يعتبر المهندس إسماعيل أبو شنب القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الذي اغتالته القوات الصهيونية فى مثل هذا اليوم منذ ثمانية سنوات ، بقصف سيارته بغزة. من القلائل الذين جمعوا بين العمل السياسي والنقابي والأكاديمي، وتفوّق في هذه المجالات بشكلٍ كان ملفتاً للنظر، كما كان اجتماعياً محبوباً في أوساط الفلسطينيين الذين بكوه بحرقة بعد إعلان استشهاده.
لقب بوزير خارجية حركة حماس لتمثيله للحركة في مجموعة من الدوائر السياسية.
يتميز بملامحه الهادئة وخطابه الدبلوماسي، ونظراته الدقيقة ومنذ نعومة أظفاره ظهرت معالم الذكاء والنبوغ عليه .
ميلاده و نشأته :
ولد المهندس إسماعيل حسن محمد أبو شنب "أبو حسن" في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة عام 1950 و ذلك بعد عامين من هجرة عائلته من قرية "الجيّة" و التي تقع جنوب شرق المجدل و عسقلان ، حيث استقرت أسرته في نفس المخيم . وسكن في ذلك المخيم حتى بلغ سن الرابعة عشرة، وبعد وفاة والده الذي تأثر به كثيرا انتقل إلى مخيم الشاطئ قرب غزة، وترعرع وعاش في أزقته وشوارعه
ونشأ أبو شنب في أسرة متدينة مكونة من شقيق واحد، وثلاث شقيقات، وكان والده يحفظ القرآن الكريم كاملا، ويشجعه على ارتياد المساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، فما إن بلغ السادسة عشرة حتى أتم حفظ نصف القرآن الكريم، إلى جانب ما أرسته في نفسه والدته (الأمية) من المعاني الرفيعة.
مراحل تعليمه :
قضى معظم دراسته الابتدائية في مدرسة وكالة الغوث في النصيرات ، كان ذلك ما بين عامي 1956 و 1961 حيث تأثّر كثيراً حينها بتوجّهات و رعاية الأستاذ حماد الحسنات أحد الدعاة في منطقة النصيرات "و هو من قادة حركة حماس" .
و توفيّ الوالد و الأطفال لا يزالون صغاراً ، أكبرهم كان إسماعيل ، و الذي كان ما يزال في المدرسة الابتدائية ، و تولي رعاية العائلة بعض الأقارب ، الذين رأوا أن تنتقل عائلة إسماعيل إلى مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة ، حيث يقطن العديد من أقاربهم هناك .
و بعد أن أكمل أبو شنب المرحلة الإعدادية من دراسته في مدرسة غزة الجديدة التابعة لوكالة الغوث في عام 1965 انتقل إلى مدرسة فلسطين الثانوية ، و كان دائماً من الطلاب المتفوّقين في صفه وكان ضمن العشرة الأوائل على قطاع غزة .
وضعت حرب عام 1967 أوزارها .. و قد أنهى إسماعيل الصف الثاني الثانوي ، و في أول أعوام الاحتلال تقدّم إسماعيل مع من تقدّم من الطلاب لامتحان الثانوية العامة و ذلك في صيف عام 1967 ، و حصل على شهادة الثانوية العامة ، و التي لم تعترِف بها أيٍ من الدول العربية في ذلك الوقت .
فالتحق بمعهد المعلمين برام الله ليدرس اللغة الإنجليزية و مدة الدراسة في هذا المعهد سنتان ، حيث يتخرّج الطالب و يصبح مؤهلاً ليكون معلماً في مدارس الوكالة.
و في عام 1969 جرت ترتيبات مع الحكومة المصرية ، عن طريق منظمة اليونسكو و اللجنة الدولية للصليب الأحمر لإجراء امتحانات الثانوية العامة في قطاع غزة بإشراف وزارة التربية و التعليم المصرية حتى يمكن لطلاب القطاع أن يحصلوا على شهادات مصدقة و موقعة من جهة عربية ، كي يتمكّنوا من إكمال دراستهم العليا .
تقدّم أبو شنب إلى هذا الامتحان إلى جانب دراسته بمعهد المعلمين و نجح فيه ثم تقدّم بطلب لمكتب تنسيق القبول للجامعات المصرية و تم قبوله فعلاً ، ترك إسماعيل الدراسة في المعهد رغم أنه لم يبقَ على تخرجه منه إلا أشهر معدودات ، فقد كان طموحاً أكثر مما يمكن أن تقدّمه له الدراسة في المعهد .
