25/04/2010

بسم الله الرحمن الرحيم

تطل علينا هذه الأيام الذكرى الثانية والستون لنكبتنا فى فلسطين، وكان حريَّا بمسئولينا ومثقفينا والناشطين منا فى كل المجالات ومن كل الأطياف أن يتدارسوا أسباب النكبة وتداعياتها ونتائجها وطبيعة العدو وأطماعه، وكيفية التصدى له ومقاومته، خصوصا وأن النكبة التى وقعت سنة 1948م لا تزال مستمرة بل تتمدد يوما بعد يوم .

إن احتلال الصهاينة لفلسطين ليس من نوع الاحتلال الغربى لمعظم بلاد العالم الإسلامى فى القرنين التاسع عشر والعشرين الذى انتهى ورحل، ولكن الاحتلال الصهيونى احتلال استيطانى عنصرى إرهابى توسعى تحدوه عقيدة وتحمله مزاعم تاريخية ومن ثم فهو يسعى للاستيلاء الدائم على الأرض وتفريغها من أهلها بالإرهاب والقتل والتهجير والطرد وتدمير القرى والمزارع وإحلال يهود العالم محل الفلسطينيين، ورغم إعلانهم قيام دولتهم سنة 1948م إلا أنهم لم يحددوا لها حدودا حتى الآن، وذلك لأنهم يسعون لتحقيق حلمهم بإقامة دولتهم الكبرى من النيل إلى الفرات، ويسعون لتدمير المسجد الأقصى لإقامة هيكلهم، يقول بن جوريون : "لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل" ويسعون للهيمنة على المنطقة والسيطرة على ثرواتها ومقدراتها واستعباد أهلها، فهو مشروع استعمارى متكامل يستند إلى أساس دينى .

إنه منذ وطئت أقدامهم أرضنا لم تعرف المنطقة أمنا ولا استقرارًا ولا تنمية ولا سلاما وإنما هى الحروب بويلاتها سنة 48،56، 67، 82، 2006م، وأخيرا وليس آخرا العدوان على غزة 2009م، هذه الويلات التى تمثلت فى التدمير والخراب والقتل وإراقة الدماء وإهدار الأموال والتخلف والاحتلال .

إن المجازر التى اقترفوها ضد أهلنا فى فلسطين مثل دير ياسين وقبية وكفر قاسم وخان يونس وغيرها كثير التى قتلوا فيها الشيوخ والأطفال وبقروا بطون الحوامل وهدموا المنازل على ساكنيها والتى تكررت فى قانا وبيروت وصابرا وشاتيلا فى لبنان وبحر البقر فى مصر وقتل أسرانا فى حرب 56، 67، ودفن بعضهم أحياء، والتهديد بضرب السد العالى بالقنبلة الذرية، والتآمر على حصتنا فى مياه النيل، وإطلاق فرق التجسس على أسرارنا العسكرية والاقتصادية، والسعى لفصل جنوب السودان عن شماله، وإثارة الفتنة فى دارفور لتمزيق الدول العربية، وتحريض السلطة الفلسطينية على منظمة حماس والحصار الخانق لقطاع غزة بغية تركيع الفلسطينيين ودفن القضية، إضافة إلى دورهم التحريضى لتدمير العراق واحتلاله وتمزيقه بإثارة النعرات الطائفية ونشر الدمار والخراب بين ربوعه، ويسعون لتكرار الأمر مع إيران، إضافة للتهديد بالإفناء المتمثل فى ترسانة الأسلحة النووية الضخمة المعلقة فوق رؤوسنا، كل هذا يقطع بأن هؤلاء القوم ليسوا بشرا طبيعيين ولكنهم وحوش متعطشة للدماء يتطلعون إلى الاستيلاء على ما فى أيدينا والأرض التى تحت أقدامنا .

ومرجع ذلك كله إلى نظرتهم الاستعلائية على كل الناس، يقول الحاخام شمعون بار "أنتم أيها اليهود تُسمون بشرا، أما الأغيار فلا يسمون بشرا" ويقول الحاخام عيدوألبا : "إن تحريم القتل وإهدار دم الإنسان لا ينطبق على اليهودى الذى يقتل غير اليهودى، يُحبذ قتل غير اليهود من الشعب الذى نقاتله حتى النساء والأطفال"
وهذه الجرائم اللاإنسانية لا تستحق منا إلا الإدانة والاستنكار، ومن ثم فإن تهنئتهم بذلك إنما يضفى شرعية على هذه الجرائم، إضافة إلى أنه يصدم مشاعر كل العرب والمسلمين، إضافة إلى ملايين الضحايا الفلسطينيين .

إن التصدى لمشروع الذلة والخراب الصهيونى لا يكون إلا بمشروع عربى إسلامى، يرفض مبادرات تسول السلام المطروحة منذ 2002، ويرفض إجراءات التطبيع مع الكيان الصهيونى، ويعيد النظر فى اتفاقات السلام والعلاقات الدبلوماسية معه، ويرفض المفاوضات العبثية بين الصهاينة والفلسطينيين التى هى أشبه بالمفاوضات بين الحمل وقطيع الذئاب، ولا يقبل استفرادهم بكل دولة عربية على حدتها، ويرفض الإقرار باغتصاب فلسطين وطرد أهلها وتهويدها وتهويد القدس، ويحشد الرأى العام المصرى والعربى والإسلامى والعالمى لنصرة الحق الكامل للفلسطينيين ويلاحق مجرمى الحرب ومرتكبى الجرائم ضد الإنسانية من زعماء الصهاينة، ويأخذ بأسباب القوة السياسية بتحرير الشعوب من الاستبداد والإدارة من الفساد، ويبنى الرجال على الإيمان والمبادئ، ويسعى لتفعيل جاد لجامعة الدول العربية، وللدول الإسلامية فى المنطقة على الأقل، وأسباب القوة الاقتصادية بالتكامل بين هذه الدول، والبحث العلمى والاهتمام بالتصنيع والتنمية، ودعم المقاومة بكل أشكالها، وكسر الحصار عن قطاع غزة والسعى لتحقيق المصالحة العادلة بين الفلسطينيين .

ولنتذكر جميعا قوله تعالى (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ) وقوله (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)

الإخوان المسلمون