عمر المختار هو أحد رموز المقاومة في ليبيا، ويحتذي به الشباب في أنحاء العالم وقام الإيطاليين بإعدامه في السادس عشر من سبتمبر 1931م، بعد عشرين عامًا من حربه لهم لحصول ليبيا على حريتها.



من هو عمر المختار؟

ولد في العشرين من أغسطس 1858م، في البطان بالجبل الأخضر شرقي ليبيا، توفي أبويه في طريقهما لمكة المكرمة، لذلك تربي في كنف حسين الغرياني - من مفجري الثورة الليبيه. 
تلقي تعليمه الأول علي يد الشيخ العلامه عبد القادر البودي العكرمي - أحد مشايخ السنوسية، درس علي يده علوم اللغه العربية، والعلوم الشرعية، وحفلظ القران الكريم ولكنه لم يتم تعليمه .
تعلم فض الخصومات، وكان علي علم بالأحداث القبلية وتاريخ وقوعها، وتوسع في معرفة الأنساب والإرتباطات التي تربط القبائل ببعضها، وعادات وتقاليد وموقع كل قبيلة.
كما أصبح خبيرًا بمسارات الصحراء والطرق التي يجتازها من برقة إلي مصر والسودان من الداخل والخارج.

سفره إلي السودان

اختاره المهدي السنوسي عقب توليه شيخًا علي زاوية القصور بالجبل الأخضر، للسفر معه إلي السودان الأوسط "تشاد"، عند إنتقال القيادة السنوسية إليها، وشارك خلال فترة مكوثه بها في الحرب الليبية الفرنسية في المناطق الجنوبية .
واستقر فترة من الزمن في قرو مناضلًا، ثم عين شيخًا لزاوية "عين كلكة" ليقضي فترة معلمًا ومبشرًا للإسلام، ثم عاد إلي برقه مرة أخري.

نضاله ضد الإيطاليين

في 29سبتمبر1911م، أعلنت إيطاليا الحرب علي الدولة العثمانية، وبدأت في مدن ساحل ليبيا، وعندما علم "المختار" توجه إلي أماكن تواجد المجاهدين، وساهم في تنظيم حركة الجهاد، والمقاومة إلي أن وصل الشريف قادمًا من الكفره.
وعقب توقيع معاهدة لوزان في 1912والتي تنازلت بموجبها الدولة العثمانية عن ليبيا لإيطاليا، وقعت معركة درنة في 16 مايو 1913، هزم خلالها الإيطاليين وإنسحبوا تاركين أسلحتهم أعقبتها عشرات المعارك التي كان له دور بارز فيها.
وحينما عين "أميليو" حاكمًا عسكريًا علي برقة، رأي أن يعمل علي ثلاث محاور:
-         قطع الإمدادات القادمة من مصر والتصدي للمجاهدين في منطقة مرمريكا.
-         قتال المجاهدين في العرقوب وسلنطه و المخيلي
-         قتال المجاهدين في مسوس واجدابيا.
إلا أنه فشل في ذلك بعد أن وجد ذروة الجهاد في أم شخنب و شليطيمة والزويتينة، ثم تغيرت خريطة الجهاد في ليبيا بعد الحرب العالمية الأولي .
وبعد الإنقلاب الفاشي في إيطاليا وترك السنوسي ليبيا بعد أن عهد بالأعمال العسكرية لعمر المختار، الذي تولي القيادة العامة وجعل حسين الجويفي علي دور البراعصة، ويوسف بورحيل المسماري علي دور العبيدات والفضيل بو عمر علي دور الحاسة.
وبعد محاولة السيطرة علي أجدابيا أصبحت كل المعاهدات لاغيه، واشتد الجهاد بقيادة عمر المختار ضد الإيطاليين بعد إنسحاب المجاهدي من المدينة.
وبادر الأهالي مد المجاهدين بالمؤن والسلاح مما أدي لهزيمة الإيطاليين، الأمر الذي جعل الإيطاليين يسعون لمنع طريق الإمدادات فسعوا لإحتلال الجغبوب وبالفعل إستولوا عليها 8فبراير1926 ، مما شكل عبء جديد للمجاهدين.
إلا أن عمر المختار سعي ومن معه لتحقيق إنتصارات جديدة لهم مما دفع الإيطاليين إلي تغيير خططهم، فأمر موسوليني بتغيير القيادة العسكرية فعين بادوليو في يناير1929، حاكمًا عسكريًا علي ليبيا.
وبدأ الحاكم الجديد بمحاولة عقد سلام استجاب لها الشيخ عمر المختار إلا أنه وجد أن الهدف من المفاوضات أن يترك البلاد ويتجه إلي الحجاز أو مصر أو البقاء مقابل الأموال والإغراءات إلا أنه رفض كل ذلك وأصر علي البقاء والجهاد في سبيل الله لتحرير ليبيا من الغزو الإيطالي.
وعينت إيطاليا "جرتسياني" إلي جانب بادوليو وهو أكثر قادة ا لجيش وحشية ودموية وأمر ب
-         قفل الحدود المصرية الليبية بالأسلاك الشائكة لمنع وصول المؤن والإمدادات
-         إنشاء المحكمة الطارئة في إبريل 1930.
-         فتح أبواب السجون ونصب المشانق.
-         تخصيص مواقع العقيلةوالبريقة والمقرون وسلوق لتكون مواقع إعتقال وقتل وتشريد.
-         العمل علي حصار المجاهدين في الجبل الأخضر واحتلال الكفرة.
تمت هذه الإجراءات في شهري يناير وفبراير 1930، وفي 26 أغسطس 1930 ألقت الطائات الإيطالية حوالي نصف طن قنابل علي الجوف والتاج.
في اكتوبر 1930 وقعت معركة السانية وسقطت من عمر المختار نظارته وعندما وصلها أحد الجنود لقيادته فرأها "جراتسياني" – قائد الجنود الإيطاليين، قال "الآن أصبحت لدينا نظارته وسيتبعها الرأس في يوم ما"
وفي يناير1931، سقطت المفرة في يدي الإيطاليين، مما كان له أبلغ الأثر علي حركة الجهاد والمقاومة

