22/06/2011
اسماعيل حامد
إن مما يميز دعوة الإخوان المسلمين عن غيرها اعتمادها التربية نهجاً وسلوكاً وممارسةً وتطبيقاً، انطلاقاً من مهمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، واستشعاراً لرسالته : " يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة"، وهي تسعى بذلك لتكوين الفرد المسلم فى تفكيره وعقيدته، وفى خلقه وعاطفته، وفى عمله وتصرفه، كي يصبح لبنة صالحة في المجتمع، وقد انتهجت الجماعة وسائل عدة للتربية كالأسرة والكتيبة والرحلة والندوة والمخيم والمعسكر، وإذا كانت الأسرة تربى تربية متكاملة على فترات متباعدة وفى إشراف مرب جيد هو نقيب الأسرة ، والكتيبة تخدم وتقوي الجانب الروحي و الإيماني، والرحلة تسهم فى عملية التربية العملية؛ فإن المخيم يضطلع بمهمة تربوية جليلة القدر لا تقل أهمية عن الأسرة والكتيبة والرحلة، بل ربما كانت مهمة المخيم التربوية لا تتوفر لغيره من وسائل التربية عند الإخوان المسلمين من حيث التربية والتجميع والتدريب.
وقد انتهج الإمام البنا وسيلة المخيم في العمل التربوي، لما لها من أهمية بالغة في تشكيل وتكوين الشخصية الإسلامية، وكان من أبرز تلك المخيمات الإخوانية، ما أقيم فى الدخيلة بالإسكندرية فى صيف عام 1938 م والذي رأسه الإمام المؤسس نفسه، وشارك فيه الإخوة من مختلف أنحاء مصر، وتم لهم فيه من التعارف والتدريب والتدارس للعمل الإسلامى مع الإمام المؤسس وكبار الإخوان ماحقق فوائد جمة.
تذكرت ذلك بعدما أخذتني أقداري الجميلة في الإسبوع الماضي إلى حضور مخيم الإخوان المسلمين التربوي والذي أقيم لأول مرة بصورة علنية بعد سقوط النظام المستبد نتيجة ثورة 25 يناير، وكانت مدينة مرسي مطروح على موعد مع هذا الحدث التربوي العظيم، كي تنضم إلى قافلة المدن التي احتضنت مخيمات الإخوان عبر تاريخ الدعوة .
وقد دفعتني المشاعر أن نتذاكر هنا مخيمات أبي يوسف بالعجمي في سبعينات القرن الماضي، والتي شهدت ميلاد العديد من قيادات العمل الإخواني الحالية، فقد عشنا بها أجمل لحظات عمرنا، ما بين تربية وتدريب على الجندية والسمع والطاعة والانضباط والالتزام والحركة والعمل، إنها مخيمات الزمن الجميل الذي كنا نتتلمذ فيها على يد أساتذة الدعوة وقادتها الكرام، فكم سعدنا برؤية قادة الدعوة لأول مرة في هذه المخيمات، وكم كانت ملازمة هؤلاء الأساتذة ذات أثر بالغ في تكوين نفوسنا وتقوية ارتباطنا بهذه الدعوة، فتعلمنا في تلك المخيمات كيف نحيا حياة إسلامية راقية في مجتمع مثالي، وغرست فينا قيم الدعوة ومبادئها وأفكارها، وعشنا من خلالها روح الأخوة ومشاعر الحب في الله في أروع صورها ونحن نعايش شباب الدعوة من كل مكان، وتربينا على الانقطاع التام عن الدنيا والانفصال عنها وترك الأعذار وراء ظهورنا والتفرع التام لهذه المخيمات وما يتم بها من أنشطة، تلك المخيمات التي توقفت بمقتل السادات ولم تعد حتى قامت ثورة 25 يناير.
تذكرت ذلك كله وأنا ذاهب إلى مرسي مطروح لحضور مخيم الإخوان المسلمين التربوي، والذي كان نتيجة طبيعية لمرحلة ما بعد ثورة 25 يناير وبعد زوال القبضة الأمنية للنظام الديكتاتوري السابق،وحينما ذهبت ورأيت الخيام المنتشرة على رمال البحر ازدادت الأشواق إلى مخيمات الزمن الجميل، وأسعدني الله برؤية هذا الجمع المبارك من شباب الإخوان من محافظات عدة يجتمعون لأول مرة بهذا العدد وبصورة علنية، مما جعلني أهتف من كل قلبي : مرحبا مخيمات الزمن الجميل
مرحبا مخيمات الزمن الجميل حيث تعميق روح الأخوة بين المئات من شباب الإخوان من محافظات عدة، وتحقق الانسجام التام والمخالطة التربوية والتعارف الميداني بعد أن كان تعارف قلوب وأرواح، والنجاح في تكوين روابط بين الأفراد.
مرحبا مخيمات الزمن الجميل حيث تتحقق المعايشة التربوية بين المشرفين التربويين وشباب المخيم، والتقارب بينهم بصورة مباشرة، دون قيود أو حواجز، وبما يحقق التفاعل بين المسئولين وأفراد هذه الدعوة
مرحبا مخيمات الزمن الجميل حيث التواصل بين أجيال الدعوة، و تلاحم جيل الشباب مع أجيال الدعوة الأولى ورموزها وقياداتها في صورة نادرة الحدوث، وتحقق توريث الدعوة وتسلم أمانتها يداً بيد، والقضاء على كل محاولات الإعلام لإحداث الوقيعة بين الشباب والشيوخ من أجيال الإخوان.
مرحبا مخيمات الزمن الجميل حيث ارتفاع الروح المعنوية بدرجة عالية بين الأفراد بعد رؤية قادة الدعوة ورموزها، والاحتكاك بهم عن قرب، وحيث اطمئنان القيادة على سلامة سير الشباب على طرق الدعوة، وأنهم راضون عما وصلت إليه الدعوة
مرحبا مخيمات الزمن الجميل حيث التثقيف الدعوي والوعي السياسي والبناء التنظيمي ووضوح الرؤية حول الأحداث الجارية ومستجدات الساحة ومناقشة كافة القضايا السياسية والدعوية والتربوية، والوقوف على رؤية الإخوان المتجددة بشأن تلك القضايا .
مرحبا مخيمات الزمن الجميل حيث التربية الواقعية والتدريب العملي والمخالطة اليومية والمعايشة الميدانية، وحيث الفهم الواضح والإدراك الواعي والنضج العقلي من ناحية، وحيث الارتقاء الإيماني والزاد التعبدي والنماء الروحي من ناحية ثانية، وحيث التدريب العملي والاعداد البدني والنشاط الرياضي وبناء مقومات التحمل الجسدي من الصبر ورحابة الصدر والجلد وتحمل المشقة من ناحية ثالثة .
مرحبا أيها الزمن الجميل، إنه زمن التربية الأصيلة والجندية الصادقة والقيادة الراشدة والمنهاج القويم والأخوة الرائعة والتفاعل والمعايشة الميدانية ... والله أكبر ولله الحمد