موضع الصخرة
الصخرة كتلة غير منتظمة من الصخر الطبيعي في وسط منطقة المسجد في القدس، أبعادها (1813متر)، وأقصى ارتفاع لها فوق أرض قبة الصخرة حوالي 1.5متر، وتحت الصخرة كهف مساحته حوالي 4.5م2، يتجه جانب الصخرة المنحدر إلى الشرق وجانبها المستقيم المرتفع إلى الغرب، وتظهر الصخرة فوق الكهف وكأنها معلقة بين الأرض والسماء.

منزلة قبة الصخرة
حينما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى عرج إلى السماء من عند القبة، ثم كانت قبلة المسلمين إليها، ثم تغيرت بناء على أمر من الله سبحانه وتعالى في العام الثاني من الهجرة إلى الكعبة المشرفة {نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:144]، ولما قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى بيت المقدس ووجد الصخرة مغطاة بالدمن (القمامة)، أمر برفعها، وبعدها انهمر المطر عليها غزيراً ثلاث مرات ثم أقام الصلاة فيها.

جذبت قبة الصخرة انتباه المسلمين منذ ذلك الحين حيث ظلت تعيش في وجدانهم، وفي وقت كانت فبه الكنائس والأديرة منتشرة في بيت المقدس وأصبح للمسلمين عقيدة حية في قلوبهم صوب هذه الصخرة المقدسة

بنى قبة الصخرة المباركة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/ 684-705م)، حيث بدأ العمل في بنائها سنة 66هـ/ 685م، وتم الفراغ منها سنة 72هـ/ 691م. وقد أشرف على بنائها المهندسان العربيان رجاء بن حيوة وهو من بيسان فلسطين، ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو من القدس [2].

فقد فكر عبد الملك بن مروان رحمه الله في أن يغطي هذه الصخرة المقدسة بنوع من البناء يتناسب وقباب المدينة المرتفعة، حتى يخلد ويحافظ على هذا الأثر المقدس، في وقت كثر فيه البناؤون والمزخرفون مع ثراء الدولة الأموية، وكان هذا هو دافعه الحقيقي، ولم يكن دافعه كما ذكر البعض في بناء قبة الصخرة ليحول إليها الحجيج عن الكعبة المشرفة، فهو خليفة المسلمين ويعلم بل ويحافظ على أركان الإسلام.

وقد قيل: إن عبد الملك بن مروان حين فكر في بناء قبة عالية تغطي الصخرة رصد لبنائها خراج مصر لسبع سنين، وحين أنفقت هذه الأموال على البناء بقي منها مائة ألف دينار، فأمر عبد الملك بن مراون بها جائزة للرجلين المشرفين على البناء وهما رجاء بن حيوة الكندي ويزيد سلام فرفضا قائلين: "نحن أولى أن نزيد من حلي نسائنا فضلاً عن أموالنا فاصرفه في أحب الأشياء إليك"، فأمر عبد الملك بأن يصنع منها صفائح ذهبية تكسى بها القبة من الخارج.

وتعد قبة الصخرة من الناحية المعمارية أقدم أثر إسلامي باقٍ، ساهم فيه مهندسون وفنانون جلبهم عبد الملك بن مراون من مختلف البلاد الإسلامية وحتى غير الإسلامية ليبنوا أثراً رائعًا، وجلب لها المواد من كل بلد تميز فيه، ومن هنا كان لتأثيرات العمارة البيزنطية وضوحًا على هذا الأثر بجانب بعض التأثيرات الفنية الساسانية في زخارفها