خميس النقيب   :

يأتينا شهر المحرم من كل عام ليعلمنا ان الحق سينتصر وان الباطل سيندثر ، يأتينا المحرم ليذكرنا بهلاك اعتي الفراعنة ونهايةالفرية القديمة الجديدة " انا ربكم الاعلي " ياتينا شهر الله المحرم ليذكرنا بنصر المستضعفين المضطهدين الملاحقين ، وليدفعنا الي شكر الله تعالي لنجاته لموسي عليه السلام وهلاكه لفرعون اللعين ..

استطاع فرعون ان يتجبر ويتكبر ، يحتجز الناس
ويقهرهم ، يذبح ابنائهم ويستحي نسائهم ، يتكبر علي الله ويتعالي علي رسله ، لكن كانت نهايته عبرة لمن يعتبر ، وهلاكه عظة لمن يتعظ ، 
" ونادى فرعون في قومه قال ياقوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون " الزخرف 
وبعد شركه و إجرامه ، بعد كفره وعناده ، بعد جبروته وفساده ، أجري الله تعالي هذه الانهار من فوقه فاغرقه واهلكه ..!!

لكنه سبحانه ابقي علي جثته ، وحفظ بدنه ، ليكون عبرة لمن بعده ، وعظة امن خلفه كيف ؟
" فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك اية " 
ان المتجبرين في الارض يسيرون علي هوي فرعون ، يسلكون مسلكه ، ويترسمون طريقه ، لكنهم يغفلون عن نهايته ، ويتغافلون عن مصيره ...!! 
" النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ " غافر 
ضرب موعدا واتخذه سيدنا موسي عليه السلام للقاء فرعون امام حشد هائل ليعرض كل منهما ماعنده من معجزات ، ولتكون الحجة للغالب والاقرار للمغلوب ، فكان بحق موعدا لاظهار الحق واندثار الباطل ، موعدا لانتشار الايمان وانكسار الكفر والطغيان ...!!

" قال موعدكم يوم الزينة وان يحشر الناس ضحي " طه
كانت الغلبة لموسي عليه السلام ، وكان الانتصار للحق ، وكان العلو والسمو للايمان ..!! 
رغم ذلك رفض فرعون الاعتراف وازداد كفرا وتضاعف طغيانا ، واتسع فسادا في الارض وافسادا في الحياة ..!!

الافتراءُ على الله في بلاده وعباده بالقتل والنَّهب والإفساد والاستبداد:
جُرمٌ كبير، وذَنْب عظيم، والافتراء على الله في شريعته وقرآنه بالتكذيب والتزييف والتحريف والصدِّ والعناد: جُرْمٌ أكبرُ، وذنب أعظم!

ان فرعون قضي حياته ايذاء للناس وافتراء علي الله وسخرية بالدين 
"قال موعدكم يوم الزينة وان يحشر الناس ضحي * فتولي فرعون فجمع كيده ثم اتي * قال لهم موسي ويلكم لا تفتروا علي الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افتري " طه 
اليوم او غدا سيخيب حتما من يفتري ... كذبا او نفاقا او ظلما او نهبا ...!!
يوم التفويض ، يوم الحشد ، يوم الزينة ، لا من اجل تبليغ الحق ورفع رايته ، بل من اجل تمرير الباطل واعزاز اهله ، لا من اجل الاستعانة بالله القاهر الغالب بل من اجل الاستعانة بعزة فرعون اللعين " قالوا انا لنا لاجرا ان كنا نحن الغالبين * قال نعم وانكم لمن المقربين " الاعراف

لكن الحق ابلج كفلق الصبح ، والباطل لجج كظلمة القبر .

انتصر الحق وانهزم الباطل وآمن السحرة ، وتحققت ايات الله عز وجل ، وجعل الله من بعد العسر يسر ، وجعل الله من المحنة منحة ..
وكانت نهية فرعون امام موسي عليه السلام وقومه ، حين فر قوم موسي عليه السلام من اضطهاد فرعون وظلمه ، كان البحر امامهم ، وعدو الله خلفهم ، " قال اصحاب موسي انا لمدركون " لكن اليقين بالله ، والثق بالله ، والتعلق بالله ، ملأ قلب موسي " 
" فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ " الشعراء 
وعلي الفور ، جاء الفرج بفاء التعقيب والسرعة " فقلنا اضرب بعصاك البحر " 
ونجي الله موسي وقومه ، واغرق الله فرعون وجنده ...!!
وكان المحرم هو الخط الفاصل بين الحق والباطل ، 
بين موسي عليه السلام والمستبدين بقيادة فرعون اللعين ...!!
استعرض فرعون البحر بجيشه، حتى إذا جاوزه موسى وقومه، أراد موسى عليه السلام أن يضرب البحر ثانية؛ حتى يذهب يبسه، لكن الله نصحه: ﴿ وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ ﴾ [الدخان: 24]، وكانت إرادة الله أفضل؛ أراد موسى أن يفصل البحرُ بينهما فقط، وأراد الله أن يغرق فرعون ومن معه، فيخلص البلاد من فساده 
، واتخذ اليهودُ هذا اليوم - العاشر من المحرم - عيدًا؛ تعبيرًا عن فرحتهم بنجاتهم من فرعون وبطشه، وتخلصهم من ظلمه وفساده، وذلك بصيامهم هذا اليوم؛ يوم عاشوراء، وكان من هدْي النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنْ أمر المسلمين بصيامه: " نحن أولى بموسى منكم "، وتمييزًا للأمة الإسلامية؛ كان من هدي النبي أن يُصام يومٌ قبله أو بعده.
شهر المحرم يأتينا ليعلِّمنا أن أصحاب الحق سينتصرون - بإذن الله - على عدوهم، أما أهل الباطل، فسيَزهقون مع باطلهم، ويُهزمون مع عنادهم، ويولُّون الدبر، " وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ زهوقا "

اللهم انصر الحق واهله ، واخذل الباطل وحزبه ...


alnakeeb28

 
 

 

 نرجوا من كتاب موقعنا الكرام وزوارنا التواصل معنا عبر البريد الإليكتروني الجديد: [email protected]