الداعية المجاهد سعيد حوى
بقلم: المستشار عبدالله العقيل
محتويات
١ سعيد بن محمد ديب حوّى النعيمي (1354/1935 ـ 1409/1989 )
٢ حوّى ... الشخصية
٣ شهادة بحقه
٤ نشاطه الدعوي
٥ ثناؤه على الإخوان
٦ يقول علامة الجزيرة الشيخ عبد العزيز بن باز
٧ معرفتي به
٨ زياراته ورحلاته
٩ زيارته للكويت
١٠ مذكراته
١١ مؤلفاته
١٢ مرضه ووفاته
١٣ رثاؤه
١٤ المراجع
١٥ ألبوم صور
١٦ إقرأ أيضا
١٧ للمزيد عن الإخوان في سوريا
سعيد بن محمد ديب حوّى النعيمي (1354/1935 ـ 1409/1989 )
داعية إسلامي بارز، مفكّر، مفسر، أحد قادة الجهاد الإسلامي، عضو المؤتمر الإسلامي الشعبي ببغداد 1985 . كتب في السجن (الأساس في التفسير) أحد عشر مجلّداً، وقضت محكمة عرفيّة بإعدامه مع عدد من إخوانه
حوّى ... الشخصية
الداعية المجاهد سعيد حوي
ولد في مدينة حماه، ونشأ في رعاية أسرة متديّنة مجاهدة، وكان أبوه من خيرة المجاهدين ضد الاستعمار الفرنسي، توفيت والدته وهو في الثانية من عمره فتربى في حجر جدّته وكانت مربية صارمة يحبّها وتحبّه .
عاصر في شبابه أفكار الاشتراكيين والقوميين والبعثيين والإخوان المسلمين واختار الله له الخير بالانضمام إلى الإخوان المسلمين سنة 1952م، وهو في الصف الأول الثانوي.
وقد درس على يد عدد من المشايخ في سوريا في مقدمتهم:
شيخ حماة وعالمها الشيخ محمد الحامد ، والشيخ محمد الهاشمي، والشيخ عبدالوهاب دبس وزيت، والشيخ عبدالكريم الرفاعي، والشيخ أحمد المراد ، والشيخ محمد علي المراد.
التحق بجامعة دمشق بعد انتهاء المرحلة الثانويّة، وتخرج من كلية الشريعة سنة 1381 -1961ودرس فيها على الشيخ مصطفى السباعي ، و مصطفى الزرقاء ، و معروف الدواليبي وغيرهم من العلماء.
تخرَّج في الجامعة 1961 م ودخل الخدمة العسكرية سنة 1963م ضابطاً في الاحتياط وتزوج سنة 1964 م حيث رزقه الله بأربعة أولاد .
تأثّر بفكر (جماعة الإخوان المسلمين) وانضمّ إليها في بداية الخمسينات، وتفاعل مع مواقفها السياسيّة والاجتماعيّة، وعكف على قراءة الفكر الإسلامي الحديث، وكتب العقيدة، والفقه، والتراث، والتاريخ الإسلامي، وكانت له ذاكرة قويّة، وقدرة على الفهم والاستيعاب، مكّنته من الإحاطة بالعلوم النقليّة والعقليّة.
واستطاع بما ملك من مخزون لغوي، وحفظ للشواهد، زادتها عنايته بالشعر العربي، والسيرة النبويّة، أن يكون في عداد البلغاء الخطباء الذين تلتف حولهم جماهير المؤمنين، وتنفعل بمواقفهم وآرائهم، وقد أولاه إخوانه مناصب قياديّة في الجماعة بين عامي (1398 1978 ـ1407 1987) بسبب مزاياه العديدة، وصفاته الحميدة، وكان جريئاً في الحق، لا يخشى إلا الله، مستعداً للتضحية والفداء، وكانت له آراء سديدة في العمل الإسلامي.
