محمد عبد الرحمن صادق


إن بلوغ ليلة القدر ليس من ضربات الحظ ولا من مصادفات الزمان ، ولكنها منحة وجائزة وهبة من الله تعالى يهبها لمن عاش الشهر مُشمراً عن ساعديه ومستغرقاً في صنوف الطاعات ويقظاً كل اليقظة ألا يقع في المنهيات .  
- إن ليلة القدر نزل فيها كتاب ذو قدر بواسطة ملك ذي قدر، على رسول ذي قدر، لأمَّةٍ ذات قدر ولا يهب الله تعالى فضلها إلا لمن كان عند الله تعالى ذي قدر .
- قال سفيان الثوري : بلغني عن مجاهد ليلة القدر خير من ألف شهر قال : عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر .
- وعن مجاهد : ليلة القدر خير من ألف شهر ليس في تلك الشهور ليلة القدر .
- روى الإمام أحمد بن حنبل عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ليلة القدر، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " في رمضان فالتمسوها في العشر الأواخر فإنها وتر إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين أو في آخر ليلة " . ( أخرجه أحمد ) .
- قال الشافعي : استحب أن يكون اجتهاده في نهارها ، كاجتهاده في ليلها . وقال سفيان الثوري :  " الدعاء في الليلة أحب إليَّ من الصلاة " .
- توصيات وضوابط لإحياء ليلة القدر : إن ليلة يشمر لها المشمرون وينتظرها العارفون لينهلوا من هذا الفيض الرباني ما استطاعوا . ومن مظاهر الاستعداد لهذه الليلة المباركة .
1) استحضر نية إحياء هذه الليلة واقرأ عنها وعن فضلها وآدابها .
2) خذ قسطاً من الراحة وقت القيلولة لتنشط ليلاً .
3) تناول وجبة الإفطار الخفيفة ولا تثقل فلا تقوى عندها على الطاعة .
4) اطلب من الوالدين ومن يعرف عنهم الصلاح ألا ينسوك من صالح دعائهم في هذه الليلة . وإن كان والديك قد توفاهما الله أو أحدهما فلا تنس الدعاء لهما بالمغفرة والرحمة والعتق من النار .
5) احرص على إخراج صدقة في هذه الليلة راجياً من الله تعالى القبول ومضاعفة الأجر .
6) احرص على إصلاح ذات البين وسلامة الصدر وابتعد عن المشاحنة فإنها ( الحالقة ) التي تحلق الدين .
7) احرص على اصطحاب ( المكلفين ) من أبنائك معك للمسجد في هذه الليلة ليشهدوا خيرها .
8) إن لم تكن مُعتكفاً فاحرص على اعتكاف هذه الليلة واحرص على التواجد في المسجد من أول النهار إن استطعت إلى ذلك سبيلاً أو من بعد صلاة المغرب على الأقل .
9) كُن عازماً على التوبة قبل الإحياء وبعده .
10) احرص على نية التخلية والتحلية بأن تتخلى صفات وذنوب وتتحلى بصفات وطاعات .
11) احرص على آداب المسجد واستشعر معية الله تعالى وأنك ضيف على الله تعالى في بيته واحرص كذلك على الانقطاع التام عن الدنيا وعدم اصطحاب الهاتف أو أي شيء من شأنه إشغالك وإلهائك عن الخشوع .
12) إذا كنت في صحبة من الناس فاحرص على مرافقة ذوي الهمة العالية والعلم والصلاح والتقوى .
13) احرص على الطهارة طوال هذه الليلة .
14) احرص على استثمار كل لحظة وإياك والتقصير ولا تقنع بالقليل فإن نفحات الدهر لا تعوض وإن سلعة الله التي ترغبها غالية .
15) احرص على الخشوع والتفكر والتدبر فما فائدة العبادة والقلب لاهٍ وفي كل واد منشغلاً .
16) احرص على التوجه القلبي والإلحاح والتذلل وباقي آداب الدعاء .
17) تيقّن من إجابة دعائك وقبول طاعتك بفضل الله تعالى لتنشط هِمتك .
18) الإكثار من الدعاء وطلب كل شيء مهما كان بسيطاً ( إن الله تعالى لا يمل حتى تملوا ) .
19) ناج الله تعالى بقلب حزين واستحضر كل سيئة وعمل قبيح وتفريط وتهاون صدر منك .
20) أكثر من الدعاء والاستغفار للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات .
21) أكثر من الاستغفار بدعاء سيد الاستغفار .
22) أكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة الصلاة الإبراهيمية .
23) أكثر من الدعاء بتفريج هم المسلمين ورفع الظلم عن الأمة وعن المظلومين .
24) إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس الأعلى . فاسأل الله تعالى العتق من النار والقرب من الله تعالى في الجنّة وأكثر كذلك من دعاء : " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا " .
25) اطلب حاجتك التي فيها نفع الدنيا والآخرة ( كالرزق الحلال والزوجة الصالحة والولد الصالح .. وغيرها ) ممن يعينك على دنياك وآخرتك .
26) لتكن لك سجدة طويلة تناجي فيها الله تعالى وتبكي أو تتباكى خاشعاً متذللاً راجياً المغفرة والقبول .
27) احرص على أن يكون لك وقتاً كافياً مع كتاب الله تعالى تالياً خاشعاً مُتدبراً متبعاً آداب التلاوة .
28) احرص على إحياء هذه الليلة حتى مطلع الفجر .
29) راجع هذه الضوابط مُبكراً مع الأهل وتأكد من مشاركتهم في قيام هذه الليلة .
30) اشكر الله تعالى على نعمة إحياء ليلة القدر فإن هناك من الناس من يغفل عنها ، وآخرون على سرير المرض ، فلتكن لك سجدة شكر في نهايتها بأن وفقك الله لهذه الطاعة  .
- هذه بعض النصائح والضوابط التي تخص هذه الليلة المباركة ومن المؤكد أن هناك غيرها الكثير والكثير مما يفتح الله تعالى على عباده كل على قدر نيته وعزيمته وتوجهه لله تعالى .
- وختاماً : أسأل الله عز وجل في عليائه أن يجعلنا وإياكم من أهلها ومن شهودها وأن يتقبل فيها دعائنا وأن يبدل فيها أحوالنا وأحوال أمتنا بهلاك أعدائنا وأن يجعلهم الله تعالى عِبرة لكل مُعتبر . ونسأله تعالى أن يتولى أمرنا وأن يدبره لما فيه خيري الدنيا والآخرة إنه ولي ذلك والقادر عليه .