في ظل الغلاء الفاحش في مصر، والقفزات غير المتوقعة للأسعار، اشتكى العديد من التجار من تراجع القوة الشرائية إلى أكثر من 50% خلال شهر إبريل الماضي وخاصة أثناء رمضان وعيد الفطر المبارك، بحيث تضاعفت المعاناة من زيادة الأسعار من ناحية، ومن العجز عن تصريف البضائع والمنتجات في الأسواق من ناحية أخرى، ومن ثم ارتفاع الأعباء المعيشية على جموع الشعب المصري.

 

تراجع البيع في رمضان

يعتبر موسم رمضان من أهم المواسم بالنسبة للتجار، إذ توقع جهاز تنمية التجارة الداخلية التابع لوزارة التموين، وصول قيمة ‏استهلاك السلع الغذائية في رمضان إلى نحو 120 مليار جنيه هذا العام، فيما سجل 100 مليار العام الماضي، و70 ‏مليار جنيه في عام 2020، وحوالي 50 مليار جنيه في عام 2019‏‎.‎

وأظهرت بيانات بحوث الدخل والإنفاق التي يجريها الجهاز المركزي للتعبئة العامة ‏والإحصاء أنّ أكثر من 85% يغيرون عاداتهم الغذائية في شهر ‏رمضان، ويرتفع حجم الاستهلاك إلى حوالي 150% مقارنة بالشهور السابقة.

يقول عاطف شفيق، وهو تاجر مواد غذائية، إنّ حركة البيع هذا الموسم تراجعت بمعدل وصل إلى أكثر من 80%، بالمقارنة بالعام الماضي، نتيجة ارتفاع الأسعار، والتي تخطى بعضها 100%، إذ ارتفعت عبوة الدقيق (50 كيلوغراماً) من 240 جنيهاً العام الماضي إلى 520 جنيهاً هذا العام، وكذلك سعر عبوة السمن (11 كيلوغراماً) من 200 جنيه إلى 400 جنيه.

ويعزو وليد العرباوي، وهو صاحب متجر لبيع البيض، انخفاض مبيعاته هذا الموسم بنحو 75%، مقارنة بنفس الفترة من موسم رمضان الماضي، إلى ارتفاع سعر عبوة البيض (30 بيضة) من 30 جنيهاً العام الماضي إلى 55 جنيهاً هذا العام، بخلاف ارتفاع الأسعار بشكل عام على كافة السلع.

وسجلت أسعار الكنافة ارتفاعات غير مسبوقة، والتي كانت تعتبر في السابق وجبة الفقراء المفضّلة من الحلويات، إذ وصل سعر الكيلو إلى 25 جنيهاً، مقابل 15 جنيهاً في رمضان الماضي بزيادة 67%، على أن يصل سعر الكيلو بعد التجهيز من سكر وسمن ومكسرات (جوز الهند والزبيب والسوداني) وخلافه إلى 60 جنيهاً.

وأكد عدد من تجار المواد الغذائية تراجع الإقبال على تجهيز "شنط رمضان" والتي يتم توزيعها على الفقراء مع بداية الشهر الفضيل، بنسب تصل إلى 50%، بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، نتيجة ارتفاعها في البورصات العالمية عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وكذلك لانخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار بحوالي 17%، خاصة أنّ مصر تستورد 60% من الاحتياجات الغذائية، وفقًا لـ"العربي الجديد"..

 

خيبة أمل

وقد عبّر عدد من أصحاب المتاجر عن خيبة أملهم نتيجة تراجع مبيعاتهم خلال موسم العيد (الأسبوع الأخير من رمضان)، بمعدلات تخطّت 80%، في الوقت الذي كانوا ينتظرون رواج بضاعتهم، لكي يسددوا ثمنها لتجار الجملة عقب العيد.

ويشكو أحمد عبد الرحمن، وهو صاحب متجر لبيع السجاد، من تراجع مبيعاته هذا الموسم بمعدلات تخطت 80%، نتيجة ارتفاع السجاد 30% في المتوسط، بخلاف ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام.