و في شهر شباط عام 1970 وصل طلاب القطاع إلى مصر ، و في تلك الفترة كان من الصعب على الكثير منهم الانتظام في الدراسة ، و قد مضى ثلثا العام الدراسي و أمامهم تقف مشكلات في التأقلم مع ظروف الحياة المصرية في المدن و التي يختلف جوّها كثيراً عن أجواء المخيمات الفلسطينية في ذلك الوقت .
قرّر أبو شنب أن يتقدّم لامتحان الثانوية العامة للمرة الثانية ، و أن يستثمر الأشهر القليلة الباقية في الدراسة علّه يحصل فرصة أفضل تمكّنه من دخول كلية الهندسة ، و فعلاً تم له ذلك أخيراً ، فقد قبل في المعهد العالي الفني "بشبين الكوم" ، و انتقل في السنة التالية إلى المعهد العالي الفني بالمنصورة و الذي تحوّل فيما بعد إلى جامعة المنصورة ، و تخرّج من كلية الهندسة بجامعة المنصورة عام 1975 بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف و كان الأول على دفعته .
بعثته جامعة النجاح في نابلس ليحصل على ماجستير هندسة مدنية من جامعة كولورادو في الولايات المتحدة الأميركية عام 1982. وورجع إلى الولايات المتحدة ليحضر الدكتوراه ولكن اضطر للعودة إلى جامعة النجاح لحاجتها له.
الالتحاق بحماس:
شاءت الأقدار أن يلتقي الشهيد في أحد مساجد مخيم الشاطئ بالشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، فتأثر به كثيرا وبمنهجه؛ فأصبح ملازما له في حله وترحاله.
وعندما عاد من الولايات المتحدة ظهرت شخصية الشهيد إسماعيل كقائد إسلامي في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس، إلى أن اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلية عام 1989 بتهمة قيادة الجهاز السياسي لحماس، وحكمت عليه بالسجن لمدة 8 سنوات. خرج من السجون الإسرائيلية عام 1997.
وعمل الشهيد أبو شنب مدرسا في قسم الهندسة بالجامعة الإسلامية في مدينة غزة، وأصبح في الفترة الأخيرة من حياته عميدا لكلية المهن التطبيقية بالجامعة الإسلامية، وكان مديرا لمركز أبحاث المستقبل بغزة.
ويعد أبو شنب من أبرز القادة السياسيين في حركة حماس، واعتقلته السلطة الفلسطينية مرتين عامي 1999 و2001، ويوصف بأنه صاحب فكر سياسي وقدرة كبيرة على الإقناع؛ لدرجة أن بعض المراقبين يصفونه بأنه شخصية براجماتية، وكان ممثل حماس في لجنة القوى الوطنية والإسلامية التي تشكلت في قطاع غزة بعد انتفاضة الأقصى، وشارك بفاعلية في مختلف الحوارات مع السلطة الفلسطينية ووفد الحكومة المصرية التي أشرفت على مبادرة الهدنة التي أعلنتها القوى الفلسطينية.
تزوج أبو شنب عام 1976، وله 8 أبناء: 5 إناث، و3 ذكور، استشهد أحدهم فى الضربه الأولى لعدوان آواخر 2008 ، وأصغرهم الطفلة مسك .
استشهاده:
أغارت طائرات مقاتلة من الطيران الإسرائيلي من نوع أف16 ظهر اليوم الخميس على سيارة من نوع جولف كان يستقلها القيادي أبو شنب في طريق عودته من الجامعة باتجاه شارع محافظة غزة الرئيس، وأدى قصف السيارة إلى مقتل المهندس وثلاثة من مرافقيه، بالإضافة إلى وقوع عدد كبير من الجرحى يصل إلى 18 من الذين كانوا موجودين في المكان لحظة قصف السيارة، وبهذه العملية انهيت صفحة الهدنة بين إسرائيل و حماس قد ألغيت .
وكان المجرم دحلان قد ارتدى قبل العملية بساعات زيه العسكري وهدد بشن حرب شرسه ضد حماس ، فجاءت عملية الإغتيال لتوقفه عند حده ، وتمنع الاقتتال .
يروي شهود أنه حينما فتحوا مقبرته لدفن ابنه الذي استشهد فى الأولى2008 ، حينما كان موجوداً فى حفل تخريج الدفعة العسكرية ، وجدوا جثمان ابو شنب المحترق كما هو (لم يتحلل) .
ملف مصور للإغتيال :