أيُّها الثُّوَّارُ الأبطالُ الأحرارُ الصامِدُون في ميادينِ البُطولَةِ، إنَّنا على ميعادٍ صادقٍ مع نصرٍ قريبٍ، بعدَ أن استنفدَ الانقلابُ الدمويُّ رصيدَه تمامًا من السَّيطرةِ على الأرضِ أمامَ صمودِكم الرائعِ المتجدِّد والمتصاعِد، ولم يَعُدْ يملِك غيرَ التهديداتِ الفارغةِ الجوفاءِ، والتصرفاتِ المتوترةِ الحمقاءِ، وبعد أن سلَبَتْه سِلميَّتُكم المبدِعةُ كلَّ أوراقِ الاعتمادِ التي زيَّفَها ليُقدِّمها للعالَم، وبعد أن سلَبَتْه المقاطعةُ الشعبيةُ الهائلةُ للاستفتاءِ على وثيقةِ الدمِ والخرابِ -وبخاصةٍ من الشباب- فكرةَ الشرعيَّةِ التي كان يسْعَى إليها، وبعد أنْ بدأتْ أدواتُ التنفُّسِ الصناعيَّةُ التي يعتمِدُ عليها في التوقُّفِ واحدةً بعد الأخرى، وبعد أنْ أصبح يمثِّلُ عِبْئًا على كُفلائِه الخارجيِّين الذين يكتشِفون كلَّ يوم هَشاشَتَه وفشلَه وعجزَه عن تحقيقِ ما وعدَ به وما أرادُوه منه، وبعد أنْ بدأتْ تناقُضاتُ أطرافِه تظهَرُ للعَلَنِ ويكشِفُ بعضُهم بعضًا، بل ينقلِبُ بعضُهم على بعض.

وفي نفسِ الوقتِ الذي يُمْنَى فيه الانقلابيُّون بكلِّ هذا الفشلِ والتراجُعِ والانهيارِ تتقدَّمون أيُّها الثوارُ بخُطًى ثابتةٍ نحوَ تحقيقِ النصرِ الكبيرِ، وهذا يتطلَّبُ من جميعِ الثوارِ الالتقاءَ بكل وضوحٍ على ما يلي:

1 – الاعتصامُ بحبلِ اللهِ، وإخلاصُ النيَّةِ له، واليقينُ باقترابِ نصرِ اللهِتعالى للحقِّ، والاهتمامُ مع الحَشْدِ والحِراكِ الثوريِّ على الأرضِ بالدُّعاءِ، وبخاصَّةٍ في جوْفِ اللَّيلِ، وهو سلاحٌ ماضٍ يستعمِلُه الجميعُ، بمن فيهم ذَوُو الأعذارِ من ﴿الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَايَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَايَهْتَدُونَ سَبِيلًا﴾(النساء 98).   

2 – التوحُّدُ بينَ كلِّ الفصائلِ الوطنيةِ الثوريةِ، ونَبْذُ كلِّ أسبابِ الفُرقةِ، وتوحيدُ الشعاراتِ المرفوعةِ في الميادينِ، وعدمُ التنازعِ بين رفقاءِ الميدانِ ﴿وَلَاتَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْوَا صْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾(الأنفال 46).

3 –التعاونُ الصَّادِقُ والثِّقةُ المتبادَلةُ وإنكارُ الذَّاتِ بينَ رُفقَاء الثورة، والوَعْيُ الحقيقيُّ لتفادِي كلِّ محاولاتِ الانقلابيِّين التي لنْ تتوقَّفَ لخديعةِ الثورةِ والثوارِ وتفتيتِ صفوفِهم.

4 – التواصُلُ المستَمِرُّ والتنسِيقُ الجيِّدُ في المواقفِ والتحركاتِ بينَ كُلِّ شركاءِ الثورةِ، وتحديدُ الأهدافِ بدِقَّةٍ، والتفاهُمُ في إجراءاتِ تحقيقِها على أرضِ الواقعِ، والتعامُلُ مع أيِّ حقائقَ أو مُشْكلاتٍ في حينِه، بما يحافِظُ على وَهَجِ الثورةِ ووَحْدةِ الهدَف.

5 – الحوارُ الجادُّ والعمِيقُ بين رُفقاءِ الثورةِ، لبحْثِ مُستقبلِ الوطنِ بعد كَسْرِ الانقلابِ المؤكَّدِ، وبَلْوَرة رؤيةٍ واضحةٍ ومحددةٍ ومتَّفَقٍ عليها، لتحقيقِ الشراكةِ الحقيقيةِ في إدارةِ الوطنِ دونَ إقصاءٍ أو استثناءٍ، ودونَ احتكارٍ أو استحْواذ، بما يُحقِّقُ أهدافَ الثورةِ جميعًا، وبما يُجَنِّبُ الجميعَ الوقوعَ في الأخطاءِ السابقةِ التي استغلتْها الثورةُ المضادَّةُ في الانقضاضِ على الثورةِ وعلى الوطنِ كله، فــ «لَا يُلْدَغُ المؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْن».

واللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ، وعاشتْ ثورتُنا مستمِرَّة، وعاشتْ مصرُ حُرَّةً مُسْتقِرَّة.

الإخوان المسلمون
الخميس 22 ربيع الأول, 1435 هـ الموافق23يناير 2014م