حيث دعا إلى إيجاد هيكل تنظيمي يضم الحركات الفاعلة في العالم، وإلى تحرير إرادة الأمّة المسلمة من الأنظمة الغاشمة، وتحقيق أمنها وسعادة أبنائها، وقاوم النظام العلماني السوري الذي سيطر على مقدّرات الدولة بعد سلسلة الانقلابات العسكريّة التي تعاقبت على الحكم، وشارك في أحداث الدستور عام 1973 وحكم عليه بالسجن بين عامي (1973 ـ 1978)
حاضر وخطب ودرَّس في سوريا و السعودية و الكويت و الإمارات و العراق و الأردن و مصر و قطر و الباكستان و أمريكا و ألمانيا.
كما شارك في أحداث الدستور في سوريا سنة 1973م مشاركة رئيسية، حيث سجن لمدة خمس سنوات من (5/3/1973م ـ 29/1/1978م)، وقد ألَّف وهو في السجن كتاب الأساس في التفسير (11 مجلداً) وعدداً آخر من الكتب الدعوية!
كتب في السجن (الأساس في التفسير) أحد عشر مجلّداً، ورفض بشدة عبودية الفرد، ونظام الحزب القائد، وكل الشعارات الجاهلية، فقدّم إلى محكمة عرفيّة قضت بإعدامه مع عدد من إخوانه ثم أفرج عنه، فغادر الأراضي السوريّة إلى الأردن ، ليتابع مسيرة العمل الإسلامي بكل ما يملك من مواهب وإخلاص، وعكف على التربية الروحيّة، والتوجيه، والتأليف المنهجي .
رأى أنّ على أبناء الصحوة الإسلاميّة أن يطمئنوا الأقليّات غير المسلمة، وأصحاب الآراء السياسيّة، والأنظمة الحاكمة، ويزيلوا من الأذهان الصورة المزيّفة للمسلم المدمّر للحضارة لأن الصحوة الإسلاميّة ستحاول أن تحتفظ بكل أسباب التقدّم المدني .
وقال: على أبناء الصحوة الإسلاميّة أن يرتقوا بالسقف الثقافي والأخلاقي والتربوي والتخصّص الدعوي والحياتي.
وقال: نحن نعتبر سقوط الخلافة هو أدنى مرحلة وصل إليها الإسلام عمليّاً ونظريّاً سواءً على مستوى الاعتقاد أو على مستوى التطبيق التشريعي .
ونستطيع أن نقول: إن ميلاد الصحوة الإسلاميّة الحديثة بدأ بحسن البنّا عندما أعاد إلى الأذهان فكرة شمول الإسلام وفكرة عالميّته، وضرورة الدعوة إليه، وأن تكون هذه الدعوة منظّمة .
وجد أن أولويّات العمل الإسلامي على مستوى الحركة: التمييز بين الأنظمة التي تحكم العالم الإسلامي وتحديد الموقف منها ؛ والبحث عن صيغة لهيكل تنظيمي يتناسب مع المرحلة التي نحن فيها .
شهادة بحقه
يقول عنه الأستاذ زهير الشاويش في جريدة اللواء الأردنية بتاريخ 15/3/1989م:
«قدر الله ولا راد لقضائه وانقضت حياة سعيد بن محمد ديب حوَّى في المستشفى الإسلامي بعمّان ضحى الخميس غرة شعبان المعظم 1409هـ الموافق 9/3/1989م.
وصُلِّي عليه بعد الجمعة في مسجد الفيحاء بالشميساني، ودفن في مقبرة سحاب جنوبي عمّان، وحضر الجنازة جموع غفيرة، وأبّنه كثيرون منهم الأستاذ يوسف العظم، والشيخ علي الفقير، والشاعر أبو الحسن، والشيخ عبد الجليل رزق، والأستاذ فاروق المشوح، والأديب الأستاذ عبدالله الطنطاوي، وكان تعاطف أهل الأردن الكرام، مع أخ غريب مات في بلدهم، مثل كرمهم مع الأحياء المقيمين عندهم؛ كرم في اليد وطيب في الكلام، وعفوية في المبادرة.
إن سعيد حوَّى كان من أنجح الدعاة الذين عرفتهم، أو قرأت عنهم، حيث استطاع إيصال ما عنده من رأي ومعرفة، إلى العدد الكبير من الناس، وقد مات وعمره لم يتجاوز الثالثة والخمسين وهو عمر قصير، وترك من المؤلفات العدد الكبير، مما يلحقه بالمكثرين من المؤلفين في عصرنا الحاضر..
