27/12/2009
الإخوة الأحباب..
فضيلة الأستاذ المرشد العام..
أعضاء مكتب الإرشاد..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
فقد سألني بعض الإخوة عما أثير في إحدى الصحف القومية؛ حول بطلان الطريقة التي تمَّت بها الانتخابات الأخيرة في جماعة الإخوان المسلمين، والتي وُصفت بالتمرير، وأنهم لم يوافقوا عليها لمخالفتها اللائحة، وأن بعض أعلام رجال القضاء والقانون أفادوا بأنَّ المستقرَّ لديهم في القضاء المدني والإداري أن القرارات الإدارية الصادرة بالتمرير؛ يجب أن يتوفَّر لها الإجماع وإلا كانت باطلةً.
وبعد تمحيص الرأي، وتقليب وجهات النظر، والاستيثاق عن كيفية إجراء هذه الانتخابات وظروف إجرائها، والاطِّلاع على نصوص اللائحة؛ فإنني من وجهة نظري أرى ما يأتي:
أولاً: ليس في اللائحة ما يستوجب اجتماع هيئة الناخبين في مكان واحد، وكل ما تشترطه بصريح العبارة المادتان 70 و76؛ هو أن يتم الانتخاب بطريق الاقتراع السري، وقد يضيق مكان واحد عن عدد الناخبين، فيتم تقسيمهم إلى مجموعات في أكثر من مكان، وتقتضي السرية أن يتمَّ الاقتراع في وقت واحد أو في أوقات متقاربة، تحت إشراف لجان متعددة أو مراقبين من أهل الثقة والأمانة، وأن يدلي كلُّ فرد بصوته كتابةً في ورقة خاصة، تُطوى وتوضع في صندوق أو مظروف مغلق ولا يُفتح إلا بمعرفة لجنة الفرز، وقد يضاف إلى ظرف ضيق المكان عن استيعاب عدد الناخبين ظروف أخرى خاصة؛ كالحالة الأمنية، وحالة الطوارئ، وحالة الحظر المفروضة قسرًا على الجماعة.
وهذه القواعد غير خاصة بجماعة الإخوان المسلمين، ولكنها من القواعد العامة المسلَّم بها قانونًا، نظريًّا وتطبيقيًّا في المجتمع المدني الحديث، بكل طوائفه في الانتخابات البرلمانية والنقابية، وسائر الجماعات الأهلية والحكومية.
وقد استوفت الانتخابات الأخيرة في جماعة الإخوان المسلمين- حسب علمي وما وصلني من معلومات- سائر الشروط والقواعد العامة المسلَّم بها؛ لضمان سلامة إجراءات العملية الانتخابية بطريق الاقتراع السري، وقد تمت كاملةً، ولذا لا ينطبق عليها وصف التمرير؛ الذي يقتصر على حالة صدور القرار الإداري من رئيس الهيئة الإدارية أو مجموعة صغيرة من الأعضاء، ثم يُعرض القرار على بقية الأعضاء؛ للتوقيع عليه بالموافقة أو الاعتراض.
ثانيًا: ما قيل منسوبًا إلى بعض رجال القضاء والقانون، من ضرورة توافر الإجماع على القرارات الإدارية، التي تصدر بالتمرير في شأن بعض الأمور، وأنه إذا اعترض البعض على هذه القرارات كان ذلك مؤديًا إلى بطلان القرار؛ فهذا صحيح، ومن الأمور المسلَّم في شأن القرارات الإدارية بالمفهوم السابق، ولا تنصرف إلى غيرها.
أما في الأمور المجتمعية والسياسية وأمور الشورى والديمقراطية والانتخابية؛ فإن المستقَرَّ عليه في المبادئ والقواعد القانونية العامة وفي التطبيقات العملية؛ أن هذه الأمور جميعًا تخضع لحكم الأغلبية؛ لأن الإجماع فيها يكاد يكون مستحيلاً إلا في النادر من الأمور.
وقد أفاد المسئولون عن إجراء الانتخابات بأن أغلبية مجلس شورى الإخوان- وهو الهيئة التشريعية العليا للجماعة- موافقون على قرار تعجيل الانتخابات عن موعدها المحدد، وعلى أن الإجراءات تمَّت صحيحةً وموافِقةً لقواعد الاقتراع السري متعدد اللجان في الظروف الحالية التي تواجهها الجماعة.
والله يوفقكم ويعينكم، ويسدِّد خطاكم على طريق الحق والدعوة، إلى تقدم الأمة وقوتها ونهضتها، في ظل مبادئ الإسلام الربانية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أخوكم المستشار/ د. فتحي لاشين