نشرت صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) الأميركية تقريرا مطولا عن شركة أميركية للذكاء الاصطناعي، ستحصل خلال عام على 100 مليار صورة وجه في قاعدة بياناتها، وهو ما يكفي لضمان التعرف على كل شخص في العالم تقريبا، رغم قلق المشرّعين الأميركيين من أن ذلك يشكل تهديدا خطيرا للخصوصية.
وذكر مراسل الصحيفة للذكاء الاصطناعي درو هارويل أن شركة كليرفيو للذكاء الاصطناعي (Clearview AI) كشفت في عرض مالي في ديسمبر الماضي، أنها قد أوشكت على جمع صور تعادل 14 صورة لكل شخص في العالم (عد سكان العالم حوالي 7 مليارات شخص)، وأن هذه الصور ساعدت في تشغيل نظام مراقبة تم استخدامه للاعتقالات والتحقيقات الجنائية من قبل الآلاف من وكالات إنفاذ القانون والوكالات الحكومية في جميع أنحاء العالم.
وأضاف هارويل أن شركة كليرفيو تريد التوسع إلى ما هو أبعد من فحص الوجوه لصالح الشرطة، قائلة في العرض التقديمي إنها يمكن أن تراقب عمال "اقتصاد العمل المؤقت"، وتبحث عن عدد من التقنيات الجديدة التي يمكنها تحديد شخص ما من طريقة مشيه، واكتشاف موقعه من صورة أو مسح بصمات أصابعه من بعيد.
الكبرى في العالم
وقال التقرير إن عملاء كليرفيو يمكنهم تحميل صورة للبحث عن التطابقات في قاعدة بيانات وجوه الشركة، حيث ترتبط النتائج غالبا بحسابات الشخص الأخرى عبر الويب. وقالت الشركة إن "مؤشر الوجوه" الخاص بها أكبر 11 مرة من قواعد بيانات الوجه لأي كيان حكومي أو غير حكومي اليوم.
وتضيف الشركة في العرض التقديمي أنها يمكن أن "تحدث ثورة" في كيفية فحص العاملين في اقتصاد الوظائف المؤقتة، وأنه يمكن استخدام تقنيتها لتقييم الأشخاص على التطبيقات المستخدمة في المواعدة أو العثور على جليسات أطفال أو منظفات منازل أو مقاولي إصلاح، كما يمكن استخدام أنظمتها لحل "مشكلات الأمان المادية الصعبة" في أسواق العقارات التجارية والتجزئة.
وتقول أيضا إنها طوّرت أنظمة أخرى تتجاوز التعرف على الوجه، بما في ذلك التعرف على لوحات الترخيص و"تتبع الحركة"، وأنها تقوم بتطوير أو بحث عدد من تقنيات المراقبة الأخرى، مثل: برنامج الكاميرا لاكتشاف البنادق والمخدرات، وأنظمة "التعرف على المشية" للتعرف على الشخص من طريقة مشيه، وأنظمة "صورة إلى موقع" لتحديد مكان وجود الشخص من خلفية صورته، وأنظمة التعرف على "بصمات الأصابع" لمسح هوية الشخص من بعيد.
تعاون مع الجيش الأميركي
كذلك تواصل الشركة العمل على نظارات الواقع المعزز التي يمكن للجيش الأميركي استخدامها في "المواقف الخطرة"، كما ورد في إحدى الشرائح. وأظهرت سجلات الإنفاق الفدرالي أن القوات الجوية منحت الشركة في نوفمبر 50 ألف دولار، للبحث في التكنولوجيا. وقال مسؤول في مختبر أبحاث القوات الجوية إن العمل عبارة عن عقد قصير الأجل لاختبار مدى جودة هذه التكنولوجيا.
وقال التقرير إن كليرفيو قامت ببناء قاعدة بياناتها من خلال التقاط الصور من الشبكات الاجتماعية وغيرها من المصادر عبر الإنترنت، دون موافقة المواقع أو الأشخاص الذين تم تصويرهم. وطالب فيسبوك وغوغل وتويتر ويوتيوب الشركة بالتوقف عن التقاط الصور من مواقعها وحذف أي صور تم التقاطها مسبقا، وجادلت الشركة بأن جمع البيانات الخاص بها محمي بموجب التعديل الأول.
وجادلت أيضا في شهادة لها أمام مسؤولين حكوميين بأن تمرير الصور من الإنترنت سمح للشركة بإنشاء أداة قوية لمكافحة الجريمة. وقالت يوم الأربعاء في بيان لواشنطن بوست "كل صورة في مجموعة البيانات هي دليل محتمل يمكن أن ينقذ حياة، أو يوفر العدالة لضحية بريئة، أو يمنع تحديد هوية خاطئ، أو يبرئ شخصا بريئا".
نهج متعجرف
وعلق مراسل واشنطن بوست بأن نهج كليرفيو المتعجرف في جمع البيانات أثار قلق المدافعين عن الخصوصية ونظراءهم في صناعة التعرف على الوجه، وبعض أعضاء الكونغرس الذين حثوا الوكالات الفدرالية هذا الشهر على التوقف عن العمل مع الشركة، لأن "تقنيتها يمكن أن تقضي على إخفاء الهوية العامة في الولايات المتحدة".
وتواجه كليرفيو حاليا موجة من الإجراءات القانونية في محاكم الولايات والمحاكم الفدرالية، كما تواجه أيضا دعوى جماعية في محكمة اتحادية كندية، وتحقيقات حكومية في كندا والسويد والمملكة المتحدة، وشكاوى من مجموعات الخصوصية تزعم انتهاك حماية البيانات في فرنسا واليونان وإيطاليا والمملكة المتحدة.
كما أمرت حكومتا أستراليا وفرنسا "كليرفيو" بحذف بيانات مواطنيها، قائلة إن الشركة قد استثمرت وجوه الأشخاص سرا لغرض "خارج التوقعات المعقولة".
وفي دعوى قضائية يوم الاثنين، أيدت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية شارون جونسون كولمان -التي تترأس القضية- معظم حجج المدعين ضد عمل كليرفيو.
وكانت كليرفيو شركة ناشئة غير معروفة إلى أن كشف تقرير نيويورك تايمز في أوائل عام 2020 -بناء على رسائل البريد الإلكتروني الداخلية والسجلات العامة التي كشفها الباحثون- عن مدى بدء إدارات الشرطة المحلية في استخدامها للعثور على المشتبه بهم المحتملين.
وقالت الشركة إنها وسعت منذ ذلك الحين قائمة عملائها إلى أكثر من 3100 وكالة لإنفاذ القانون في الولايات المتحدة، ولديها عقود مع وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفدرالي والجيش.
وأوضح العرض التقديمي أيضا أن كليرفيو "تحقق توسعا دوليا سريعا، بما في ذلك توقيع صفقات في بنما وكوستاريكا ومتابعة أعمال أخرى في المكسيك وكولومبيا والبرازيل. وامتنعت الشركة عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل، ولم يتسن تأكيد تلك الصفقات.