06/01/2011
تمرُّ بمصر والمنطقة العربية والعالم الإسلامي في هذه الأيام أحداث عديدة لها تأثيراتها المستمرة والخطيرة لعل أشدها خطرًا العمل الإجرامي الذي شهدته كنيسة القديسين بمحافظة الإسكندرية، وكذلك استفتاء حق تقرير المصير لجنوب السودان، والذي سيجري بعد أيام قليلة، وكلا الحدثين له انعكاسه الواضح على الأمن القومي المصري، وهناك أيضًا قضايا أخرى لا تقل أهميةً عن ذلك، كقضية فلسطين، والتي يوضح الإخوان المسلمون رأيهم فيها كالتالي:
أولاً: على الصعيد المحلي:
- يؤكد الإخوان المسلمون إدانتهم القاطعة للعمل الإجرامي الذي شهدته محافظة الإسكندرية أمام كنيسة القديسين، ويؤكدون أن الإسلام، وكافة الأديان السماوية الأخرى ضد قتل الأبرياء وتهديد أمنهم، ويطالب الإخوان كل الجهات المعنية بالعمل الحثيث على تجاوز هذه الأزمة بما يحفظ لمصر وحدتها ويضمن عدم تكرار مثل هذه الجرائم.
ونشير أيضًا إلى أن مثل هذه الحوادث تهدف إلى زعزعة الأمن القومي المصري وعلى النظام الحاكم أن يعيد حساباته مع قوى الشعب الحرة والوقوف صفًّا واحدًا للخروج بمصر من أزماتها المتعددة، من خلال إصلاح الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
- يدعو الإخوان المسلمون كل مسلمي مصر إلى تفعيل التعاليم الإسلامية السمحة في البر والقسط والعدل لإخواننا المسيحيين في التعاملات اليومية، وعدم الانسياق وراء فتاوى متشددة تكرس التعصب والفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وفي الوقت ذاته نطالب إخواننا المسيحيين، وخاصةً الشباب الغاضب منهم، بالتحلي بضبط النفس، وعدم الانسياق وراء دعوات متعصبة من هنا أو هناك، لا تخدم مصلحة الوطن والمواطنين على حدٍّ سواء.
- يؤيد الإخوان المسلمون موقف فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر برفض دعوة بابا الفاتيكان الذي طالب فيها بحماية دولية لمسيحيي مصر، ويرى الإخوان المسلمون أن مسيحيي مصر ليسوا بحاجةٍ لحمايةٍ دوليةٍ؛ لأنهم جزءٌ من نسيج المجتمع المصري، وأن ما أصابهم أصاب المسلمين أيضًا، ونرى أن دعوة البابا هذه ومَن يسير في ركبه هو مخططٌ واضحٌ لإحداث الفتن والأزمات داخل مصر، ودعوة صريحة للاستقواء بالخارج، وهو ما يرفضه أبناء الشعب المصري مسلمين ومسيحيين.
- يثمن الإخوان المسلمون الحكم التاريخي للمحكمة الدستورية العليا حول عدم دستورية قانون 100 لتنظيم النقابات المهنية، وهو الحكم الذي يعيد الحياة للعمل النقابي بعدما أصابها؛ من جرَّاء تغول النظام وأمنه على النقابات وأعضائها؛ ما أضعف مؤسسات المجتمع المدني التي تعدُّ الظهير الإستراتيجي لأي مجتمعٍ يريد التقدم والتطور.
وهذا يثبت أن الحكومة لا تحترم الدستور ولا القانون، وأن أساطين القانون في الحزب الحاكم يلتفون على الدستور والقانون، والدليل على ذلك تجميد نشاط النقابات طيلة سبعة عشر عامًا بمقتضى قانون غير دستوري.
ويؤكد الإخوان المسلمون أن النقابات المهنية يجب أن تبقى مستقلةً وديمقراطيةً؛ لتحافظ على المهن المختلفة، وتقدم خدماتها لكل أبناء المهنة، كما كانت خلال السنوات السابقة.
- يؤكد الإخوان المسلمون أن قرار محكمة القضاء الإداري بتحويل الطعون التي تقدم بها نواب ومرشحو الإخوان وغيرهم في نتائج مهزلة الانتخابات الأخيرة إلى هيئة المفوضين، وتحديد موعد قريب للنظر في الموضوع، فضلاً عن الحكم التاريخي للقضاء بإلغاء حكم سابق ضد عدد من أنصار مرشحي الإخوان بالإسكندرية بحبسهم عامين، والقضاء ببراءتهم من تهمة استخدام شعارات دينية، هو تأكيد ما شهدته هذه الانتخابات من فسادٍ واضح، وهو ما يتطلب أن يحترم النظام المصري أحكام القضاء وبخاصة التي طعنت في شرعية هذا البرلمان، وأن إصرار النظام على الضرب بهذه الأحكام عرض الحائط هو قمة التحدي لمؤسسية الدولة واستقرارها، بل هو هدم لفكرة دولة القانون واغتيال للدستور المصري.
