لو أني أعلم أن هذا هو رمضاني الأخير ما تجرَّأت على معصية، ولا فتحتُ الجرائد والمجلات أبحث ملهوفًا عن مواعيد التمثيليات والأفلام والبرامج الساقطة.. إن لحظات العمر صارت معدودة، وليس معقولاً أن أدمِّر ما أبني، وأن أُحَطِّم ما أشيد.. هذا صرحي الضخم الذي بنيته في رمضان من صيام وقيام وقرآن وصدقة.. كيف أهدمه بنظرة حرام، أو بكلمة فاسدة، أو بضحكة ماجنة؟!
إنني في رمضاني الأخير لا أقبل بوقت ضائع، ولا بنوم طويل، فكيف أقبل بلحظات معاصٍ وذنوب، وخطايا وآثام؟! إن هذا ليس من العقل في شيء.
لن أُقدِم في رمضاني الأخير على مشاهدة التلفاز، أو الانشغال باللهو مع الأصدقاء فيما يشغل عن طاعة الله عز وجل، ولو كان حلالاً.
وسواء أذنبتُ أم لم أُذنب فلا بُدَّ من أن أتوب إلى الله عز وجل من ذنوبي السابقة؛ فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم دائم الاستغفار والتوبة، قال صلى الله عليه وسلم: «وَاللهِ! إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً»(1).
وكان صلى الله عليه وسلم يفعل هذا في كل وقت، حتى وهو جالس مع الصحابة؛ فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي الْـمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ»(2).
ولكن هذه التوبة يجب أن تكون توبة نصوحًا؛ كما قال رب العالمين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إلى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [التحريم: 8]. أي: توبة صادقة جازمة لا أعود بعدها إلى الذنب أبدًا.