د/جابر قميحة

ما كنت أتمنى أن أتحدث عن نفسي ، وعما كتبته في تعرية فرعون المخلوع ، لولا رسالة مكتوبة تلقيتها على إيميلي الخاص من السيد مصطفى حسين زايد يقول فيها بالنص :

لقد قرأت بعض مقالاتك في الهجوم على الرئيس حسني مبارك ، وأسأل لماذا تهاجمه الآن ، مع أنك لم تكتب كلمة واحدة في التهجم عليه أيام أن كان رئيسا للجمهورية وله سلطانه ورجاله ؟ .

وما كتبه السيد مصطفى مبني على تقدير غالط ، ولو قرأ التواريخ التي حرصت على أن أثبتها مع كل مقال كتبته لما حكم هذا الحكم الظالم الذي لا أساس له من الصحة .

                         **********

وفي السطور الآتية أسوق بعض السطور من مقالاتي ومعها تاريخ كتابتها منها :  
" في24-12-2004نشرت مقالا عنوانه :

 لا.. لأبناء الرؤساء!! .

 ومما جاء فيه :
" اغتال أبو لؤلؤة المجوسي خليفة المسلمين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وفي ساعات احتضاره أشار عليه بعض المسلمين أن يستخلف ابنه عبد الله ليكون خليفة للمسلمين من بعده, ولكنه رفض, وقال «والله لا أحملها حيا وميتا»..

فأبناء الرؤساء ليسوا فلتات, ومواهب مجسدة في الثقافة والوعي السياسي والاجتماعي حتي يكونوا أجدر الناس بمنصب الرياسة. ففي شعوبنا عشرات الألوف ممن يفوقونهم علما وثقافة وخبرة وقدرة علي إدارة شئون الحكم.
كما أن استقرار أمور الوطن لا علاقة له بصورة النظام ملكيا كان أو جمهوريا, بل يرجع إلي شعور المواطن بآدميته, وتمتعه بالحرية الحقيقية في التفكير والتعبير.

والقول بان الباب سيكون مفتوحا لمن يريد أن يرشح نفسه للرياسة من أبناء الشعب بصرف النظر عن مكانه الاجتماعي, هذا القول يعد مضحكا, لأن الذين يقولونه يخادعون أنفسهم, ويخادعون الشعب, فعمليا لن يجرؤ أحد علي ترشيح نفسه, وإذا اجترأ فلن تمكنه «حكومة الرياسة» من الحصول علي أصوات تزيد علي 1% لأن الرئيس الجديد يجب ألا تقل أصوات «نعم» عن 99%.

ومن مساوئ هذا النظام «الجمهو ملكي» أن هذا الابن «المحروس» لن يتخطي في سياسته الدرب الذي اختطه أبوه, بل سيفخر بأنه ما جاء إلا للسير علي درب أبيه, واستكمال مسيرته.

والشعوب كلها تعلم - علم اليقين - أن الرئيس ابن الرئيس يجعل همه الأول إسدال ستار صفيق علي مساوئ حكم الوالد ومظالمه وخطاياه.. ويا ويل الألسنة والأقلام التي تحاول الكشف عن حقيقة «الرئيس المرحوم».
ومن يدري؟ فقد يستخلف الرئيس الجديد ابنه من بعده, وبذلك يتحول النظام «الجمهو ملكي» إلي نظام ملكي خالص بالتدريج, وخصوصا أن رؤساءنا لا يتركون الحكم إلا بالموت أو الاغتيال, أي يحكمون مدي الحياة, وهي أهم سمات النظام الملكي. وإنا لله وإنا إليه راجعون. ورحم الله عمر بن الخطاب.

                                  **********

في 28-12-2006نشرت مقالا عنوانه :

يا مبارك .. هل تنام ؟!" .

ومما جاء فيه :
 ما خلاصته أن مبعوث  كسري امبراطور الفرسِ وصل إلي المدينة يريد مقابلة الخليفة عمر بن الخطاب,فلما رآه ينام نوما هنيئا عميقا دهش, ووقف أمامه خاشعًا, وقال: "عدلت, فأمنت, فنمت يا عمر".

25ألف معتقل يا مبارك

وواقعة الشاعر الحطيئة "المعتقل الوحيد" الذي تشفع -في شعره- بأطفاله, ذكرتني بالخمسة والعشرين ألف مواطن الذين ألقي بهم في المعتقلات والسجون المباركية, وذكرتني بأطفالهم الذين يعيشون "أيتامًا", وآباؤهم أحياء.
خمسة وعشرون ألفا -يا مبارك- أغلبهم مضي عليهم في جحيم معتقلاتهم أكثر من عشر سنين. وأسراك هؤلاء -يا مبارك- يمثلون في العدد ما لا يقل عن ثلاثة أضعاف أسري الفلسطينيين في سجون إسرائيل. وعدد أسراك هؤلاء -يا مبارك- يعني أنهم تركوا وراءهم قرابة مائة ألف طفل يعيشون علي الألم والحرمان والضياع والفقر والمرض.

فكيف تنام -يا مبارك؟ وهل يهنأ لك منام في قصورك, ومنتجعاتك, واستراحاتك؟ ألم يؤرقك ضمير, وتصرخ فيك نفس لوامة؟ ألم تقل لك: إن أسراك هؤلاء إما أبرياء, فيجب أن تطلقهم فورًا, وتعوضهم -من مالك الخاص- عن زهرة عمرهم التي أُهدرت وديست في بمعتقلاتك؟ وإما مذنبون فيجب تقديمهم فورًا لمحاكمات علنية عادلة؟!

