لقد بذل السلطان (محمد الفاتح) جهوداً خارقة في مجال التخطيط لفتح القسطنطينية ، كما بذل جهوداً كبيرة في دعم الجيش العثماني بالقوى البشرية حتى وصل تعداده إلى قرابة ربع مليون مجاهد ، وهو عدد كبير إذا قورن بجيوش الدول في تلك الفترة ، كما عنى بتدريب تلك الجموع على فنون القتال المختلفة ، وبمختلف أنواع الأسلحة ؛ التي تؤهلهم للجهاد المنتظر ، كما اعتنى الفاتح بإعدادهم إعداداً معنوياً قوياً ، وغرس روح الجهاد فيهم ، وتذكيرهم بثناء الرسول على الجيش الذي يفتح القسطنطينية ، وعسى أن يكونوا هم هذا الجيش المقصود بذلك .
وفي الناحية التكتيكية العسكرية بدأ الفاتح خطوة عملية كبيرة حين صمم على إقامة قلعة (روملي حصار) في الجانب الأوربي على مضيق البسفور في أضيق نقطة منه مقابل القلعة التي أسست في عهد السلطان (بايزيد) في البر الآسيوي .
وقد حاول الإمبراطور البيزنطي إثناء السلطان الفاتح عن عزمه في بناء القلعة مقابل التزامات مالية تعهد بها ، إلا أن الفاتح أصر على البناء لما يعلمه من أهمية عسكرية لهذا الموقع، حتى اكتملت قلعة عالية ومحصنة ، وصل ارتفاعها إلى (82م) ، وأصبحت القلعتان متقابلتين ، ولا يفصل بينهما سوى (660م) تتحكمان في عبور السفن من شرقي البسفور إلى غربيه ، وتستطيع نيران مدافعهما منع أي سفينة من الوصول إلى القسطنطينية من المناطق التي تقع شرقها مثل مملكة طرابزون وغيرها من الأماكن التي تستطيع دعم المدينة عند الحاجة (انظر محمد فريد : تاريخ الدولة العلية 161، وعبد العزيز العمري : الفتوح الإسلامية عبر العصور 359، 360، والصلابي : الدولة العثمانية ، 106وما بعدها).
ـ كما اعتنى السلطان بتطوير الأسلحة اللازمة لهذه العملية المقبلة ، ومن أهمها المدافع ؛ التي أخذت اهتماماً خاصاً منه ؛ حيث أحضر مهندساً مجرياً يدعى (أوربان) كان بارعاً في صناعة المدافع ، فأحسن استقباله ، ووفَّر له جميع الإمكانيات المالية والمادية ، والبشرية ، وقد تمكن هذا المهندس من تصميم وتنفيذ العديد من المدافع الضخمة كان على رأسها المدفع السلطاني المشهور، والذي ذكر أن وزنه كان يصل إلى مئات الأطنان ، وأنه يحتاج إلى مئات الثيران القوية لتحريكه .
كما أعطى الفاتح عناية خاصة بالأسطول العثماني ؛ حيث عمل على تقويته ، وتزويده بالسفن المختلفة ليكون مؤهلاً للقيام بدوره في الهجوم على القسطنطينية ، وهي مدينة بحرية لا يكمل حصارها دون وجود قوة بحرية تقوم بهذه المهمة ، وقد ذكر أن السفن التي أعدت لهذا الأمر بلغت أكثر من أربعمائة سفينة (العمري : مرجع سابق 361 بتصرف).
ثم زحف السلطان (محمد الفاتح) على القسطنطينية فوصلها في (26ربيع الأول 857هـ ـ السادس من إبريل سنة 1453م) فحاصرها من البر بمائتين وخمسين ألف مقاتل ، ومن البحر بأربعمائة وعشرين شراعاً فوقع الرعب في قلوب أهل المدينة ، إذ لم يكن عندهم من الحامية إلا خمسة آلاف مقاتل ، معظمهم من الأجانب ، وبقى الحصار (53 يوماً) لم ينفك العثمانيون أثناءها عن إطلاق القنابل (مصر والعالم سنة صدور العام المائة ، 314، 315، الهلال ـ مصر).
