لا إفراط ولا تفريط ، وانما تميز ووسطية ...

في معرض الحديث عن تحويل القبلة أشارت الآيات من سورة البقرة عن الوسطية ، فمن فضل الله تعالي علي أمة الاسلام أن جعلها الامة الوسط العدول الشاهدة علي الامم يوم القيامة ، أمة عظيمة تمتلك تعاليم ليست أرضية إنما من وحي السماء ، ومناهج ليست دونية وانما للإستعلاء والبناء ، وأهداف ليس وقتية وإنما إلي يوم التناد وللقاء  ...

" وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيد  " البقرة

وسطًا في سرة الارض ، وسطًا في التصور والاعتقاد، وسطًا في الدين والعبادة، وسطًا في المكانة والريادة، وسطًا في الشعائر والمشاعر، وسطًا في الشرائع والمناهج، وسطًا في كل شيء، لا يميلون إلى المغالاة والتطرف ولا يذهبون للرهبانية المقيتة يأخذون بالجد إذا كان الأمر جد، والدين كله جد، أمة تتلقى أوامر الله فتنفذها بالحكمة والموعظة الحسنة لا اتكالاً ولا استهزاءً، ولا تطرفًا ولا تشددًا، وإنما "إن الدين يسر ولا يشادَّ الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة" (صحيح الجامع)..

"إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق" (صحيح).

وحدة تدعو الامة لتكون متماسكة متحابة ، وحدة تجعل الامة عابدة لربها حامدة ، كيف ؟!

يعبدون ربًّا واحدًا، ويتبعون نبيًّا واحدًا، ويقرءون كتابًا واحدًا، ويتجهون إلى قبلة واحدة..!! ويتعبدون بأعمال واحدة..! هل هناك تميز أفضل من هذا؟ هل هناك وحدة أجمل من هذه..!!

وهذه دعوة من الله لك انت أيها المسلم ، أيها الموحد ، أيها المؤمن ، أيها المنتمي لأمة محمد ، لتكون شاهدًا على الناس يوم القيامة.. كيف ؟!

" لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ " سورة البقرة

عن أنس، رضي الله عنه، قال: مر بجنازة، فأثني عليها خيرًا فقال نبي الله، صلى الله عليه وسلم: "وجبت وجبت وجبت" ومر بجنازة فأثني عليها شرًّا فقال نبي الله، صلى الله عليه وسلم: "وجبت وجبت وجبت" فقال عمر فداك أبي وأمي مر بجنازة، فأثني عليها خيرًا، فقلت: "وجبت وجبت وجبت"، ومر بجنازة فأثني عليها شرًّا، فقلت: وجبت وجبت وجبت، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض" رواه البخاري ومسلم، واللفظ له، والترمذي والنسائي وابن ماجه.

هذا في الدنيا أما في الآخرة: ورد انه يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي ومعه الثلاثة وأكثر من ذلك، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه، فيقال لهم: هل بلغكم هذا: فيقولون لا، فيقال له من يشهد لك، فيقول محمد وأمته، فيدعى محمد وأمته، فيقال لهم هل بلغ هذا قومه فيقولون نعم، فيقال وما علمكم بذلك فيقولون جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا فصدقناه، فذلك قوله: " وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا "  البقرة   صحيح الجامع، ﴿وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا"  البقرة ،   كيف؟.. عن عبد الله بن مسعود، قال قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو على المنبر: اقرأ عليَّ. قلت أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري. فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية " فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا " النساء  ، قال: "حسبك الآن". فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان  صحيح.

هل أنت أهل لهذه الشهادة؟ هل أنت أهل لهذه المكانة؟ هل أنت خليقًا لهذه المنزلة؟... أنت ونفسك..اسألها تجيبك..!!!

هذه إضاءات  في طريق الصالحين والصالحات لتدخل بهم علي شهر النفحات والرحمات  ....!!

اللهم بلغنا رمضان وفرحنا بالقرآن وشرفنا بعباد الرحمن ...

خميس النقيب