نشر موقع بلومبيرج الاقتصادي تحليلاً متعلقًا بخفايا الأزمة الحالية لانخفاض سعر النفط، وكشف الموقع في التقرير عن أبرز التأثيرات المباشرة للانخفاض في سعر النفط وعوامل الضغط الرئيسية على اقتصادات وسعر عملات الخليج.

 

وقال التقرير: يتوجب عليك مراجعة تفاصيل الأزمة المالية في عام 2008 لفهم تفاصيل الضربة الجديدة التي تتلقاها أسواق المال الخليجية حالياً مع انخفاض أسعار النفط لما يقارب 40 دولاراً للبرميل الواحد.

 

أسعار باتت تؤرق دول مجلس التعاون الخليجي الست ودفعت خطط الإنفاق الحكومي الخليجي إلى حالة غير مسبوقة من الفوضى والتخبط وكل ذلك أدى إلى ضعف تداول الأسهم وتراجع التقييمات مما تسبب بارتفاع تكاليف الإقتراض من البنوك وزادت التكهنات السلبية حول الأداء السلبي الاقتصادي للحكومات الخليجية المختلفة.

 

وتعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الستة صاحبة حوالي 29% من احتياطي النفط في العالم، ومع تلك الإنخفاضات في أسعار النفط انخفضت أسعار النفط إلى أدنى مستوى له منذ فبراير 2009 إبان الأزمة الإقتصادية تلك.

 

تأثيرات مباشرة


1. أسعار الأسهم على شفى الإنهيار: تعاني الأسهم الخليجية أكبر إنخفاض لها منذ العام 2008، حيث خسرت هذه الأسهم قرابة 200 مليار دولار على مؤشر بلومبرغ منذ بدء هبوط أسعار النفط في شهر يونيو من العام 2014.

ولتوضيح كيفية المقارنة بين أسعار الأسهم وربطها بتقديرات الأرباح، فيمكن أخذ دولة كالإمارات العربية المتحدة كنموذج للتوضيح.

يحاول المستثمرين بشكل جاد معالجة مشكلة ما يسمى "بالأسواق الحدودية" في بلد يحتوي على 6% من احتياطي النفط في العالم.

تظهر أجهزة القياس الرئيسية في أبوظبي ودبي كيفية تعامل هذه الأسواق مع النفط، ففي حين كان من المفروض أن يكون معامل الربح لهذه الأسواق قرابة 9.1 إلى 10.9 وفق معايير القياس، نجد أن الأرباح خلال ال 12 شهراً الماضية هبطت إلى ما دون 8.3 وفق المؤشر المعتمد للقياس وهي مرشحة للتراجع مجدداً مع استمرار انخفاض سعر النفط بهذا الشكل.

 

2. إنقاذ الاستثمار:
تشهد أسواق الأسهم الخليجية موجة كبيرة من الانخفاض في حجم التداول يصل متوسطها من 100 إلى 50 نقطة يومياً في الأسواق المتحركة، عدا عن أن بورصة دبي مثلاً شهدت 200 يوم من التداول كلها أقل من المتوسط العام، وينطبق نفس الأمر على بورصات أبوظبي وقطر والسعودية والكويت.

وتحاول الدول الخليجية معالجة الأزمة هذه، فالسعودية سمحت بتمليك الأسهم للأجانب، هذا الأمر أعطى أملاً بايجاد يوم مضيء للارتفاع في ظل الانخفاضات المتكررة، لكن ماذا عن البقية؟ الإمارات مثلاً استنفذت كل هذه الحيل سابقاً ولم يبق أمامها الكثير منها، عليها أن تخترع حيلاً جديدة لإعطاء أمل جديد في الحياة لأسواقها. 

 

3. زيادة تكاليف الاقتراض
تسببت الأزمة الحالية بزيادة شعور المؤسسات المالية الخليجية بالضغط، فالبنوك السعودية مثلاً اضطرت لزيادة سعر الفائدة بشكل كبير لم يحدث منذ 7 سنوات، وعانت من 4 أشهر من الخسائر الفادحة واضطرت كذلك للاستدانة من البنوك الأخرى للنجاة بنفسها من فك الإفلاس.

الأمر نفسه تكرر في الإمارات، حيث تضاعف سعر الفائدة في البنوك خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بشكل غير مسبوق منذ عام 2010، والأمر نفسه تكرر وإن كان بحدة أقل في الكويت والبحرين.

وكانت مونيكا مال، إحدى العاملات في بنك أبوظبي التجاري،رابع أكبر بنك في الدولة، قد قالت:" رفعت حكومات الخليج الدين المحلي، كما زادت الرقابة على الودائع في القطاع المصرفي وأمرت بزيادة التشديد على السيولة وأكدت على زيادة سعر الفائدة لضمان سير البنوك،" وأضافت أيضاً:" أتوقع أن تقلل الحكومات الخليجية انفاقها في 2016 وتقلل من السيولة في الاقتصاد والنظام المصرفي بشكل أكبر".

 

4. تخفيض قيمة العملة والمضاربة عليها:
قفزت العقود الآجلة المستخدمة للمضاربة على الريال السعودي خلال الأشهر ال 12 الأخيرة إلى أعلى مستوى لها خلال ال 13 عاماً الماضية. وهو ما يعكس التكهنات المتزايدة عن نية السعودية التخلي عن ربط عملتها بالدولار، وهو ما يعني أن الحكومة ستسمح بإضعاف عملتها للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود.

الإمارات تعاني الأمر نفسه فالدرهم في أصعب ظرف أمام الدولار منذ 2009 والجميع يتوقع أن تتجه الحكومة نحو ضبط سعر صرف الدولار أمام الدرهم لإنقاذ العملة.

وحتى الآن لم يصل خبراء الخليج الاقتصاديين إلى جدوى استمرار ربط عملاتهم بالدولار بهذا الشكل، وما زالت الخلافات وعدم وضوح القرارات قائماً فيما يتعلق بالأمر فتارة تظهر أنباء عن نية الدول فك ربط العملة بالدولار وتارة تختفي هذه الأخبار.

ووفق "بنك أوف امريكا" فإن هذا الأمر يدع دول الخليج أمام أمرين، إما فك ربط النفط بالدولار أو فك ربط عملاتهم بالدولار، ويبدو أن الخيار الثاني أسهل اقتصادياً وسياسياً لكنه غير مضمون النتائج.

وتبدو تلك النتائج كارثية على قائد الانقلاب العسكري االذي يعتمد على مساعدات الامارات والسعودية في الخروج من ازمته الاقتصادية الخانقة.