قضت محكمة الجنايات، الأحد، برئاسة محمد شيرين فهمي، الملقب بـ"قاضي الإعدامات القاتل"، بالسجن المؤبد على القائم بأعمال مرشد جماعة "الإخوان المسلمين"، د. محمود عزت (78 عامًا)، في إعادة محاكمته في الهزلية المعروفة إعلاميًا بـ"اقتحام الحدود الشرقية".

وقررت المحكمة وضع أجهزة الهواتف المحمولة المضبوطة مع المتهمين في القضية تحت تصرّف جهاز المخابرات العامة، والتي وقعت أحداثها المزعومة عام 2011.

 

قضية اقتحام الحدود الشرقية

نسبت التحقيقات للمتهمين تهمًا مزعومة وملفقة بـ اقتحام سجن وادي النطرون والاعتداء على المنشآت الأمنية، واقتحام السجون.

كانت كل صحف النظام قد نشرت الحكم بتأييد إعدام د. محمود عزت، في ديسمبر 2021، قبل أن يتم تصحيحه لاحقًا، وكأنه كان لديها منطوق بالحكم غير الذي أعلنه القاضي.

ترجع أحداث القضية إلى عام 2011 إبان ثورة يناير، عندما تم قامت قيادات وزارة الداخلية بفتح السجون لإحداث حالة من الفوضى، ورفض الإخوان الخروج من سجن وادي النطرون – محل الاتهام – قبل إبلاغ النائب العام عبر قناة الجزيرة بأن السجون قد تم فتحها.

واتُّهمت وزارة الداخلية بالضلوع في أحداث الفوضى خلال تلك الفترة، لإفساد ثورة الشعب على نظام الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك.

كانت محكمة النقض، وهي أعلى محكمة طعون في مصر، برئاسة القاضي المسيس والمحسوب على الأجهزة الأمنية، عبد الله عمر شواضة، قد قضت في حكم بات، يوليو 2021، بتأييد الحكم ضد مرشد جماعة الإخوان د. محمد بديع، ورئيس مجلس الشعب السابق، د. سعد الكتاتني، وعضو مكتب الإرشاد د. محمد رشاد البيومي، والبرلماني د. محمد البلتاجي، وعضو مكتب الإرشاد د. محيي الدين حامد، ومحافظ كفر لشيخ الأسبق د. سعد الحسيني، وعضو مكتب الإرشاد د. مصطفى الغنيمي، والبرلماني إبراهيم أبو عوف، بالسجن المؤبد في القضية نفسها. وبراءة ثمانية أبرياء سبق وأدانتهم محكمة الجنايات، وهم البرلماني والمحامي المعروف صبحي صالح، وأحمد أبو مشهور، والسيد حسن شهاب الدين، والبرلماني الراحل د. حمدي حسن، والبرلماني د. أحمد دياب، وأحمد العجيزي، وعماد شمس الدين، وعلي عز الدين.

وادعت النيابة أن كل هؤلاء تورّطوا في "ارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد، وسلامة أراضيها، بأن حملوا الأسلحة الثقيلة لمقاومة الدولة، وأطلقوا قذائف صاروخية من طراز (آر بي جي)، وأعيرة نارية كثيفة في جميع المناطق الحدودية من الجهة الشرقية مع قطاع غزة، وفجّروا الأكمنة الحدودية، وأحد خطوط الغاز، وتسللوا عبر الأنفاق غير الشرعية".

كما شملت الاتهامات المنسوبة للمتهمين في القضية: "إتلاف المنشآت العامة، والتخريب، والسرقة، وارتكاب جرائم القتل العمد، واقتحام مناطق سجون أبو زعبل، والمرج، ووادي النطرون".

ومنذ تعيين عبد الله عمر شواضة رئيسًا لمجلس القضاء الأعلى، تم التصديق كل الأحكام المعيبة بحق المعارضين، وبينهم الحكم بالإعدام على عدد من قيادات الإخوان وعدد من المعارضين في قضية فض ميدان رابعة العدوية.

