خرج علينا قائد الانقلاب الدموي أمس يتحدث في موضوعات شتى، متغافلا ومتناسيا أن دماء الشهداء الذين قتلهم في المجازر الوحشية التي اقترفها لا تزال تقطر من فمه ويديه وتلطخ صورته، وأن منظر الجثث المقتولة والمحروقة تلتصق في المخيلات والأذهان به وبأعوانه من السفاحين والقتلة.
تكلم عن الترشيح للرئاسة وتجاهل أن لدينا رئيسا شرعيا منتخبا بحق، وأن القوة الغاشمة لا تستطيع أن تزيل الحق أو تمحو الشرعية، وتجاهل أن أمل الشعب المصري كان معلقا بعد ثورة 25 يناير 2011 بإقامة دولة ديمقراطية مدنية حديثة، فإذا بالانقلاب يعيدها دولة ديكتاتورية عسكرية بوليسية متخلفة، وهو الذي سبق أن قال: «إذا نزل الجيش إلى الشارع فتكلموا عن مصر بعد 30-40 سنة»، وحنث كعادته بـالأيمان المغلظة التي أقسمها أنه والعسكر لا يريدون السلطة ولا يتطلعون للحكم، ولا عجب فقد نقض اليمين الذي أقسم به على احترام الدستور والقانون، وخان الأمانة، وغدر بالرئيس الشرعي الذي عينه.
ومع مرور الأيام زال الخفاء، واتضح للجميع حجم الخديعة التي خدع بها كثيرا من الشعب، وهي أنه قام بالانقلاب للاستيلاء على الحكم وتحقيق حلم الأوميجا الشهير! أما الكلام عن عدم استطاعته أن يدير ظهره لإرادة من يحثونه على الترشح، فهي الحجة الكاذبة التي يرددها دوما الحكام الديكتاتوريون، وهي حجة قد تجاوزتها البشرية منذ عقود.
وتكلم عن الإرهاب، وهو العدو الوهمي والفزاعة التي يريد بها إلهاء الشعب عن المصائب التي تحيق به نتيجة الانقلاب، واجتذاب التعاطف الخارجي ضد الرفض الشعبي للانقلاب، أما الإرهاب الحقيقي فهو الذي يمارسه الانقلابيون من قتل وحرق واعتقال وتعذيب يصل إلى القتل، وغزو للمدن والقرى، وتكميم للأفواه وإغلاق للقنوات وقصف للأقلام، ومصادرة للأموال، وتوظيف للقضاء، حتى بات يقدم أمواتا للمحاكمة، بل يحكم بالسجن على أموات، وقد وثقت ذلك كله وأدانته منظمات حقوق الإنسان الدولية.
ونسب إلى السيد الرئيس المختطف الدكتور محمد مرسي مواقف في الوقت الذي يحال بينه وبين الرد، وليس هذا من الرجولة والشجاعة والصدق في شيئ، فهم في رعب من مجرد كلام الرئيس لدرجة منع زيارة أهله عنه، ووضعه في قفص زجاجي حتى لا يسمع الشعب صوته، لأنه يقول الحق والصدق، وقد سبق أن ادعى السيسي أنه أرسل للرئيس ثلاث رسائل مع د/ العوا، ود/ أحمد فهمي، ود/هشام قنديل، فخرج الثلاثة يكذبونه على الفور.
وزعم أن الإخوان المسلمين هددوه بأنهم إما أن يحكموا الناس أو يقتلوهم، وهو في هذا كذاب أشر، فالإخوان لا يمكن أن يقبلوا بإراقة قطرة دم واحدة من مواطن مصري، فضلا عن أن تمتد أيديهم بالقتل لأحد، لأن الإسلام الذي يتخذونه منهجا لحياتهم يحرم هذا أشد التحريم، إضافة إلى إنسانيتهم ووطنيتهم وإيمانهم بحق الجميع في الاتفاق أو الاختلاف معهم، كما أن الحكم ليس غاية من غاياتهم، وإنما تحقيق الحكم العادل الرشيد الذي يختاره الشعب هو هدفهم، إضافة إلى أن الإخوان تولوا كل ما تولوه من مواقع لخدمة الأمة بالانتخابات الحرة النزيهة، ابتداء من اتحادات الطلاب، ونوادي أعضاء هيئات التدريس في الجامعات، والنقابات المهنية، والبرلمان، حتى رئاسة الجمهورية. وفي الحقيقة فإن الذي يخير الشعب بين قتله أو حكمه، بل يقتل ويحكم في نفس الوقت هو السيسي ومجلسه العسكري.
كما زعم أن لديه حلولا لكل مشكلات مصر، وهو أمر غريب! فلماذا لم يحلها وفي يده كل مقدرات البلاد منذ قام بانقلابه منذ ثمانية أشهر؟ إن أبسط مواطن في مصر يدرك يقينا أن مصر تسير في طريق الانهيار والخراب بفعل الانقلاب. ففي المجال السياسي: فإن دول العالم في معظمها لا تعترف بالانقلاب، وتم تجميد عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي. وفي المجال الاجتماعي: تم تمزيق النسيج الوطني حتى يكاد الشعب المصري يتحول إلى شعبين متعاديين، وهذا من أهداف الانقلاب. وفي المجال الاقتصادي: فالانهيار أوضح من أن تخطئه العين، فالديون المتضخمة والغلاء والبطالة والفقر تنهش في أحشاء الوطن والمواطنين حتى غدت مصر دولة هشة مهددة بثورة جياع. وفي المجال العلمي: أصبحت مصر مثار سخرية العالم كله بطريقة العلاج بالكفتة في عملية دجل صارخة يحضرها قائد الانقلاب ورئيسه الذي عينه هو بالباطل.
هذا هو بعض ما جناه الانقلاب على مصر، ثم يزعم السيسي في مواقف تمثيلية أن لديه حلولا لهذه المشكلات، بينما هو الذي يصنعها، ويزعم أننا (بكرة حنشوف مصر)، وقد رأى الشعب المصري انحدارها، وصدق الله العظيم حين يقول ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾.
ولن يسمح شعب مصر أن يحكمه القتلة أو الفسدة.
والله أكبر ولله الحمد، وعاشت مصر حرة مستقرة.
الإخوان المسلمون في الاربعاء 04 جمادى الأولى, 1435 ه الموافق ـ 5مارس2014م