03/07/2011

نافذة مصر : إعداد / وائل الحديني :

ألقاب عديدة ارتبطت بـ أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي ، الذي تولى منصبه فى (الأول من مايو 2009) ضمن تعديل وزاري موسع.

 فهو كان"رجل الظل"، و"صاحب اليد العليا" في أروقة الخارجية التركية، وهو "الخوجا" أي "المعلم" كما يلقبه محبوه. 

هو منظر السياسة الحارجية التركية ومحركها ، أو هنري كسينجر العالم الإسلامي ، أوالثعلب التركي .

 تعيين أوغلو كوزير للخارجية التركية كانت إحدى المرات النادرة في الحياة السياسية التركية التي يعين فيها وزير من خارج البرلمان.

خرج علي بابا جان أسطورة الإقتصاد التركي من الخارجية وعاد للإقتصاد ، وجلس أوغلوا على المقعد الذي يستحقه .

لسنوات ظل أوغلو  المنظر الأول للسياسة الخارجية التركية التي اتبعها حزب العدالة والتنمية، وصاحب الرؤية السياسة التي عززت من الدور الإقليمي التركي، بل وضعت تركيا في قلب التفاعلات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط ، رغم كونه مجرد مستشار سياسي لأردوغان .

ميلاد ونشأه :

ولد أحمد داود أوغلو عام 1959 في مدينة "قونيا" الواقعة في قلب الأناضول، وتدرج في التعليم حتى تخرج في قسم العلوم السياسية عام 1984 في جامعة البوسفور، إحدى أهم المؤسسات الجامعية التركية، والتي تدرس موادها باللغة الإنجليزية.

وحصل أوغلو لاحقا على شهادة الماجستير والدكتوراه في العلاقات الدولية، كما عمل في أكثر من جامعة داخل تركيا وخارجها كان أهمها الجامعة الإسلامية في ماليزيا.

وفي عام 1999 حصل على درجة "بروفيسور" في علم العلاقات الدولية، كما تولى رئاسة قسم العلاقات الدولية في جامعة "بي كانت" التركية الخاصة قبل أن يختاره رجب طيب أردوغان كمستشار للسياسة الخارجية، وذلك للإشراف على مهام الرصد والتخطيط والمشاركة في عملية إطلاق سياسة خارجية جديدة للبلاد عقب فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات البرلمانية التركية وتشكيله للحكومة.

مبدأ العمق الإستراتيجي والإرث العثماني

وقد أتاح منصب مستشار السياسة الخارجية لأوغلو فرصة التأثير المباشر على السياسة الخارجية التركية في أعلى مستوياتها، وتطبيق الإطار النظري الذي قدمه للسياسة الخارجية التركية، أو ما يسمى بمبدأ "العمق الإستراتيجي الذي وضعه في كتاب له نشر عام 2001، تحت نفس الإسم .

وقد دعا أوغلو في كتابه إلى ضرورة إعادة تعريف السياسة الخارجية التركية وفق ما أسماه مبدأ "العمق الإستراتيجي"، وتتمثل الفكرة الرئيسية التي يتمحور حولها في أن قيمة أي دولة في العلاقات الدولية إنما تنبع من موقعها الجيو-إستراتيجي وعمقها التاريخي، وطبقا لهذا المبدأ فإن تركيا تتميز بـ"العمق الجغرافي و"العمق التاريخي .

ففيما يتعلق بالعمق الجغرافي ينظر أوغلو إلى تركيا بوصفها دولة "مركزية ، ومن ثم "يجب عدم النظر إليها كدولة جسر  تربط نقطتين فقط، ولا دولة طرفية ، أو حتى كدولة عادية تقع على حافة العالم الإسلامي أو الغرب"، حسب كلمات أوغلو.

ويرجع أوغلو كون تركيا دولة "مركزية" إلى موقعها الجغرافي الفريد، قائلا: "جغرافيا تركيا تعطيها حالة دولة مركزية فريدة تختلف عن الدول المركزية الأخرى، فعلى سبيل المثال تعتبر ألمانيا دولة مركزية في أوروبا ولكنها بعيدة جغرافيا عن إفريقيا وآسيا، وروسيا أيضا دولة مركزية في أوروبا وآسيا لكنها بعيدة جغرافيا عن إفريقيا، وإيران دولة مركزية في آسيا لكنها بعيدة جغرافيا عن أوروبا وإفريقيا، وبنظرة أوسع فإن تركيا تحتفظ بالموقع الأفضل فيما يتعلق بكونها دولة أوروبية وآسيوية في نفس الوقت، كما أنها قريبة من إفريقيا أيضا عبر شرق البحر المتوسط، ومن ثم فإن دولة مركزية تحتفظ بموقع متميز كهذا لا يمكن لها أن تعرف نفسها من خلال سلوك دفاعي، ويجب عدم النظر إليها كدولة جسر تربط نقطتين فقط، ولا دولة طرفية، أو كدولة عادية تقع على حافة العالم الإسلامي أو الغرب".

وكما أن لتركيا "عمقا جغرافيا" فإن لها أيضا "عمقا تاريخيا"، فسره أوغلو بالإرث العثماني لتركيا، حيث كانت الإمبراطورية العثمانية أحد مراكز الجذب العالمية، وهو ما انعكس على واقع الدولة التركية المعاصرة، حيث يوجد خليط متنوع من العناصر القوقازية والبلقانية والشرق أوسطية والتركمانية والأناضولية، وهي عناصر تلتقي تحت مظلة الدولة التركية.

ومن أعظم نجاحات أوغلو على الإطلاق بناء السياسة الخارجية التركية على أسس ومرتكزات طموحه :

إذ حول   أوغلو  المرتكزات التي تقوم عليها السياسة الخارجية التركية فى مقالاته ودراساته وكتابه "العمق الإستراتيجي" ، من نماذج إلى وقائع  نجحت  من وجهة نظره فى  :

ـ التوفيق بين الحريات والأمن.
 ـ تصفير المشكلات مع دول الجوار والوصول إلى علاقات جيدة مع الجميع : (حل المشكلة التركية التي تسير بقوى حثيثة ، توقيع إتفاقية مع أرمينيا تنهي عقود من الصراع ، إلغاء تأشيرات الدخول مع سوريا ).
 ـ إتباع سياسات متعددة الابعاد ومتعددة المسالك تتلائم وتتواءم مع الظروف العالمية المتحركة .
 ـ تطوير الإسلوب الدبلوماسي ، وإعادة تعريف تركيا من جديد كطرف فاعل وليس مجرداً جسر للتواصل .
ولم يخفى أوغلو طموحه فى أن تتحول تركيا إلى قوى مؤثرة فى النظام العالمي الجديد الذي يعتقد أنه سيتم تأسيسه خلال من 10 إلى 15 عام ، كبديل للنظام الحالي ، واستناداً لهذه المبادئ يرى أوغلو أن توفير الأدوات الضرورية لها بتطلب إعادة بوصلة تركيا إلى عمقها فى العالم الإسلامي والعربي الذي إبتعدت عنه منذ إنهيارالسلطة العثمانية ، مما جعلها جزء تابع للمنظومة الغربية الإسرائيلية .

لكن فى النهاية شد الوتر تجاه الدول العربية يدفع القوس فى إتجاه أمر يكا والغرب ( تلك هي المعادلة )