15/04/2010

تشهد الساحة الداخلية حراكًا شعبيًّا، يهدف إلى الإصلاح السياسي السلمي، ورغم أن هذا الحراك يتواصل منذ عدة سنوات فإنه ما زالت ثمة عقباتٌ كثيرةٌ أمام كل القوى السياسية لتحقيق الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، كما أن الساحة الخارجية تشهد تطوراتٍ عديدةً، تؤثر بالضرورة في الأوضاع الداخلية، وخاصةً ما يجري في الساحة الفلسطينية؛ حيث يؤكد الكيان الصهيوني المغتصب لأرض فلسطين أرض العروبة والإسلام طابعه العسكري "الاستيطاني" العدواني، ويواصل عدوانه على الفلسطينيين باستمرار الحصار على قطاع غزة، وتهجير أصحاب الأرض والحق من الضفة الغربية.
 
ويتزامن ذلك مع انعقاد مؤتمر القمة النووية بقيادة أمريكا، والذي يهدف إلى توجيه العالم كله إلى حصار إيران نوويًّا لحساب الصهاينة المحتلين لأرض فلسطين، كما أن الانتخابات السودانية سوف ترسم إلى حدٍّ كبيرٍ وحدة السودان الشقيق أو انفصاله.
 
ويأتي كل ذلك في الوقت الذي تظهر فيه مرةً أخرى أزمةُ مياه النيل؛ التي تُبحث في اجتماع دول حوض النيل بمدينة شرم الشيخ.
 
والإخوان المسلمون- وهم يعيشون هذه الأحداث - يؤكدون ما يلي:

أولاً: الشأن الداخلي

* إن الأيام الماضية كشفت عن إمكانية التوافق فيما بين القوى السياسية المصرية حول معالم الرؤية الوطنية للإصلاح، والتي تعبر عن تطلعات المصريين وآمالهم في الإصلاح، وخاصةً في مجال الحرية لتحقيق العدالة، وهذا ما يقتضي العمل على صياغة رؤية وطنية للإصلاح والتغيير لتحقيق النهضة؛ تقوم بالأساس على اجتهادات كل هذه القوى السياسية، ومن خلال مؤسسات الدولة؛ لتشكل اتجاهًا عامًّا وجماعيًّا يستوعب كلَّ الاجتهادات التي تلبِّي حاجات المجتمع، والمضي قدمًا نحو تكوين مشروع سياسي متكامل للجماعة الوطنية.
 
* إن الاستجابة الحكومية المحدودة لمطالب الإصلاح في المجال الاقتصادي فقط لا تلبِّي تطلُّعات الجماهير، وهذا التجاهل من قِبَل النظام يمثِّل مصدرًا للتوتر السياسي والاجتماعي، ولذلك فإنه يتعيَّن على النظام ضرورة الاستجابة لمطالب الجماهير والقوى السياسية بالإصلاح الشامل؛ لتحسين المناخ العام لصياغة علاقات سياسية جديدة بين الأطراف السياسية المختلفة.
 
* يؤكد الإخوان المسلمون أن التواصل والتعاون بالحوار وفتح الجسور مع كل الأحزاب والقوى السياسية من أجل الصالح العام مستمرٌّ ويسير بشكل جيد، وهناك تجاوبٌ واضحٌ من الأحزاب التي تمَّ الالتقاء بها، والجماعة لن تتراجع عن خطواتها لتنسيق الجهود من أجل الإصلاح المنشود لإنقاذ مصر من أزمتها الحالية وعودتها لمكانتها التي تستحقها، داخليًّا وخارجيًّا.
 
* بخصوص ما نُشر في بعض وسائل الإعلام من أن هناك حوارًا بين الإخوان والإدارة الأمريكية فإننا نعلن- وبكل وضوح- أن ذلك لم يحدث على الإطلاق، وأن موقفنا معلنٌ وثابتٌ ومستمرٌّ بأننا نتحاور مع الجميع على المستوى الشعبي والإعلامي والبحثي، بصورة علنية، وفي نفس الوقت لسنا بديلاً عن مؤسسة الدولة المصرية، وليس لدينا مانع من الحوار العلني مع ممثلي دول أخرى؛ بشرط أن يكون ذلك من خلال المؤسسات المصرية الرسمية.

ثانيًا: الشأن الإقليمي والعالمي

* إن الممارسات العنصرية التي يتبعها الكيان الصهيوني الغاصب ضد سكان الضفة الغربية لا تخرج عن سياق المساعي الأمريكية الدولية لتضييع القضية الفلسطينية، فالأمر العسكري- وهو بمثابة قانون، والذي أصدره الجيش- إنما يهدف في المقام الأول إلى طرد أصحاب الأرض خارج فلسطين، وإعادة الضفة الغربية للاحتلال العسكري المباشر؛ الأمر الذي يعد صفعةً قويةً لمؤتمر القمة العربي الأخير ولا يُلقي اعتبارًا لاتفاقات الحكم الذاتي، كما أنه يخالف بوضوح معاهدة كامب ديفيد لسلام الأوهام المزعوم، وإزاء هذا الوضع فإنه من الواجب والضروري أن تقوم الدول العربية بمراجعة مواقفها وسياستها تجاه هذا الكيان الصهيوني، وتقطع جميع العلاقات معه لتحقيق مصلحة الفلسطينيين ومصلحة الأمة.

* يؤيد الإخوان المسلمون كلَّ الجهود الدولية لخفض الأحجام المتزايدة لترسانات الأسلحة التي تملكها الدول الكبرى، ولكنهم يرون أن سياسات خفض التسلُّح يجب أن تؤدي إلى تحقيق الأمن، ولا تكون مصدرًا للتوتر، ولا تكون مرتبطةً بحظر نقل التكنولوجيا، ولكنَّنا في ذات الوقت نرفض نتائج القمة النووية التي دعت إليها الولايات المتحدة الأمريكية ويشارك فيها 47 دولة؛ من أجل ممارسة الضغوط علي إيران بشأن ملفها النووي وغضِّ الطرف عن الملف النووي الصهيوني الذي يهدِّد المنطقة العربية كلها.
 
ويؤكد الإخوان حقَّ جميع الدول في استخدام الطاقة النووية؛ بما يحقق مصالحها ويوجِد حالةً من التوازن بين كل هذه الدول، خاصةً أن الكيان الصهيوني واصل غطرسته ولم يهتمَّ بالقمة من الأساس.