استشهاده

في 1831م، تمكنت القوات الإيطالية من القبض علي عمر المختاروإختلفت الأراء في مكان القبض عليه فناك من قال أنه قبض عليه خلال إستطلاعه منطقة سلنطه بالجبل الأخضر في كوكبه من فرسانه، عرفت الحاميات الإيطاليه فأرسلوا القوات ولحقوها بالتعزيزات .
اشتبك الطرفان ورجحت كفه العدو وكان هناك طوق بشري حول المختار فأمر المختار بفك هذا الطوق، والتفرق ولكن قتلت فرسه وأحاطه الجنود الإيطاليين من جميع الجهات وتم التعرف عليه وإقتياده إلي مرسي سوسا في الجبل الأخضر، ثم وضع علي طراد لنقله إلي بني غازي وأودع السجن الكبير بسيدي أخريبييش.
وهناك رأي آخر أنه قبض عليه أثناء توجهه برفقه عدد صغير لزيارة قبر الصحابي رويفع بن ثابت، بمدينة البيضاء، ولك يصدق جراتسياني" فقطع زيارته لفرنسا وعاد إلي ليبيا مرة أخري.
وفي 15سبتمبر1931 عقدت محاكمة صورية له في قصر الليتوريو ببنغازي بعد إعداده كقاعة جلسات وكانت المحاكمة " كما جاء في محضر المحاكمة والوثائق الإيطالية" مؤلفة من :
المقدم الكوالبيرو اوبيرتو فانتيريمارينوني - رئيس  بالوكالة نيابة عن الرئيس الأصيل الغائب لعذر مشروع، المحامي د.فرانشيسكو رومانو - قاضي مقرر، الرائد الكاوالبير قوناريو ديليتلو - مستشار أصيل، رائد الميليشيا التطوعية للأمن الوطني الكواليبر جوفاني منزوني - مستشار أصيل، رائد الميليشيا التطوعية للأمن الوطني الكواليبر ميكيلي مندوليا - مستشار أصيل، والرئيس بالنيابة عن الرئيس الأصيل الغائب بعذر مشروع، وبمساعدة الملازم بسلاح المشاة ايدواردو ديه كريستوفانو – كاتب الجلسة العسكرية بالنيابة.
ووجهت ضده تهم: إثارة العصيان وقيادته ضد السلطات الإيطالية، اشتراكه في نصب كمائن للوحدات المعزولة من القوات المسلحة الإيطالية  وفي معارك عديدة، أعمال الإغارة والسلب واللصوصية مع ارتكاب جرائم بدافع القتل والوحشية والبطش والتنكيل بقصد احداث الدمار وسفك الدماء لفصل المستعمرة عن الوطن الأم. 
وصدر الحكم عليه بالإعدام شنقًا، بعد أنفاجئهم برده علي أسئلة المحققين وقال بثبات "نعم قاتلت ضد الحكومة الإيطالية، لم أستسلم قط، لم تخطر علي بالي قط فكرة الهروب عبر الحدود، منذ عشر سنوات تقريبًا وأنا رئيس المحافظية".
 وقال عندما ترجم له الحكم " إن الحكم إلا لله، لاحكمكم المزيف، إنا لله وإنا إليه راجعون".
وفي صباح اليوم التالي 16سبتمبر تم إعدامه بمركز سلوق بحضور 20 ألف من الأهالي والمعتقلين السياسيين، بعد إحضاره من محبسه مكبل اليدين، وكان يعاني وقتها من الحمي.
وقال الواقفين بالقرب من المشنقه أنه كان يردد الآذان بصوت منخفض، فيما قال آخرين: أنه يتمتم بالآيه الكريمة " ياأيتها النفس المطمئنة إرجعي إلي ربك راضية مرضيه".
ومن أخر كلماته قبل إعدامه " نحن لانستسلم .. ننتصر أو نموت.. وهذه ليست النهاية .. بل سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم و الاجيال التي تليه .. أما أنا .. فإن عمري سيكون أطول من عمر شانقي ".
وصدرت الأوامر الإيطالية بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أو يبكي عيل وفاة عمر المختار " أسد الصحراء" وتم جلد العديد من المواطنين الليبيين، واستمرت المقومة والجهاد إلي أن تحررت ليبيا.