والاختلاف في تقييم كتبه، لا يغير من هذه الحقيقة شيئاً، وكانت لي معه جولات في كتبه وما حوت، ومع أن بعض رأيي كان ذابحاً ولفظي كان جارحاً، إلا أنه تلقاه دائماً برحابة صدر لم أجدها عند صحبي.
زرته في الأحساء وكان في حينها مدرساً في المعهد العلمي، فلم أجد في بيته من الفرش إلا ما يسد حاجة المتقلل، ومن الثياب ما لا يصلح لأمثاله من العلماء والمدرسين في تلك البلاد الحارة، كانت جلابيبه من النوع الحموي السميك، وما زلت به حتى اقتنع بلبس أثواب بيضاء وعباءة تليق بأمثاله، ولكنه اشترط ألا تكون فضفاضة، وأما الطعام فلم يكن أحسن حالاً من الفرش والثياب،
ومما يدخل في هذا الباب تساهله مع الذين تولوا طبع كتبه سواء ممن أذن لهم أو لم يأذن، فقد توالت الطبعات الكثيرة لكتبه بالحلال والحرام فما بلغني أنه جعل من ذلك مشكلة مع أحد، وهذا من زهده، إن هذا الخلق وهذا التسامح من سعيد حوَّى مفخرة، وتذكر أمثولة للناس وهذه شهادتي» انتهى.
نشاطه الدعوي
حاضر وخطب ودرّس في سوريا و السعودية و الكويت و الإمارات و العراق و الأردن و مصر و قطر و الباكستان و أمريكا و ألمانيا ، كما شارك في أحداث الدستور في سوريا سنة 1973 م مشاركة رئيسة، حيث سجن لمدة خمس سنوات من (5/3/1973م ـ 29/1/1978 م)، وقد ألّف وهو في السجن عدداً من الكتب الدعوية.
تولى مناصب قيادية في تنظيم الإخوان المسلمين على المستوى القطري والعالمي وشارك في عدة أعمال دعوية وسياسية وجهادية.
ثناؤه على الإخوان
لقد كان الشيخ سعيد حوَّى يرى في ثبات الإخوان المسلمين بمصر، هذه السنين الطويلة رهن السجون والمعتقلات وسط الزنازين وتحت سياط الجلادين، دون أن يتنازلوا قيد شعرة عن مبادئهم رغم طول السنين وقساوة التعذيب ومرارة الحرمان، يرى أنهم القدوة للدعاة في هذا العصر وللإخوان في العالم.
وهو في هذا يوافق ما قاله الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا في كتابه (أخلاقنا الاجتماعية) حيث يقول:
«إن في سجون مصر علماء يقطعون الأحجار، ويلبسون ثياب المجرمين، ويعاملون بالزراية والمهانة، لأنهم فهموا العلم، جهاداً ونصيحة وتعباً ومعاملة مع الله عز وجل، فإذا رأوا المنكر أنكروه.
وإذا التقوا مع الجاهل نصحوه، وإذا ابتُلوا بالظالم وقفوا في وجهه، ليردوه ويهدوه، وإذا كانوا مع مستغلّي الشعب من أغنياء وزعماء ورجال أحزاب، واجهوهم بالحق الذي جعله الله أمانة في أعناق الذين أوتوا العلم، هذه جريمتهم التي زُجوا من أجلها بالسجون، وقيدت أرجلهم بالحديد، وسيقوا إلى مقالع الأحجار كما يساق القتلة واللصوص والأشرار والمجرمون!
ويا ليتهم سلموا من ألسنة إخوانهم من علماء الدنيا، الذين سخَّرهم الطغيان ليخدعوا الناس باسم الدين، فإذا هم أداة تخدير للشعب، وزراية بالعلماء المصلحين وتمجيد للفسقة والمغتصبين!
هؤلاء العلماء المصلحون على قلتهم ومحنتهم والعداوات التي تحيط بهم، هم وحدهم الأمل المرتجى لنهضة الأمة وتحررها وانعتاقها» انتهى.