وفي ديسمبر الماضي، قالت منظمات حقوقية مصرية إن "محمود عزت يتعرض لانتهاكات متواصلة في أحد السجون غير المعروفة، نظرًا لعدم تمكّن محاميه أو أي من أفراد أسرته من زيارته، واستمرار منع الزيارة عنه منذ اعتقاله في 22 أغسطس 2020"، مؤكدة أنه "يتعرض للعديد من الانتهاكات التي تخالف مواد الدستور والقانون، واللائحة الداخلية للسجون المصرية، بما يعرّض حياته للخطر".

 

تبرئة الإخوان

وكان الفريق سامي عنان- رئيس الأركان السابق للقوات المسلحة المصرية- قد برّأ قيادات جماعة "الإخوان"، وحركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، من اتهامات اقتحام السجون وفتحها خلال ثورة 25 يناير 2011، بخلاف شهادات بقية قيادات الجيش. وقال عنان، في تصريحات مسربة له من شهادته في محاكمة مبارك، إن "الجيش لم يرصد أي محاولات تسلل لعناصر خارجية خلال أحداث الثورة".

ونفى عنان ما ذكره رئيس المجلس العسكري الراحل، المشير حسين طنطاوي، بأن بعض العناصر الفلسطينية تسللت عبر الأنفاق مع قطاع غزة إلى الأراضي المصرية، بغرض إحداث حالة من الفوضى إبان ثورة 2011، معتبرًا أن ما قاله طنطاوي هو مجرد "شواهد"، وليس معلومات قائمة على أدلة وحقائق.

يذكر أن محكمة جنايات القاهرة، كانت قد قضت في يونيو 2015، بالسجن المؤبد لـ 20 متهمًا والإعدام شنقًا للقائم بأعمال المرشد محمود عزت، و99 آخرين لاتهامهم في قضية اقتحام السجون المصرية، والاعتداء على المنشآت الأمنية والشرطية وقتل ضباط شرطة إبان ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، وأعيدت محاكمة عزت بعد القبض عليه في أغسطس 2020، وفقًا لـ"إندبندنت".

وفي ديسمبر الماضي، قضت محكمة مصرية ضد الدكتور محمود عزت، بالسجن المؤبد، في اتهامه بـ"التخابر مع جهات أجنبية". بعد أن طعن في حكم الإعدام الغيابي ضده في القضية ذاتها.

 

من هو د. محمود عزت؟

يعد د. محمود عزت المولود في القاهرة عام 1944، أحد أبرز القيادات في جماعة الإخوان المسلمين، وانضم للجماعة في سن مبكرة، ويشير البعض إلى أنه كان في عمر تسع سنوات حينها، وصار عضوًا فيها عام 1962، عندما كان يدرس في كلية الطب، وذلك قبل أن يُعتقل ويُحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات عام 1965، وخرج من السجن عام 1974 وأتم دراسة الطب عام 1976.

وفي عام 1981، اختير عزت عضوًا في مكتب الإرشاد، وذلك بعد نحو عام من حصوله على درجة الماجستير في الطب عام 1980. وفي عام 1993 اعتقل لمدة ستة أشهر في القضية المشهورة للجماعة التي عرفت إعلاميًا باسم "سلسبيل" وكان ذلك على ذمة التحقيقات.

كما اعتقل عزت مرة أخرى عام 1995 وحكم عليه بالسجن مدة 5 سنوات بتهمة المشاركة في انتخابات مجلس شورى الجماعة واختياره عضوًا في مكتب الإرشاد، وخرج عام 2000 من السجن. كذلك اعتقل في يناير 2008 بسبب مشاركته في مظاهرة لجماعة الإخوان في القاهرة.

.ومنذ عام 2013، وتحديدًا في شهر أغسطس تولى عزت تسيير أعمال الجماعة وفقًا لتقاليدها المعمول بها بعد اعتقال مرشدها العام، د. محمد بديع