ومن الخطوات القوية التي قام بها الفاتح ؛ قيامه بتمهيد الطريق بين أدرنة والقسطنطينية ؛ لكي تكون صالحة لجر المدافع العملاقة خلالها إلى القسطنطينية ، وقد تحركت المدافع من أدرنة إلى قرب القسطنطينية في مدة شهرين ؛ حيث تمت حمايتها بقسم من الجيش حتى وصلت الأجناد العثمانية يقودها الفاتح بنفسه إلى مشارف القسطنطينية ، فجمع الجند، وكانوا قرابة مائتين وخمسين ألف جندي ، فخطب فيهم خطب قوية حثهم فيها على الجهاد ، وطلب النصر، أو الشهادة، وذكّرهم فيها بالتضحية ، وصدق القتال عند اللقاء ، وقرأ عليهم الآيات القرآنية التي تحث على ذلك ، كما ذكر لهم الأحاديث النبوية ؛ التي تبشر بفتح القسطنطينية ، وفضل الجيش الفاتح لها وأميره ، وما في فتحها من عز للإسلام والمسلمين ، وقد بادر الجيش بالتهليل والتكبير والدعاء، وكان العلماء ينبثون في صفوف الجيش مقاتلين ومجاهدين معهم ؛ مما أثر في رفع معنوياتهم حتى كان كل جندي ينتظر القتال بفارغ الصبر ليؤدي ما عليه من واجب .
ومن ثم قام السلطان (محمد الفاتح) بتوزيع جيشه البري أمام الأسوار الخارجية للمدينة ، مشكلاً ثلاثة أقسام رئيسية تمكنت من إحكام الحصار البري حول مختلف الجهات ، كما أقام الفاتح جيوشاً احتياطية خلف الجيوش الرئيسية ، وعمل على نصب المدافع أمام الأسوار ، ومن أهمها المدفع السلطاني العملاق؛ الذي أقيم أمام باب طوب قابي ، كما وضع فرقاً للمراقبة في مختلف المواقع المرتفعة والقريبة من المدينة ، وقد انتشرت السفن العثمانية في المياه المحيطة بالمدينة ، إلا أنها في البداية عجزت عن الوصول إلى القرن الذهبي ؛ حيث كانت السلسلة العملاقة تمنع أي سفينة من دخوله، بل وتحطم كل سفينة تحاول الاقتراب.
وكان هذا القرن الذهبي وسلسلته هو التحدي أمام العثمانيين ، فالحصار بالتالي لا يزال ناقصاً ببقاء مضيق القرن الذهبي في أيدي البحرية البيزنطية ، ومع ذلك فإن الهجوم العثماني كان مستمراً دون هوادة ؛ حيث أبدى جنود الانكشارية شجاعة عجيبة وبسالة نادرة ، فكانوا يقدمون على الموت دون خوف في أعقاب كل قصف مدفعي ، وفي يوم (18 إبريل) تمكنت المدافع العثمانية من فتح ثغرة في الأسوار البيزنطية عند وادي ليكوس في الجزء الغربي من الأسوار ، فاندفع إليها الجنود العثمانيون بكل بسالة محاولين اقتحام المدينة من الثغرة ، كما حاولوا اقتحام الأسوار الأخرى بالسلالم التي ألقوها عليها ، ولكن المدافعين عن المدينة بقيادة جستنيان استماتوا في الدفاع عن الثغرة ، والأسوار ، واشتد القتال بين الطريفين دون جدوى.
لكن الله ألهم السلطان الفاتح إلى طريقة يستطيع بها إدخال سفنه إلى القرن الذهبي دون الدخول في قتال مع البحرية البيزنطية متجاوزاً السلسلة التي تغلق ذلك القرن ، وهذه الطريقة تتمثل في جرّ السفن العثمانية على اليابسة حتى تتجاوز السلسلة ؛ التي تغلق المضيق والدفاعات الأخرى ، ثم إنزالها مرة أخرى إلى البحر ، وقد درس الفاتح وخبراؤه العسكريون هذا الأمر ، وعرفوا ما يحتاجونه من أدوات لتنفيذه ، والطريق البرية ؛ التي ستسلكها السفن، والتي قدرت بثلاثة أميال ، وبعد دراسة دقيقة ومتأنية للخطة اطمأن الفاتح للفكرة ، ولقي التشجيع من المختصين لتنفيذها ، وبدأ العمل بصمت على تسوية الطريق وتجهيزها ، دون أن يعلم البيزنطيون الهدف من ذلك، كما جمعت كميات كبيرة من الأخشاب والزيوت.
وبعد إكمال المعدات اللازمة أمر الفاتح في مساء يوم (21 إبريل) بإشغال البيزنطيين في القرن الذهبي بمحاولات العبور من خلال السلسلة فتجمعت القوات البيزنطية منشغلة بذلك عما يجري في الجهة الأخرى ؛ حيث تابع السلطان مدّ الأخشاب على الطريق الذي كان قد سوّى، ثم دهنت تلك الأخشاب بالزيوت ، وجرت السفن من البسفور إلى البرّ ؛ حيث سحبت على تلك الأخشاب المدهونة بالزيت مسافة ثلاثة أميال ، حتى وصلت إلى نقطة آمنة فأنزلت في القرن الذهبي ، وتمكن العثمانيون في تلك الليلة من سحب أكثر من سبعين سفينة وإنزالها في القرن الذهبي على حين غفلة من العدو ، بطريق لم يُسبَق إليها السلطان الفاتح في التاريخ كله قبل ذلك.