يقول علامة الجزيرة الشيخ عبد العزيز بن باز
«أيها العرب في كل مكان.. أيها القادة والزعماء. إن المعركة الحالية بين العرب واليهود ليست معركة عربية فحسب، بل هي معركة إسلامية عربية، معركة بين الكفر والإيمان بين الحق والباطل بين المسلمين واليهود.
وعدوان اليهود على المسلمين في بلادهم وعقر دارهم أمر معلوم مشهور، والواجب على المسلمين في كل مكان مناصرة إخوانهم المُعتدى عليهم، والقيام في صفهم ومساعدتهم على استرجاع حقهم ممن ظلمهم وتعدّى عليهم، بكل ما يستطيعون من نفس وجاه وعتاد ومال، كلٌ بحسب وسعه وطاقته.
كما قال عز وجل: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قومٍ بينكم وبينهم ميثاق} وقال تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يُحرِّمون مَا حرَّم الله ورسوله ولا يَدِينُون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون} (التوبة: 29).
ومواقف اليهود ضد الإسلام وضد نبي الإسلام معلومة مشهورة قد سجلها التاريخ، وتناقلتها رواة الأخبار، بل قد شهد بها أعظم كتاب وأصدق كتاب، ألا وهو كتاب الله الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيلٌ من حكيم حميد} (فصلت: 42).
فيا معشر المسلمين من العرب وغيرهم في كل مكان، بادروا إلى قتال أعداء الله من اليهود وجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون.
بادروا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أُعدت للمتقين والمجاهدين والصابرين.
وأخلصوا النية لله واصبروا وصابروا واتقوا الله عز وجل تفوزوا بالنصر المُؤزر أو شرف الشهادة في سبيل الحق ودحر الباطل».
(ابن باز ـ من كتاب: موقف اليهود من الإسلام وفضل الجهاد في سبيل الله)
معرفتي به
لقد عرفته من خلال كتبه، ونشاطه الدعوي في سوريا، ومن تلامذته في المدينة المنورة، والتقيته بعد ذلك في الأردن والكويت وأوروبا وباكستان فوجدت فيه الخلق الفاضل والأدب الجم.
والتواضع والزهد، والبساطة في المظهر، والإقبال على الطاعة وكثرة التلاوة والذكر وإدمان القراءة والكتابة في الموضوعات الدعوية والحركية والفقهية والروحية والانشغال الكامل بقضايا الإسلام والمسلمين، والتصدي لطواغيت الأرض الذين خربوا البلاد وأذلوا العباد وسعوا في الأرض بالفساد.
لقد كان سعيد حوَّى طاقة هائلة، وحيوية متدفقة لا يكل ولا يمل، وله باع طويل في التأليف، بحيث يفرغ من الكتاب خلال أيام يكون بعدها بأيدي القراء، وهو ذو نزعة صوفية تغلبه بعض الأحيان، كما أن رقته وطيبة قلبه وحياءه يجعله يؤثر الصمت في بعض المواقف.
زياراته ورحلاته
كما كانت له زيارات متعددة إلى كثير من البلاد العربية والإسلامية والأوروبية والأمريكية، وقد زار باكستان أكثر من مرة حيث قابل الإمام أبوالأعلى المودودي في الزيارة الأولى واستفاد من توجيهاته وإرشاداته في مجال الدعوة الإسلامية والعمل الجماعي.
وفي الزيارة الثانية لباكستان حضر تشييع جنازة المودودي، حيث كنت والعلاّمة القرضاوي وسيف الإسلام البنا، وعبد العزيز المطوع وغيرهم، واجتمع بقادة الجماعة الإسلامية بباكستان، ثم ذهب إلى لاهور حيث التقى قادة المجاهدين الأفغان وحثّهم على التعاون والعمل المشترك ونكران الذات وإخلاص النية لله تعالى وجعل الجهاد خالصاً لوجه الله وفي سبيله وألا يكون للنفس فيه حظ.
وفي أواخر شهر مايو سنة 1979م سافر إلى إيران ضمن وفد إسلامي، حيث التقى الخميني ووزير الخارجية آنذاك إبراهيم يزدي وكمال خرازي وقام بشرح حقيقة ما يجري في سوريا، وناشدهم حق الأخوة الإسلامية نحو إخوانهم المسلمين في سوريا.