وما أري كلاً منهم إلا قائلاً بلسان الحال, ولسان المقال:
وكيف تنام – يا مبارك – وأنت تعيش في شرنقة مصفحة من الطوارئ الممتدة من ربع قرن ؟ ألم يؤرقك صراخ أرواح قتلى الانتخابات المزورة , وضحايا عبارة رجل حزبكم : ممدوج إسماعيل ؟ وغير ذلك كثير وكثير ...

وأخيرًا.. أعاود سؤالك -وعلي أسي ووجع أليم-: يا مبارك.. يا رئيس هذه الأمة: هل تنام وكيف يهنأ لك منام أمام ظلمكم هذا الفادح, الذي يؤرق جبالا وبحارًا وتهتز منه وله أرض وسماء ؟!

**********

وفي يوم  16   /  2   / 2008 نشرت مقالا بعنوان

 مبايعة مبارك..ومدرسة المشاغبين

**********

وفي 25 – 7 - 2009
نشرت مقالا طويلا جدا بعنوان

رسالة عارية إلى الرئيس مبارك

ومما جاء فيه :
يا رئيس جمهوريتنا, أكتب إليكم هذه الرسالة الواضحة العارية من كل تزويق, وبهرجة, ومجاملة.. قاصدا بها وجه الله, مدفوعا بولائي, لا لرئيس, ولا ملك, ولا دنيا, ولا سلطان.. بل بولائي لله, ولرسوله, وكل قيمة عليا,  

هذا هو منطلقي يا سيدي مبارك, وهذا هو إيماني وعقيدتي, فالحمد لله إذ لم أكن -ولن أكون في يوم من الأيام- ممن هتفوا, ويهتفون لك: «بالروح بالدم نفديك يا مبارك»..      

إن عهد سيادتكم فاق كل العهود السابقة في «التزوير», التزوير الشامل الذي أصبح قاعدة راسخة, وكأن مخالفته تعتبر -في عهدكم- ضد طبائع الأشياء. 

وأصبح للتزوير امتداداته, وجذوره الخسيسة التي ضربت وتضرب في حياتنا الاجتماعية والتعليمية..  ومسئوليتك عن 72 مليونًا

وعودًا علي بدء أقول -يا سيدي .. يا مبارك- :ما أكثر ما قلت في أحاديثك وحواراتك علي المستويات المحلية والعالمية: «إنني مسئول عن 72 مليون مصري». وأنت معي -يا سيدي- أن المسئولية لا تتوقف عند منطق الشعور, والمشاركة الوجدانية حزنًا وفرحًا, وألمًا وأملاً, ولكن المسئولية شعور وعمل يحكمه العدل والجدية والحرص علي حياة الآخرين ومصالحهم.

   ومن محاسن الإسلام أنه جعل المسئولية ذات مفهوم شامل من ناحية, وحقيقي من ناحية أخري.. فقد قال الصادق المصدوق -صلي الله عليه وسلم-: «كلكم راع, وكل راع مسئول عن رعيته..» ثم ذكر الحاكم والزوج وغيرهما.. وتبقي المسئولية الكبري مسئولية الحاكم 

سيدي يا مبارك أقول لك: «اتق الله.. اتق الله.. فإن خير الزاد هو التقوي».

لقد اتسعت قاعدة التزوير في عهدكم يا سيدي مبارك فلم يعد يكتفي بالانتخابات والاستفتاءات, بل امتد إلي المدارس والتربية والتعليم والماء والنظافة, والأشجار والطرقات.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ومع التزوير نفاق رخيص
 
ولا يستطيع أشد الناس غفلة, وأضعفهم تفكيرًا أن ينكر أن النفاق أصبح صاحب هيمنة وسيادة في كل المصالح والدواوين والمجالات.. والنفاق من أقذر الصفات البشرية وأحطها .

نرفض منطقكم.. يا سيدي

لقد قلتم -في واحد من حواراتكم-: " إن ترك الحكم عملية صعبة جدًا.." وهو منطق «تشبّثي» نرفضه مهما كانت إنجازاتكم ومآثركم ومفاخركم, ونرفض منطق مظاهرات بلطجية الحزب الوطني «حسني مبارك غيره مفيشْ... غيرُه غيره ما يلْـزَمنيشْ».

أقول هذا... لأن تشبثكم بالحكم -علي المستوي الفردي, والمستوي الأسْريً- يـُعد إهانة كبري لمصر.. وشعب مصر, فهو يعني أنها عقَمتْ, وأصبحت عاقرًا... مع أن مصر ولادة... وستظل ولادة إلي الأبد.... يا سيدي.. يا مبارك.

                   **************

وفي يوم 18-1-2011نشرت مقالا عنوانه :

يـــــا مبارك ...إليك ثلاثيتي .

جاءفي مطلعه :
نعم يا مبارك ...  يا رئيس جمهورية مصر العربية ، إليك كلمات أوجهها من قلبي وضميري وشعوري ... ؛ لأذكرك بثلاثية ذهبية عاقلة قدمها للبشرية الإمام على بن أبي طالب في كليمات قليلة مباشرة ، وهي  :                         
 ضعْ فخرك ، واحطـُط كِـبرك ، واذكر قبْرك .

يقول تعالى : " أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ..... ) النساء 78  .

ويقول تعالى  : " وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ "  آل عمران (145)

فهو يذكرنا بدليل الله الصامت ... الذي ينفذ ولا يتكلم ، وهو الحتمية التي لا ينكرها لا مؤمن ولا كافر... إنه الموت يا مبارك ، فأذكرك بهذه الحتمية الحاسمة في العرض القرآني المعجز .

                                      **********

  كتبت الكلمات السابقة ــ وغيرها كثير ــ أيام أن كان المخلوع في قمة ظلمه وتحكمه . لا أخشى في الله لومة لائم ، ولم أحن رأسا، فالحمد لله إذ عشت لقلمي وفيا صادق حرا أبيا .

__________

[email protected]