لم يكن يوم التاسع من أغسطس 2001، يوماً عادياً في ذاكرة قادة الكيان الإسرائيلي، فبعد تسعة أيام فقط على جريمة اغتيال القائدين البارزين في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" جمال سليم وجمال منصور وآخرين، كانت مدينة القدس المحتلة على موعد مع أقوى العمليات الاستشهادية التي هزت أمن الكيان وأرعبت المغتصبين.

وبينما كان مطعم "سبارو" في شارع يافا بمدينة القدس المحتلة، يضج بالمغتصبين الصهاينة وقت تناول طعام الغداء، كانت الفرصة سانحة للاستشهادي القسامي عز الدين المصري، لينغمس في "غيتاره المفخخ" في وسطهم ليعزف ألحان الثأر ممن دنس الأرض واستباح الدماء والأعراض.

وكعادتها سارعت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى نقل خبر العملية التي وصفتها بالكبيرة، وبثت صوراً أولية لها، وأمام مشهد الدمار الكبير الذي حل بالمطعم لم يكن بمقدور الاحتلال إخفاء عدد قتلاه وجرحاه، إذ أعلن عن مقتل 20 صهيونياً وإصابة 120 آخرين.

بصمات القسام

ابتهج الفلسطينيون في كافة أماكن تواجدهم بخبر العملية، وكان لمخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، العرين الذي انطلق منه الاستشهادي عز الدين المصري (29عاماً) الحظ الأكبر من الاحتفال ببطل المخيم، إذ خرجت الجماهير إلى الشوارع وتعالت الهتافات ووزعت الحلوى فرحاً.

كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" أعلنت مسؤوليتها عن العملية، وأكدت أنها تأتي في سياق الرد على جرائم الاحتلال المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، والتي كان أخرها جريمة اغتيال القائدين جمال منصور وجمال سليم وسبعة آخرين.

وسجلت العملية الاستشهادية فشلاً أمنياً كبيراً في سجل أجهزة الأمن الصهيونية، حيث انطلق الاستشهادي عز الدين المصري من مدينة رام الله ليصل إلى قلب مدينة القدس المحتلة وفي أكثر شوارعها ازدحاماً شارع يافا، على الرغم من إعلانها حالة الاستنفار القصوى تحسباً لوقوع عمليات رداً على جريمة اغتيال القائدين في حماس منصور وسليم.

البرغوثي وأحلام

النجاح الكبير الذي حققته عملية مطعم "سبارو" لم يكن ليتم دون عناية الرحمن، ومن ثم دون توفر خلية سرية ومنظمة تتولى التخطيط والإعداد الجيد وفائق الدقة لهذه العملية، إذ تولى قيادة العملية وتصنيع "الغيتار المفخخ" الأسير القسامي المجاهد عبد الله غالب البرغوثي المحكوم 67 مؤبداً.

فيما أسند دور الرصد وتحديد المكان المناسب لمكان تنفيذ العملية، إضافة إلى توصيل الاستشهادي إلى هدفه الأسيرة المحررة أحلام التميمي، وقد حكم الاحتلال عليها بالسجن المؤبد 16 مرة، أي (1584) عاماً، وقد حررتها كتائب القسام في صفقة وفاء الأحرار.

لحظة التفجير

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن أحد المغتصبين الصهاينة شهادته عن اللحظات الأخيرة للشهيد المصري، يقول: من بين الذين كانوا يتدافعون لدخول المطعم كان هناك شاب يرتدي “تي شيرت” أبيض اللون وبدلة رياضية غامقة، لقد كان يتمتع بهدوء وطمأنينة كبيرة.

ويضيف الشاهد الإسرائيلي، وحين دخل المطعم بدأ ينظر إلى قائمة الطعام المضيئة والمعلقة على الحائط وعلى الألواح الرخامية الحمراء والخضراء والبيضاء، كما لو أنه يستكشف المنطقة المحيطة به لكن دون أن يشعر به أحد”.

وتابع، ثم سأل الشاب موظف المطعم كم يستغرق الوقت لإعداد طبق من الاسباجيتي (المعكرونة) لأخذه خارج المطعم، وبينما كان الموظف يرد فيه على سؤاله مد الشاب الفلسطيني يده داخل محفظته وفجر نفسه.

نقلا عن الموقع الرسمي لحركة المقاومة الإسلامية حماس