وقد كان القائد (محمد الفاتح) يشرف بنفسه على العملية التي جرت في الليل بعيداً عن أنظار العدو ومراقبته ، وفي صباح (22 إبريل) استيقظ أهل المدينة على صيحات العثمانيين وأصواتهم يرفعون التكبير والأناشيد التركية في القرن الذهبي ، وفوجئوا بالسفن العثمانية وهي تسيطر على ذلك المعبر المائي ، ولم يعد هناك حاجز مائي بين المدافعين عن القسطنطينية ، وبين الجنود العثمانيين .
وقد لجأ العثمانيون في المراحل المتقدمة من الحصار إلى طريقة جديدة ومبتكرة في محاولة دخول المدينة؛ حيث عملوا على حفر أنفاق تحت الأرض من أماكن مختلفة إلى داخل المدينة؛ التي سمع سكانها في (16 مايو) ضربات شديدة تحت الأرض أخذت تقترب من داخل المدينة بالتدريج، فأسرع الإمبراطور بنفسه ومعه قواده ومستشاروه إلى ناحية الصوت ، وأدركوا أن العثمانيين يقومون بحفر أنفاق تحت الأرض (عبد العزيز العمري : الفتوح الإسلامية عبر العصور 364 ـ 372 بتصرف).
وإلى جانب ذلك لجأ العثمانيون إلى طريقة جديدة في محاولة الاقتحام ، وذلك بأن صنعوا قلعة خشبية ضخمة متحركة تتكون من ثلاثة أدوار ، وبارتفاع أعلى من الأسوار ، وقد كسيت بالدروع والجلود المبللة بالماء لتمنع عنها النيران ، وشحنت تلك القلعة بالرجال في كل دور من أدوارها ، وكان الذين في الدور العلوي من الرماة يقذفون بالنبال كل من يطل برأسه من فوق الأسوار.
وقد عمد السلطان (الفاتح) إلى تكثيف الهجوم ، وخصوصاً القصف المدفعي على المدينة في ظل سيطرته البحرية الكاملة، حتى أن المدفع السلطاني الضخم انفجر من كثرة الاستخدام ، وقتل المشغلين له ، وعلى رأسهم المهندس المجري (أوربان) ؛ الذي تولى الإشراف على تصميم المدفع، ومع ذلك فقد وجه السلطان بإجراء عمليات تبريد للمدافع بزيت الزيتون ، وقد نجح الفنيون في ذلك ، وواصلت المدافع قصفها للمدينة مرة أخرى ؛ بل تمكنت من توجيه القذائف ، بحيث تسقط وسط المدينة، بالإضافة إلى ضربها للأسوار والقلاع .
وفي يوم الأحد (18جمادى الأولى ـ 27 من مايو) وجه السلطان الجنود إلى الخشوع، وتطهير النفوس ، والتقرب إلى الله تعالى بالصلاة ، وعموم الطاعات والتذلل ، والدعاء بين يديه ، لعل الله أن ييسر لهم الفتح ، وانتشر هذا الأمر بين عامة الجند المسلمين ، كما قام الفاتح بنفسه ذلك اليوم بتفقد أسوار المدينة ، ومعرفة آخر أحوالها، وما وصلت إليه، وأوضاع المدافعين عنها في النقاط المختلفة ، وحدد مواقع معينة يتم فيها تركيز القصف المدفعي.
وفي ليلة (29مايو) نزلت بعض الأمطار على المدينة وما حولها فاستبشر بها المسلمون خيراً، وذكـّرهم العلماء بمثيلتها يوم بدر ، أما الروم فقد طمعوا أن تشتد الأمطار فتعرقل المسلمين، ولكن هذا لم يحدث ، فقد كان المطر هادئاً ورفيقاً .
وعند الساعة الواحدة صباحاً من يوم الثلاثاء 20 جمادى الأولى857 هـ ـ 29 مايو 1453م بدأ الهجوم العام على المدينة بعد أن أعطيت إشارة البدء للجنود ، فعلت أصوات الجند المسلمين بالتكبير وهم منطلقون نحو الأسوار ، وفزع أهل القسطنطينية وأخذوا يدقون نواقيس الكنائس وهرب إليها كثير من الناس ، وكان الهجوم العثماني متزامناً برياً وبحرياً في وقت واحد حسب خطة دقيقة رسمت سابقاً ، وطلب كثير من المجاهدين الشهادة ونالها أعداد كبيرة منهم بكل شجاعة وتضحية وإقدام ، وكان الهجوم موزعاً في العديد من المناطق ، ولكنه مركز بالدرجة الأولى في منطقة وادي ليكوس بقيادة السلطان (الفاتح) نفسه.