يقول الشيخ سعيد حوَّى في كتابه (هذه تجربتي): «إن من ثمار الانقلاب العسكري الأمريكي بسوريا بقيادة حسني الزعيم والذي أعلنت المخابرات الأمريكية في أكثر من كتاب أنها وراءه هو:
تسليم مستعمرة (مشمار هايردن) لليهود.
وتوقيع اتفاق مد خط أنابيب التابلاين كما أرادتها الشركة الأمريكية.
وإلغاء مجلة الأحكام العدلية التي كانت القانون المدني الإسلامي لسوريا» انتهى.
ومن سنة 1984م كثرت لقاءاتي بالشيخ سعيد حوَّى بحكم ترددي على الأردن، حيث يقيم، ومن خلالها ازددت به معرفة واشتركت معه في تقويم كثير من الأحداث والوقائع، وكتابة بعض الدراسات والبرامج والمناهج، التي تحتاج إليها الحركة الإسلامية المعاصرة، وكنا نتفق في الكثير من الأمور ونختلف في القليل منها ولا يؤثر هذا على موقف أي منا نحو أخيه.
وحين أصدر كتابه (في آفاق التعاليم) أثنيت عليه وشكرته على هذا الجهد؛ لأن شباب الدعوة الإسلامية في أمس الحاجة إلى فهم الأصول العشرين التي وردت برسالة التعاليم للإمام الشهيد حسن البنا والتي تناولها بالشرح كثير من الإخوان أمثال: محمد الغزالي، عبد المنعم تعيلب، عبد البديع صقر، يوسف القرضاوي، علي عبد الحليم، جمعة أمين، محمد عبدالله الخطيب وغيرهم وهي رسالة قيّمة في حاجة إلى المزيد من الشرح.
وقد قام الأخ مصطفى الطحان بإدراجها في سلسلة مطبوعات الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية، وتمت ترجمتها إلى بعض اللغات وراجت رواجاً كبيراً وطبعت عدة طبعات بالعربية وغيرها، والحمد لله.
زيارته للكويت
لقد سعدنا بزيارته في الكويت أكثر من مرة، وحضر ندوتنا الأسبوعية مساء الجمعة، وتحدث فيها حديثاً شائقاً أخذ بمجامع القلوب، وكان محور حديثه عن منهج الإمام البنا في الاستفادة من الخيرية في كل إنسان، وأن على الدعاة أن يزيدوا الخير في نفوس الناس، وأن يباشروا مخاطبة القلوب التي هي مفتاح الهداية.
ونفوس البشر جميعاً فيها الخير وفيها الشر ولكن بنسب متفاوتة، فإذا وفقنا الله لزيادة الخير في النفس البشرية، فمعنى هذا أننا قللنا نسبة الشر فيها، لأن تزكية النفوس هي المفتاح لتقويم السلوك: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا} (الشمس: 7 ـ 10).
مذكراته
لقد كان الشيخ 'سعيد حوَّى قارئاً جيداً، حيث قال عن نفسه في كتابه (هذه تجربتي):
«...كان معدل قراءتي في الساعة ستين صفحة، وكان موجهي في الأُسرة الإخوانية هو الأستاذ مصطفى الصيرفي، وتأكدت تلمذتي على يد الشيخ محمد الحامد في هذه المرحلة ثم أصبحت مسؤولاً عن الطلاب في مدينة حماة، وكان لي دور رئيسي في ثلاث مظاهرات طلابية:
الأولى: حين طالب الإخوان المسلمون في سوريا بإدخال نظام الفتوة في المدارس الثانوية.
والثانية: احتجاجاً على إعدام الإخوان المسلمين في مصر.
والثالثة: في الذكرى المشؤومة لوعد بلفور، وكنت المتحدث الرسمي في هذه المظاهرات عن الإخوان المسلمين.
وقد التحقت بكلية الشريعة بدمشق وحضرت خلال ذلك محاضرة الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان المسلمين بسوريا في مدرج جامعة دمشق، فكانت محاضرة رائعة شعرت أثناءها وكأني منوم مغناطيسياً.
