منذ 523عامًا سقطت "غرناطة" آخر المعاقل الإسلامية في الأندلس بعد وقوعها في يد الكنيسة الكاثوليكية، بسبب ضعف حكام المسلميين وتفككهم في الوقت الذي اتحدت فيه الكنائس المسيحية وعملت على إسقاط الدولة الإسلامية.
يرجع الفضل في فتح الأندلس إلى موسي بن نصير وطارق بن زياد عام 711م، عندما تحالف ملك القوطيين مع جيش المسلمين والذي كان أغلبه من البربر عقب فتح المغرب، وقد شجَّع والي طنجة الرومي يُليان المُسلمين على مُهاجمة الأندلُس بِسبب خِلافٍ كبيرٍ وقع بينه وبين الملك لُذريق بِسبب اعتداء الأخير على ابنته.
ورأى المُسلمين توجيه جُهود الفتح والغزو نحو بلادٍ حضريَّةٍ غنيَّة تُفيد الدولة الأُمويَّة وعُموم المُسلمين، بدل تحويله نحو الواحات والبلاد الصحراويَّة، ولِرغبتهم في الاستمرار بِنشر الإسلام في البُلدان المُجاورة.
ورغم إعتراف المُسلمون بعد خُضوع شبه الجزيرة الأيبيريَّة لهم بِحُقوق النصارى واليهود في إقامة شعائرهم الدينيَّة نظير جزيةٍ سنويَّة، إلا أن إنسحب أغلبهم إلي شمال جزيرة إيبريا الذي ظل طوال الحكم الإسلامي "حوالي 800 عام" يقاوم الحكام المسلمين لشبه الجزيرة الإيبيرية.
وخِلال تلك الفترة أسَّس المُسلمون حضارةً عظيمة في البلاد الأندلُسيَّة حتَّى اعتُبرت «منارةُ أوروپَّا» خِلال العُصُور الوسطى، وحصلت حراكات اجتماعيَّة بارزة نتيجة هذا الفتح وتعدُد العرقيَّات البشريَّة التي سكنت البلاد الأندلُسيَّة، فتعرَّبت بعض قبائل البربر وبعض القوط، وتبربرت بعض قبائل العرب، واختلط العرب والبربر والقوط وشكَّلوا مزيجًا سُكانيًّا فريدًا من نوعه في العالم الإسلامي، وأقبل القوط الذين بقوا على المسيحيَّة على تعلُّم اللُغة العربيَّة والتثقُّف بِالثقافة الإسلاميَّة مع حفاظهم على خُصوصيَّتهم الدينيَّة، فعُرفوا بِالمُستعربين، وكتبوا لُغتهم بِالأحرف العربيَّة التي عُرفت باسم "اللُغة المُستعربيَّة".
وكان الوضعُ الاقتصادي في الأندلُس قُبيل الفتح الإسلامي شبيهًا إلى حدٍ كبير بِالوضع الذي كان سائدًا خِلال العهد الروماني؛ فالأرستقراطيَّة الرومانيَّة ظلَّت على أشكالها من الغنى وإفشاء التمييز والطبقيَّة واستغلال التُجَّار والمُزارعين البُسطاء، وساء أمر العامَّة نتيجة تراكم الضرائب والأتاوات، ونقص الأمن بمُختلف أوجُهه، ووُصفت الهيكليَّة الاقتصاديَّة لِلمملكة القوطيَّة بأنها رُبما كانت الأقرب إلى المنظومة الرُومانيَّة من غيرها من هيكليَّات الممالك الأوروپيَّة الغربيَّة التي كانت قائمة حينها.
وبدأ المسيحيون محاولة إعادة الإستيلاء علي الأندلس من يد المسلمين مع معركة كوفادونجا 718 أو 722، حيث قام جيش مسيحي صغير، بقيادة النبيل بيلاجيوس،الذى هزم جيش الخلافة الأموية في جبال شمال أيبيريا وأنشأت إمارة المسيحية في أستورياس.
و ضعفت الدولة الإسلامية في الأندلس وتقلصت حتي انحصرت في مملكة غرناطة التي سقطت 21محرم897هـ/2يناير1492م ،عندما وقع آخر ملوكها عبدالله الصغير معاهدة إستسلام مهينة مع الملكين الكاثوليكيين فرديناند الخامس وإيزابيلا، وانتهي المسلمين نهائيًا وقضي عليهم بعد محاكم التفتيش التي كانت تقوم بإحراق كل من هو مسلم.
وكان أول عمل لهما عقب دخول غرناطة هو تعليق صليب فضي كبير فوق برج القصر الأعلي والإعلان أن غرناطة أصبحت تابعه للكاثوليك وإنتهاء حكم المسلمين من الأندلس.
ومن أهم الأسباب التي أدت إلي سقوط الأندلس: أولا: الإنحراف عن شرع الله والمنهج الإسلامي الصحيح فذاع شرب الخمر، وانتشر اللهو والغناء وكان الأمراء يتنافسون في تقريب المغنيين وبناء المدارس لهم.
ثانيًا: الترف الذي أصاب أهل الأندلس وحكامها فكانوا يبالغون في الإنفاق علي المسكن والمأكل والملبس مماشغلهم عن الدفاع عن أرضهم وعرضهم فهانوا علي عدوهم.
ثالثًا: موالاه أعداء الإسلام من الصليبيين وحسن الظن بهم والإستعانه بهم ضد البلدان الإسلاميه المجاورة.
رابعًا: التنازع بين المسلمين علي المناصب وقتل البربر والعرب بعضهم مما جعلهم ضعفاء في صد هجوم المسيحيين.
خامسًا: تقاعس كثير من العلماء عن دورهم الجهادي والدعوي والإصلاحي، حيث انشغل الكثير منهم في المسائل الخلافيه ولم يقوموا بدورهم الأساسي وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.