ومع ظهور نور الصباح في يوم 30مايو 1453م أضحى المهاجمون يتمكنون من تحديد مواقع العدو بدقة أكثر ، وأخذوا في مضاعفة الجهد في الهجوم مما جعل الإمبراطور قسطنطين يتولى شخصياً مهمة الدفاع في تلك النقطة يشاركه في ذلك جستنيان الجنوي أحد القادة المشهورين في الدفاع عن المدينة.
وقد واصل العثمانيون ضغطهم في جانب آخر من المدينة ؛ حيث تمكن المهاجمون من ناحية باب أدرنة من اقتحام الأسوار والاستيلاء على بعض الأبراج ، والقضاء على المدافعين فيها ، ورفع الأعلام العثمانية عليها ، وتدفق الجنود العثمانيون نحو المدينة من تلك المنطقة ، ولما رأى الإمبراطور البيزنطي الأعلام العثمانية ترفرف على الأبراج الشمالية للمدينة، أيقن بعدم جدوى الدفاع، وخلع ملابسه حتى لا يعرف ، ونزل عن حصانة ، وقاتل حتى هلك في ساحة المعركة ، وكان لانتشار خبر موته دور كبير في زيادة حماس المجاهدين العثمانيين وسقوط عزائم البيزنطيين؛ حيث تمكنت بقية الجيوش العثمانية من دخول المدينة من مناطق مختلفة ، وفر المدافعون بعد انتهاء قيادتهم ، وهكذا تمكن المسلمون من الاستيلاء على المدينة.
ولم تأت ظهيرة ذلك اليوم الثلاثاء 20 جمادى الأولى 875هـ ـ 29 من مايو 1453م؛ إلا والسلطان (الفاتح) في وسط المدينة يحف به جنده وقواده وهم يرددون : ما شاء الله ، فالتفت إليهم وقال : لقد أصبحتم فاتحي القسطنطينية ؛ الذي أخبر عنهم رسول الله ، وهنأهم بالنصر ، ونهاهم عن القتل ، وأمرهم بالرفق بالناس ، والإحسان إليهم، ثم ترجل عن فرسه ، وسجد لله على الأرض شكراً وحمداً وتواضعاً ، ثم قام وتوجه إلى كنيسة (آيا صوفيا) ، وقد اجتمع بها خلق كبير من الناس ومعهم القسس والرهبان؛ الذين كانوا يتلون عليهم صلواتهم وأدعيتهم ، فلما اقترب من أبوابها خاف النصارى داخلها ووجلوا وجلاً عظيماً ، وقام أحد الرهبان بفتح الأبواب له؛ فطلب من الراهب تهدئة الناس وطمأنتهم والعودة إلى بيوتهم بأمان ، فاطمأن الناس، وكان بعض الرهبان مختبئين في سراديب الكنيسة ، فلما رأوا تسامح الفاتح وعفوه خرجوا وأعلنوا إسلامهم (العمري : المرجع السابق 373 وما بعدها بتصرف ، وانظر الصلابي : الدولة العثمانية 124وما بعدها بتصرف) .
وقد أعطى السلطان للنصارى حرية إقامة الشعائر الدينية ، واختيار رؤسائهم الدينيين ؛ الذين لهم حق الحكم في القضايا المدنية ، كما أعطى هذا الحق لرجال الكنيسة في الأقاليم الأخرى .
وهكذا نجح (محمد الفاتح) بعمل أسطوري يكاد يكون عملاً خارقاً … وباعتماد كامل على الله، وبعزيمة لا تعرف اليأس ، وإصرار عجيب على أن يكون هو المقصود بحديث الرسول محمد بن عبد الله ـ عليه الصلاة والسلام ـ ؛ الذي يخبر فيه عن فاتح القسطنطينية بأنه (نعْم الأمير) … وبأن الجيش الذي يفتحها (نعْم الجيش) .
وكان (محمد الفاتح) إنساناً رحيماً بكل معنى الكلمة ؛ لكن أوربا التي تشوِّه بكل حق كل رموز الإسلام ، وتنسى لهم كل حسناتهم لدرجة أن القائد (اللبني) ؛ الذي دخل دمشق في الحرب العالمية الثانية … ذهب إلى قبر صلاح الدين … وَرَكـَله بقدمه ، وهو يقول : (لقد عدنا يا صلاح الدين) ..
فهل يستحق صلاح الدين هذا من هؤلاء المجرمين … وهو الذي قدّم لهم صفحة من أروع صفحات الرحمة بعد انتصاره الحاسم ، ودخوله القدس؟!
وأين ما فعله صلاح الدين بما فعلوه هم؛ عندما دخلوها قبل (90سنة) ؟!
ـ وهكذا أيضاً تقولوا على (محمد الفاتح) … لكن التاريخ شاهد على إنسانيته الرائعة في لحظة الانتصار (الكاسح) … لقد كان مسلماً مثالياً في حربه ، وسلمه.