كما حضرت حفل الاستقبال الذي أُقيم للأستاذ حسن الهضيبي المرشد الثاني للإخوان المسلمين في جامع السلطان بمدينة حماة، وتكلم فيه الدكتور مصطفى السباعي والدكتور سعيد رمضان، وخُتم الحفل بكلمة قصيرة للأستاذ الهضيبي» انتهى.
ولقد كان للشيـخ سعيد حوَّى إسهامه في الحقل التعليمي حيـث مارس التدريس داخل سوريا وخـارجها، وعمـل في السعودية خـمس سنوات، سنتين في مدينة (الهفوف) بمنطقة الأحساء وثلاث سنـوات بالمدينة المنورة.
مؤلفاته
كما كانت له دروس وأحاديث ومحاضرات في جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت، ومدرسة النجاة الخاصة فيها، لقيت القبول من شباب الصحوة الإسلامية.
كما كان لمؤلفاته الدعوية والحركية رواجها لدى الشباب المسلم في البلاد العربية والإسلامية وبخاصة في اليمن وبلدان الخليج وبلاد الشام وقد ترجم بعضها إلى لغات أخرى.
من مؤلفاته:
الله جل جلاله
الرسول صلى الله عليه وسلم
تربيتنا الروحية
المستخلص في تزكية الأنفس
مذكرات في منازل الصديقين والربَّانيين
جند الله ثقافة وأخلاقاً
في آفاق التعاليم
إحياء الربانية
غذاء العبودية
السيرة بلغة الحب
الإجابات
هذه تجربتي وهذه شهادتي
جند الله تخطيطاً وتنظيماً.
يقول عن زهده السيد زهير الشاويش صاحب المكتب الإسلامي:
(زرته في الأحساء وكان في حينها مدرساً في المعهد العلمي، فلم أجد في بيته من الفرش إلا ما يسد حاجة المتقلل، ومن الثياب ما لا يصلح لأمثاله من العلماء والمدرسين في تلك البلاد الحارة، كانت جلابيبه من النوع الحموي السميك، ومازلت به حتى اقتنع، بلبس أثواب بيضاء وعباءة تليق بأمثاله، ولكنه اشترط ألا تكون فضفاضة، وأما الطعام فلم يكن أحسن حالاً من الفرش والثياب).
كان معروفًا بالخلق الفاضل والأدب الجم، والتواضع والزهد، والبساطة في المظهر، والإقبال على الطاعة وكثرة التلاوة والذكر وإدمان القراءة والكتابة في المواضيع الدعوية والحركية والفقهية والروحية والانشغال الكامل بقضايا الإسلام والمسلمين، والتصدي لطواغيت الأرض الذين خرَّبوا البلاد وأذلوا العباد وسعوا في الأرض الفساد.
لقد كان سعيد حوى طاقة هائلة، وحيوية متدفقة لا يكل ولا يمل، وله باع طويل في التأليف بحيث يفرغ من الكتاب خلال أيام يكون بعدها بأيدي القراء، وهو ذو نزعة صوفية تغلبه بعض الأحيان، فيخرج عن المنهج العلمي الذي يطالب به ويدعو إليه.
مرضه ووفاته
في سنة 1987م أصيب بشلل جزئي إضافة لأمراضه الأخرى الكثيرة: السكري والضغط وتصلب الشرايين والكلى ومرض العيون، فلجأ للعزلة الاضطرارية وفي يوم 14/12/1988م دخل في غيبوبة لم يصح منها، حيث توفاه الله ظهر الخميس 9/3/1989م في المستشفى الإسلامي بعمان.
عاش مدافعاً عن حق شعبه في الحريّة مناضلاً ضد الاستبداد، مهاجراً صابراً محتسباً .
ومات مجاهداً، مرابطاً في عمّان، ودفن في مقبرة سحاب الإسلامية
رحم الله شيخنا سعيد حوى فكم صبر على الأمراض الكثيرة وعلى البلاء في السجون وعلى الألسنة الطويلة التي امتدت إليه بالإساءة، جعل الله ذلك كله في ميزان حسناته وغفر الله لنا وله وحشرنا وإياه مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا ...آمين.