ثانيًا: على الصعيد الإقليمي والدولي:
- يؤكد الإخوان المسلمون خطورة الاستفتاء الذي يجري بعد أيام على حقِّ تقرير المصير لجنوب السودان، والذي قد يؤدي إلى فصل جنوب السودان عن شماله، ونرى أن ما يحدث في السودان سيكون له تأثيرٌ بالغٌ على الأمن القومي العربي والمصري على وجه الخصوص، كما أنه سيفتح الباب لتدخلات صهيونية وأمريكية في شئون الدول وتفتيت وحدتها بحجج الأقليات والعرقيات.
- يجدد الإخوان المسلمون مطالبتهم رجال الأعمال العرب، والمسلمين ومنظمات الإغاثة الإنسانية العربية والإسلامية بعدم ترك جنوب السودان حتى لو صوَّت لصالح الانفصال؛ حمايةً لأهل الجنوب من مخططات السيطرة الصهيونية والأمريكية.
- يطالب الإخوان المسلمون الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية والقمتين الاقتصادية والعربية اللتين ستجريان في القاهرة وبغداد بإعلان الدعم الكامل للسودان؛ للحفاظ على ما تبقَّى من أرضه ودعم وحدة ترابه حتى يستطيع التصدي لمخططات تقسيمه إلى دويلات صغيرة تخدم الأهداف الصهيوأمريكية المختلفة.
- يدعو الإخوان المسلمون الأحزاب والقوى السياسية السودانية إلى التكاتف والوقوف صفًّا واحدًا لتجاوز أزمة الاستفتاء، وما قد يترتب عليه من تشقق وتصدع للشعب السوداني، وأن يرفع الجميع شعارًا واحدًا، وهو "وحدة السودان أهم من أية خلافات سياسية".
- يدعو الإخوان المسلمون الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية والقوى العالمية الحرة إلى التصدي للتجاوزات الصهيونية ضد قطاع غزة سواء بالتوغلات المتصاعدة داخل القطاع أو من خلال التلويح المتواصل بشنِّ حربٍ جديدةٍ عليه، ويحمل الإخوان المسلمون العالم أجمع مسئولية ما يتعرَّض له القطاع وأهله، مؤكدين في الوقت نفسه ثقتهم في المقاومة الفلسطينية التي تستطيع رد أي عدوانٍ، وهو ما عهدناه عليها؛ حيث واجهت وحدها- مع ضعف إمكاناتها- الآلة العسكرية الصهيونية في ظلِّ دعمٍ أمريكي وتراجع عربي وإسلامي واضح.
- يطالب الإخوان المسلمون الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية بأن تدعم المقاومة الفلسطينية بكافة الأشكال المادية والتسليحية واللوجسيتية حتى تتصدَّى لأي عدوانٍ مرتقب، والعمل على أن تكون هذه المقاومة هي الجيش الحقيقي الذي يزيح الاحتلال لتقوم الدولة الفلسطينية على كامل أرض فلسطين أرض العروبة والإسلام، وأن يرفع هذا الجيش العلم الفلسطيني على المسجد الأقصى الأسير، ويحرر مدينة القدس الشريف؛ لتكون عاصمة لهذه الدولة الفلسطينية.
- يرى الإخوان المسلمون أن الأيام والأحداث الماضية فضحت الضعف المقصود الذي يعتري الإدارة الأمريكية أمام الصهاينة سواء على صعيد القضية الفلسطينية بعد الإعلان الواضح للصهيوني نتنياهو بأن الإدارة الأمريكية لم تمارس ضغوطًا كافيةً لوقف الاستيطان، أو ما تقترفه الإدارة الأمريكية داخل أفغانستان، وفشلها الواضح في قطر احتلته لقرابة العشر سنوات، وكذلك الفوضى التي أحدثها الاحتلال الأمريكي في العراق، ويؤكد ذلك أن الإدارات الأمريكية الحالية والسابقة لا يمكن أن تكون الملاذ الآمن للأنظمة العربية والإسلامية التي تخلت عن شعوبها مقابل رضاء هذه الإدارات، وهو ما يجب أن يدفع هذه الأنظمة والحكومات إلى إعادة النظر مرةً أخرى في علاقتها بشعوبها باعتبارها الحماية الوحيدة لها ولأوطانها إن أرادت البقاء لخدمة هذه الشعوب.