وقال إنّ "ذروة الموسم تبدأ من منتصف رمضان وحتى ليلة العيد، وكنا في سنوات سابقة مع ارتفاع حركة المبيعات، لا نستطيع غلق المحل ونضطر لتناول الإفطار السريع وسط البضاعة، ثم نكمل إفطارنا مع السحور في الواحدة بعد منتصف الليل، أما هذه الأيام فأغلقنا المتجر قبل المغرب، ثم عاودنا فتحه، بعد الإفطار في منازلنا".

ويلفت محمد جمال، صاحب متجر لبيع الأحذية، إلى أنّ حركة مبيعات أحذية الأطفال تقارب نفس حركة العام الماضي بالرغم من ارتفاع الأسعار 25%، في حين انخفض الطلب على الأحذية الرجالية والنسائية بحوالي 20%.

ويوضح كريم محمد، وهو مسؤول مبيعات بمتجر لبيع مستلزمات العيد، أنه نتيجة تراجع حركة المبيعات بشكل عام في المتاجر المجاورة، بخلاف ارتفاع الأسعار بحوالي 25%، خفّض الكميات المشتراة من لوازم العيد هذا الموسم كالشوكولاتة وبقية أنواع الحلويات والمسليات، لافتاً إلى أنّ حركة مبيعاته تراجعت هذا الموسم 30%.

 

تراجع بيع السيارات

أكد عدد من العاملين بسوق السيارات، أن مبيعات السيارات شهدت خلال شهر رمضان تراجعًا ملحوظًا مقارنة بالأشهر العادية، متوقعين في الوقت نفسه، أن تعاود المبيعات الارتفاع خلال النصف الثاني من الشهر لكن بوتيرة أقل من الأيام الأخرى.

قال اللواء حسين مصطفى، الخبير والمدير التنفيذي لرابطة مصنعي السيارات، إن مبيعات السيارات شهدت انكماشًا واضحًا خلال النصف الأول من شهر رمضان، نتيجة لعدم وفرة السيارات المعروضة بسبب الأزمة العالمية التي نتجت عن الغزو الروسي لأوكرانيا وقبلها أزمة نقص الرقائق الإلكترونية.

وأضاف مصطفى أن ارتفاع الأسعار أخيرًا بشكل غير مسبوق تسبب في تراجع حجم القوى الشرائية للمواطنين وإقبالها على شراء السيارات، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن ترتفع المبيعات خلال آخر أسبوع من رمضان لكن بنسبة أقل من الأشهر العادية، وفقًا لـ"الشروق".

وكشفت بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء أنّ تضخم أسعار المستهلكين ارتفع، خلال مارس الماضي، إلى 12.1% مقابل 4.8% منذ عام، و10% خلال فبراير الماضي، كما ارتفع معدل التضخم في المدن إلى 10.5% في مارس، من 8.8% في فبراير.

الجدير بالذكر أن تراجع المبيعات يتواصل شهرًا من بعد شهر، وقد سجل الجهاز هذا الارتفاع في مارس الماضي إلى زيادة أسعار الحبوب والخبز 11%، ومجموعة اللحوم والدواجن 7%، والألبان والجبن والبيض 5%، والفاكهة 4.2%.

وأوضح أنّ ارتفاع تكلفة الطعام والمشروبات خلال مارس على أساس سنوي كان بنسبة 23.2%، والنقل والمواصلات بنسبة 6.5%، والتعليم بنسبة 13.9%، والرعاية الصحية بنسبة 4%، والمطاعم والفنادق بنسبة 11.2%.

وكانت البيانات الرسمية قد أظهرت أنّ حكومة الانقلاب تستورد حوالي 60% من احتياجاتها الغذائية، والتي تقدر قيمتها بحوالي 15 ‏مليار دولار، منها، 1.6 مليار دولار للزيوت، ولحوم حمراء ‏مجمدة وحية بنحو 1.8 مليار دولار، وأقماح 2.5 مليار ‏دولار، وفول صويا 1.5 مليار دولار، وذرة بحوالي مليارَي ‏دولار خلال 2020‏.