رغم مرور عدة أيام على إعدام 17 معتقلا في سجون السيسي ممن صدرت بحقهم أحكام نهائية بالإعدام شنقا في القضية الهزلية الملفقة المعروفة إعلاميا بقضية "اقتحام مركز شرطة كرداسة"، إلا أن سلطات الانقلاب تتعنت في تسليم جثامينهم إلى ذويهم لدفنها.

وكشفت أسر ذوي بعض الذين أعدموا أن "أجهزة أمن الانقلاب تتعنت حتى الآن في تسليم جميع جثامين ذويهم، وأن عددا قليلا من الجثامين تم تسليمها بالفعل إلى أسرهم، وسط إجراءات أمنية مشددة، سواء أمام المشرحة أو في محل دفنهم".

وأضافت أن "هناك حالة غضب وسخطا لدى أهالي الضحايا من أجهزة أمن الانقلاب، التي "اشترطت حضور أقل عدد ممكن لاستلام جثامين ذويهم، وتسليمها في وقت متأخر من الليل، كما فرضت إجراءات صارمة في الدفن، وبالطبع لا يسمح بإقامة سرادق للعزاء؛ بسبب الإجراءات الاحترازية لوباء كورونا".

وتابعت: "وحتى في الظروف العادية لم يكن ليسمح لنا بذلك، وأخذ العزاء كما حدث في العديد من الحالات السابقة التي قامت سلطات الانقلاب بتنفيذ حكم الإعدام فيها"، مشيرين إلى أن "هناك غضبا كبيرا بين ذوي الضحايا، بسبب عدم استلام جثامين ذويهم".

وأكدوا أن سلطات أمن الانقلاب قامت بتنفيذ أحكام الإعدام بما يخالف قانون الإجراءات الجنائية، ولم تبلغنا بموعد الإعدام، وبعض الأسر إن لم يكن معظمها علم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والقنوات المعارضة بالخارج".

ووثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان تنفيذ 75 حكم إعدام خلال السنوات الماضية بحق معارضى النظام الانقلابى، من دون إعلام ذوي المحكومين، مخالفة بذلك المادة 475 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تنص على أنه أنه "لا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام في أيام الأعياد الرسمية أو الأعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه".

التسليم على دفعات

وبشأن الموعد الذي سوف تنتهي فيه أجهزة أمن الانقلاب من تسليم جميع الجثامين، أكدوا أنه "حتى الآن لا يوجد موعد محدد، لكن الأجهزة الأمنية يبدو أنها وضعت جدولا زمنيا لتسليمنا الجثامين من المشرحة، حتى تتجنب حدوث أي صخب أو غضب في كرداسة".

وقامت مصلحة السجون التابعة لوزارة داخلية السيسي بتنفيذ أحكام الإعدام بحق 17 شخصا على يومين، حيث أعدمت 9 أشخاص صباح يوم الاثنين، وتكتمت على الخبر، ولم تصدر أي بيان رسمي بشأن الواقعة حتى الآن، وبعدها بيومين استكملت إعدام 8 أشخاص من بقية المحكوم عليهم بالإعدام.

وكانت مصادر لـصحيفة "الوطن" المقربة من مخابرات السيسي، أكدت أنَّ الحكم تمّ تنفيذه في ساعة مبكرة من صباح يوم الاثنين بسجن وادي النطرون، حيث أخطرت النيابة العامة أسر المتهمين باستلام جثامين ذويهم من المشرحة.

اتهامات ملفقة

وينفي ذوو المتهمين أي علاقة لهم بأحداث كرداسة، مشيرين إلى أن سلطات الانقلاب تلفق القضايا بشكل فاضح، وهو ما أكده عدد من المحكوم عليهم في وصاياهم التي تركوها لذويهم بعد تنفيذ أحكام الإعدام بحقهم.

ومن الذين نفذت سلطات الانقلاب بحقهم حكم الإعدام ولم تستلم أسرته جثمانه حتى الآن الشيخ المسن (الثمانيني) عبد الرحيم جبريل، وهو أحد معلمي القرآن الكريم البارزين.

جبريل، بحسب سيرته، حفظ القرآن في الثامنة من عمره، وشارك في حرب 1973 ضمن الفيلق الذي عبر خط بارليف، قبل أن يتوجه للإقامة في أوروبا.

وتم اعتقاله في مصر عام 2013، بدعوى تورطه في هجوم كرداسة، رغم نفيه ونفي أسرته لذلك.

إذلال أهالي الضحايا

في سياق تعليقه، قال أحد المطلعين على القضية، الناشط السياسي والحقوقي هيثم أبو خليل، إن "النظام المصري ينتهك كل الإجراءات  سواء قانونية أو جنائية، ولدينا وقائع احتجزت فيها قوات الأمن جثامين البعض 18 يوما، دون تسليمها لذويهم".

وأضاف: "ما أبلغنا به حتى مساء الخميس هو تسليم جثامين اثنين فقط حتى الآن من بين 17 قامت مصلحة السجون بإعدامهم على مدار يومين".

واستدرك: النظام لا يكتفي بالاعتقالات والاختطاف والإخفاءات القسرية والإعدامات القهرية، بل امتد إلى كسر نفوس الأهالي والتنكيل بأسرهم، حتى يصبح غاية همهم هو استلام جثامين ذويهم ودفنها إعمالا لشرع الله، وهو نوع من أنواع الإذلال فاق ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي الذي يساوم على جثامين الشهداء الفلسطينيين".