ستصدر هذه الكميات المُوفرة من الغاز الطبيعي، وذلك لتحقيق الاستفادة القصوى من الأسعار العالمية للغاز، التي وصلت إلى 30 دولار لكل مليون وحدة حرارية، مقابل سعر محلي يبلغ ثلاثة دولارات للمليون وحدة، تبيع به وزارة البترول الغاز الطبيعي لوزارة الكهرباء.
إلا أن حكومة السيسي لم تعلن عن تفاصيل جديدة بخصوص خطتها لترشيد الكهرباء، في أعقاب اجتماعها الأسبوعي، وذلك بعدما كان مدبولي، قد اكتفى الثلاثاء الماضي بإعلان بعض خطوات ترشيد الكهرباء والمتمثلة في قطع الكهرباء عن المباني الحكومية بمجرد انتهاء ساعات العمل، باستثناء الاحتياجات الضرورية داخل المباني، وكذلك تخفيض الإنارة بالشوارع والمحاور الرئيسية، وكذلك بالنسبة للميادين العامة، وهو الأمر الذي بدأ تطبيقه في ميدان التحرير منذ منتصف الأسبوع المُنتهي.