تعتبر مرحلة البدء في الذهاب إلى المدرسة من أصعب المراحل التي يمرّ بها الطّفل؛ لأنّه تعوّد على وجوده في بيته الذي يشعره دائماً بالأمان، والذي يلبّي كلّ طلباته ورغباته بجانب والدته وكلّ منْ يرغب، وعندما ينسلخ عن هذه البيئة إلى مدرسته التي يسودها نظام معين عليه أن يلتزم به، وعدد من الأطفال يشاركونه في جميع الألعاب وكلّ ما هو موجود، يشعر الطّفل أنّه لا يرغب البقاء في ذلك المكان، ويبدأ بالتعبير عن ذلك بالصّراخ والبكاء وعدم التقبّل، ومن هنا يأتي سؤالنا، كيف أجعل ابني يحبّ المدرسة ويرغب بها؟ جعل طفلك محباً للمدرسة تقع مسؤولية كبيرة على عاتق الوالدين في معالجة هذه المشكلة، في البداية علينا أنْ نكون على يقينٍ أنّها مشكلة تحتاج إلى حلّ بأسلوب هادئ، يهدّئ من روع هذا الطّفل الصّغير من عالم المدرسة الذي هو عالم مجهول مخيف بالنّسبة له، وذلك يكون بالتّعاون مع المعلّمة أو الهيئة التدريسيّة المسؤولة عن هذا الطفل، فبالتّواصل المستمرّ والتّشجيع المتواصل من جهة الأهل ومن جهة المعلّمة، تبدأ الأمور بتحسنٍ كبير، ويزول شعور الخوف والقلق الذي يسيطر على هذا الطّفل. كما تستطيع المعلّمة دعم الطّفل بالابتسامة له، وإعطائه بعض المسؤوليات البسيطة، حتّى يتسنّى له إنجازها ويحصل على التّعزيز الإيجابيّ أمام جميع الطّلاب، والهدايا الرمزية الخفيفة، وأيضاً يعتبر تواصل المعلّمة مع الأهل ومدحها الطالب أمام أهله، من الأمور المهمّة والدّاعمة للموقف التّعليميّ، وذلك لأنّها تشعره أنّه مرغوباً ومحبوباً وذكيّاً، أي تعوّض له شعور الخوف من هذا الوسط الذي سيتحول فيما بعد بالنسبة له وسط يسوده محبة المعلّمة، واللّعب مع الأطفال، والتعلّم، وتحقيق النجاحات.
لا ننسى مسؤولية الأهل في المساهمة والرغبة في معالجة الموضوع وعدم إهماله، ويتمثّل ذلك في عدم اعتمادهم الصراخ أو تهديد الطفل بحرمانه من شيء مرغوب لأنه لا يريد الذهاب إلى المدرسة، أو لأنّه لم يقوم بالواجب الموكل إليه من قبل المعلّمة، بل عليهم بسماعه ومناقشته ودعمه والتوضيح له أهميّة هذه المدرسة وأهميّته فيها، وتشجيعهم الدائم لما يقوم به، وعرض عمله على الآخرين من الأهل والأقارب والأصدقاء حتّى يمدحونه ويشعرونه أنه قيّم ويقوم بعمل عظيم، هذا سيدفعه خطوات إلى الأمام وسيخلق في داخله شعوراً بأنّه راغبٌ في التّعلم وإنجاز المزيد حتى يفتخر أمام أهله ويشعر بالرّضا الذّاتي حيال ذلك، هذا على العكس عندما يستخدم الأهل أسلوب التهديد أو العنف، فتكون النتيجة سلبية، وستحتاج إلى وقت مضاعف حتى نعالج هذه المشكلة. يلعب نظام المدرسة دورا هاماً في ذلك، حيث تسمح بعض المدارس لكل والدة الدوام مع ابنها خلال الأسبوع الأول من الدّوام الدّراسي، هذا ما يشجعه أنّه ليس وحيداً، ويخلق نوعاً من الألفة لدى الطّفل مع هذا المكان الذي سمح لوالدته التّواجد معه، ويعطيه دافعاً واستعداداً على تلقّي ما سوف يتعلّمه فيما بعد. هذه المرحلة من المراحل الغاية في الأهمية في حياة كلّ طفل، فمن هنا نستطيع خلق حب الطّفل للمدرسة وندركه أهميّتها، أو نخلق في داخله كرهاً لها، يؤثّر عليه وعلى مستواه الأكاديميّ سلبياً في المراحل القادمة، وتصعب المشكلة كلّما كبر هذا الشّعور مع الطّفل وكبر عمره، ولهذا علينا ألّا نتهاون أبداً في علاج هذه المشاكل البسيطة بالشّكل المطلوب، حتى يتسنّى لنا خلق جيل مثقف يدرك أهميّة التعليم والتعلّم، ويبني مجتمعاً أفضل.