رثاؤه
وقد رثاه الشاعر الإسلامي الكبير وليد الأعظمي بقصيدة عنوانها (سكت الهزار) جاء فيها:
سكت الهزار الصادح الغرّيدُ
فاستوحش الوادي وغاب العيدُ
يا راًلاً عنا وفي أعماقنا
شوق إليكم ما عليه مزيدُ
فارقتنا وتركت فينا لوعةً
في القلب يلذع جمرها الموقودُ
دين لكم في عنق كل مجاهدٍ
يجب الوفاء بذاك والتسديدُ
ذكراكَ في قلبي وذكرك في فمي
أشدو به بين الورى وأشيدُ
بالأمس كان لقاؤنا في طيبةٍ
طاب الحديث بها وطاب نشيدُ
بجوار خير المرسلين سمت بنا
سبحاتُ فكرٍ زانها التوحيدُ
والروضة الزهراء في جنباتها
يتناغم التسبيح والتحميدُ
وصلاتنا فيها عروج للسما
يسمو ركوعٌ عندها وسجودُ
وتحلقت للعلم في أفيائها
حلقات هَدْيٍ نفعها مقصودُ
وأبو محمد (السعيد) كأنَّهُ
قمر تألق نوره المشهودُ
يحيي القلوب بوعظه وبيانِهِ
لكأنما هو لؤلؤ منضودُ
فيه من الذكر الحكيم لآلئٌ
ومن الحديث أزاهرٌ وورودُ
والناس يستافون شهد بيانِهِ
منهم قيام حوله وقعودُ
يا رافعًا للحق راية نصرِهِ
والحق تحرسه ظُبـًا وبنودُ
أفنيت عمرك بالجهاد مصابرًا
لله فيما تبتغي وتريدُ
لك في الجهاد عزيمة مشبوبةٌ
لا تعتريها فترة وخمودُ
كالليث في وَثْباته وَثَبَاتِهِ
شهدت بذاك خنادقٌ وجنودُ
والشام تذكر إذ نهضت مكبرًا
تحدو بها نحو العُلا وتقودُ
و(المسجد الأموي) يشهد أنك الـ
بطل الهمام القائد الصنديدُ
و(حماة) لا تنسى نداك محذرًا
مما تخبئه الليالي السودُ
وتردّ كيد المعتدين بنحرهم
وتذُبُّ عن أحسابها وتذودُ
أبناؤها الصِّيدُ الكرام تحملوا
فوق الذي حمل الكرام الصيدُ
فنساؤها اللبؤات في ساح الوغى
ورجالها عند اللقاء أسودُ
عانَوْا من الأهوال كل فظيعةٍ
منها تكاد الراسياتُ تميدُ
في كل ناحية جريح يلتوي
وشهيدة مبرورة وشهيدُ
وإذا تخطى القتل بعض رجالهم
فالسجن والتعذيب والتشريدُ
في (القدس) قد عاث اليهود وفي (حما)
عاثتْ (قرامطة) بها و(يهودُ)
جاءوا بكل كبيرة وكريهةٍ
لم يأت أمسِ بمثلها (نمرودُ)
عادت بها (عاد) وعادت (تُبّع)
و(الرسُّ) و(الأحقافُ) و(الأخدودُ)
هدموا بيوت الله حقدًا منهمُ
هيهات يُفلح آثمٌ وحقودُ
تبكي محاريب الهدى إذ حلَّها
بعد الهداة الصالحين قرودُ
شاقتك جنات الخلود ورفقة الـ
هادي البشير وحوضهُ المورودُ
ببشائر الرضوان من ربِّ السما
والذكر للرحمن والتمجيدُ
كسب الفتى من سعيه بحياتِهِ
طيب الثناء وذكرُه المحمودُ
أنت السعيد بكل ما قدمتَهُ
تلقى الرسول بهِ وأنتَ (سعيدُ)
المراجع
(1) مقابلة مع الدكتور محمد سعيد حوّى في عمان .
(2) مجلّة المجتمع آخر حديث للشيخ سعيد حوّى، قلم التحرير .
(3) أعلام الصحوة الإسلاميّة: الشخصيّة رقم 136 تأليف محمد علي شاهين، (مخطوط).
(4) موقع المستشار عبدالله العقيل