حلّت الخميس الماضي الذكرى التاسعة لأحداث 30 يونيو 2013، التي مهدت لانقلاب قائد الجيش حينها عبدالفتاح السيسي، على أول رئيس مدني منتخب في مصر، الرئيس الراحل محمد مرسي، والتي يعتبرها أنصار السيسي "ثورة".

ومنذ "30 يونيو"، تراجعت أحلام المصريين التي تفجرت مع ثورة يناير 2011، بالعيش الكريم والحرية، والعدالة الاجتماعية، وسط مراجعات الكثير من مؤيدي النظام العسكري لمواقفهم.

فهل قادت أحداث 30 يونيو 2013، بعد مرور 9 سنوات عليها، مصر إلى تحقيق مكاسب حقيقية استفاد منها المصريون وأنقذتهم من الفقر والبطالة والغلاء؟ أم إنها تسببت في خسائر للدولة والشعب المصري؟

خسائر كبيرة

ومجيبا عن ذلك، أكد السياسي المصري المهندس سمير عليش، أن حجم الخسائر المصرية من 30 يونيو كبيرة، وعلى كل المستويات، السياسية والاقتصادية والخارجية والداخلية.

وقال: "أهم الخسائر التي منيت بها مصر كانت باتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية أبريل 2016، التي نتج عنها تنازل مصر عن جزيرتي (تيران وصنافير)، وما تبع ذلك من خسائر استراتيجية وأمنية وسياسية واقتصادية".

وأشار المتحدث باسم "الجبهة الوطنية للتغيير" سابقًا، إلى "خسائر مصر من اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان، وقبلهما إسرائيل، وما تلاها من تقسيم بحري لحقول البترول والغاز بالمنطقة الاقتصادية في البحر المتوسط".

وأكد أنه "من أكثر خسائر مصر نتيجة 30 يونيو كانت اتفاقية مبادئ السد الإثيوبي التي عقدها السيسي في 23 مارس 2015"، والتي خسرت مصر بتوقيعها حصتها التاريخية من مياه النيل والبالغة 55 مليار متر مكعب، وتواجه التعنت الإثيوبي بملف المياه.

وداخليًا، تحدث عليش عن "خسارة مصر الكبيرة بسبب التعديلات الدستورية الفاشية"، التي تم الاستفتاء عليها في أبريل 2019، ومنحت السيسي سلطات واسعة، ومنحته الحق في حكم البلاد حتى عام 2030، وزادت المدة الرئاسية لـ6 سنوات.

وألمح إلى "الانهيار الكامل لحرية الإعلام طوال 8 سنوات، إلى جانب بناء جمهورية الخوف"، في إشارة إلى قمع النظام العسكري الحاكم للمعارضين واعتقالهم، وإصدار الأحكام القاسية التي تصل إلى الإعدام، وتكميم الأفواه، وسيطرة النظام على وسائل الإعلام، وتجريم النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفقًا لـ"عربي 21".

أزمات أمنية وسياسية

وفي رؤيته لأهم الأزمات الأمنية والسياسية التي تسبب بها انقلاب "30 يونيو" وأضرّ بالمصريين، قال الباحث في الشؤون الأمنية أحمد مولانا: "الأبرز هنا البعد الاقتصادي، فبعد أن كانت ديون مصر قرابة الـ43 مليار دولار في 2013- 2014، تعدت في 2021 نحو 145 مليار دولار، متضاعفة 3 مرات ونصف بـ9 سنوات".

وأضاف "هناك وضع سيئ انعكس على أوضاع المصريين، وانخفاض قيمة الجنيه، مع ضعف القدرة الشرائية ومعاناة المصريين ما دفعهم لفكرة الهجرة غير الشرعية".

وهنا أشار إلى "تقرير مفوضية الاتحاد الأوروبي في أبريل الماضي، والذي أكد أنه بالشهور الأولى من العام الجاري، عبر 3500 شاب مصري المتوسط ضمن موجة هجرة غير شرعية زادت 3 أضعاف عن العام الماضي".

وأضاف الباحث أن من الأوضاع المأساوية مع "30 يونيو"، "مشكلة سد النهضة الإثيوبي وفشل النظام في حلها، ما يدفع بمصر لتكون مرتهنة لأديس أبابا، في ملف حيوي ينعكس على الزراعة والصناعة وحياة السكان".

وأشار إلى ملف سيناء مؤكدًا أنه "لم يتم التعامل فيه بشكل رشيد، بل بطريقة إقامة مناطق عازلة ما يترك أثرًا على طبيعة العلاقة بين السكان والدولة مستقبلًا ويصبح لديهم ميراث وذكريات مرتبطة بالتهجير والابتعاد عن الأرض".

ولفت مولانا إلى أزمات 9 سنوات "في الملف الحقوقي والسياسي، وتسييس القضاء، وغياب العدالة، ووفاة المئات بالسجون، ما غيب الأمل لدى الناس، وأصبح خيار الهجرة حلمًا للمصريين، في مشكلة استراتيجية لأي دولة لا تعطي الأمل لشعبها وتعد طاردة له".

وختم بالقول: "النظام موجود ومسيطر بقبضة أمنية؛ ولكن واقع المجتمع يضعف داخليًا، وواقع مصر يضعف خارجيًا، حتى تأثيرها بالقضية الفلسطينية، وأصبحت إسرائيل المؤثرة والإمارات والسعودية يقودان، بينما مصر تلحق بها في رسم السياسة الإقليمية، وبعدما كانت تقود الأحداث أصبحت مجرد تابع".

وعلى مدار السنوات التسع، واصل النظام المصري انتهاكاته الحقوقية بحق المصريين، واعتقل آلاف المصريين الذين تعرض كثير منهم للإخفاء القسري، والحرمان من الحقوق المقررة للسجناء ومن المحاكمات العادلة.

ولا تعرف بالضبط أعداد المعتقلين السياسيين في مصر، إلا أنها بالآلاف وفق ما أكدته منظمات حقوقية محلية ودولية، في حين ذهب بعضها إلى تقديرهم بنحو 60 ألف سجين، وذلك منذ الانقلاب العسكري.