تم لقاء بين عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة  وعدد من رؤساء الأحزاب يوم 1/10/2011 ، ترتب عليه اتفاق على عدة نقاط أثارت جدلاً شديداً فى المجتمع المصرى، الأمر الذى فرض علينا تحديد موقفنا من هذا الاتفاق .

1. أسفر اللقاء عن جدول زمنى للانتخابات البرلمانية (مجلسى الشعب والشورى)، ينتهى باجتماع المجلسين فى أبريل 2012م ، يعقبه اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية المكلفة بإعداد الدستور الجديد للبلاد، ثم تستغرق عملية إعداد الدستور ستة أشهر، ويتم الاستفتاء عليه بعد خمسة عشر يوماً من إعداده و بعدها بشهرين يتم انتخاب رئيس الجمهورية، وهذا الكلام كله يتعارض مع ما أعلنه المجلس العسكرى بعد توليه السلطة من أن الفترة الانتقالية لن تزيد على ستة أشهر، ثم امتدت بحيث تنتهى بانتخابات الرئاسة قبل نهاية 2011، وقد نصت الرسالة رقم (28) الصادرة عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة على ما يلى : ( يؤكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة انه لا صحة للأنباء التى تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة عن تأجيل انتخابات الرئاسة لعام 2012 ، كما يؤكد المجلس أن القوات المسلحة تسعى لإنهاء مهمتها فى أسرع وقت ممكن وتسليم الدولة إلى السلطة المدنية التى سيتم انتخابها بواسطة هذا الشعب العظيم ).

ومعنى ما صدر عن لقاء الفريق عنان برؤساء الأحزاب أنه تم الضرب بما جاء فى رسالة المجلس العسكرى رقم (28) بتاريخ 28 مارس 2011م عرض الحائط، وأن انتخابات الرئاسة فى أحسن الأحوال سوف تتم فى آخر 2012 وقد تمتد إلى منتصف 2013م ، وهو ما ينذر بخطر جسيم نتيجة استمرار الفترة الانتقالية باضطراباتها وقلقها وتأثيراتها السلبية على الأمن والاستثمار والإنتاج، وانغماس الجيش فى الخلافات السياسية وينشغل عن مهمته الأساسية المقدسة فى وقت تلوح فيه النذر فى الأفق، ويعطل انتقال السلطة للشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات.

وهذا ما يرفضه الإخوان المسلمون جملة وتفصيلاً، ويصرون على الانتهاء من الانتخابات فى أقرب وقت وإجراء انتخابات الرئاسة فور تشكيل البرلمان دون الانتظار لإتمام الدستور، فهذا هو أخف الضررين، لأن الشعب لن يقبل بهذا التسويف.

2. كما تم الاتفاق على دراسة إصدار تشريع بحرمان بعض قيادات الحزب الوطنى المنحل من مباشرة الحقوق السياسية، وهو أمر سبق إطلاق وعود كثيرة به من المجلس العسكرى والحكومة ثم بدأ التسويف، فى الوقت الذى يطالب فيه غالبية الشعب بحرمان من أفسدوا الحياة السياسية وأضروا بالشعب وخانوا أماناتهم من مباشرة حقوقهم السياسية كلهم وليس بعضهم كما جاء فى الاتفاق، وإذا أراد الشعب فلابد أن يستجيب المجلس العسكرى وحكومته لا أن يقال «دراسة إصدار تشريع»، فلا يمكن أن يطرد الشعب من أجرموا فى حقه من الباب ويلتف آخرون لإدخالهم من النافذة ، ولابد للمجلس والحكومة أن يكونا عند وعودهما حفاظاً على الثقة.

3. وإذا كان كبار القانونيين قد انتهوا إلى انتهاء حالة الطوارئ بمقتضى المادة (59) من الإعلان الدستورى كما أن الإرادة الشعبية فى انهائها جازمة ومستقرة فكفى بها ثلاثة عقود معظمها دون مبرر، فلا يجوز للمجلس العسكرى أن يصر على بقائها فضلاً عن أن يوسع مجالها ، خصوصاً وأنه وعد فى فبراير 2011 بأنها سوف تلغى فى أقرب فرصة وعلى أسوأ الأحوال فقبل بدء الانتخابات، وها نحن على أبواب الانتخابات وأعضاء من المجلس العسكرى يؤكدون على بقائها حتى مايو 2012 ، بالمخالفة للإعلان الدستورى وللوعود الصادرة منهم وضد إرادة غالبية أفراد الشعب.

4. أما بالنسبة للوثائق الدستورية فقد أكدنا مراراً وتكراراً أننا ضد ما يسمى بالمبادئ الحاكمة او فوق الدستورية وضد فرض تشكيل معين للجمعية التأسيسية لوضع الدستور لا يختاره مجلسا الشعب والشورى ، وضد أن يكون للجيش دور فى الحياة السياسية فذلك ما يفسد الحياة السياسية ويصرف الجيش عن دوره.

5. كما أن موقفنا من المجلس العسكري إنما ينبنى على موقفه من قضايا الأمة نؤيده فيما أحسن فيه، وننصحه بالصواب فيما لم يوفق فيه ، فالإخوان المسلمون يقيسون المواقف بمقياس المبادئ ولا يمنحون أحدا تأييدهم على طول الخط ، وكذلك لا يعارضون أحدا على الدوام .

وختاماً فإننا نقرر أن الحل للمأزق الذى تم وضعنا ووضع البلد فيه يكمن فى سرعة الوفاء بالوعود واحترام الدستور وإرادة الشعب، ونقل السلطة من المجلس العسكرى إلى السلطة المدنية المنتخبة بأسرع ما يمكن خشية أن تسوء الأمور وتتدهور حالة البلاد إلى ما لا يحمد عقباه.

{إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ‌كُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ} (النساء: من الآية 58)

{ .. وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴿٣٤﴾ } (الإسراء)

الإخوان المسلمون

القاهرة فى : 7 من ذى القعدة 1432هـ الموافق 5 من أكتوبر 2011م