بقلم / صادق أمين
 
ما بين آن و آخر صوت يفلسف ضعفه و ما أكثر الحجج؛ خاصة بعدما لفحتنا حرارة الأحداث و ذقنا طعم الدماء و تجربة الانقلاب و أقيمت السدود في طريقنا و ترصد لنا الموت و السجن.
 
فلا تصدقوا هذه الأصوات؛ لأنها الموت بعينه، و الحق لا ينتصر إلا بالمجاهدة المستمرة؛ فلا ترهبوا الحديد و النار، فعزيمة المؤمن الصادق أقوى من الحديد و أقوى من النار .. فانطلقوا يغفر الله لكم.
 
و اعلموا أن الضعف في الكيان البشري أمر فطري مقبول ما دام في حدوده المأمونة التي لا تُسقط الإنسان في مهاوي الخطأ، و ضعوا نصب أعينكم وصية المفكر " مالك بن نبي " ( إن كل حركة تفقد غايتها، أعني أن غايتها لم تتحدد بوضوح ، فإن من شأنها التيه في السبيل و التبذير في الوسائل و الخطأ في الهدف ).
 
و غاية ما في الأمر أن ندرك سنن الله و أن نطمئن إلى قدره و أن نعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا و أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا و أن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا و من ثَم  ( فصاحب هذا التصور  _ و الكلام للأستاذ سيد قطب _ لا يتلقى الضراء بجزع، و لا السراء بالزهو، و لا تطير نفسه لهذه أو لتلك، و لا يتحسر على أنه لم يصنع كذا ليتقي كذا أو ليستجلب كذا بعد وقوع الأمر و انتهائه! فمجال التقدير و التدبير و الرأي و المشورة، كله قبل الإقدام و الحركة؛ فأما إذا تحرك بعد التقدير و التدبير _ في حدود علمه و في حدود أمر الله و نهيه _ فكل ما يقع من النتائج فهو يتلقاه بالطمأنينة و الرضى و التسليم؛ موقناً أنه وقع وفقاً لقدر الله و تدبيره و حكمته و أنه لم يكن بدٌ أن يقع كما وقع و لو أنه هو قدم أسبابه بفعله!..توازن بين العمل و التسليم، و بين الإيجابية و التوكل، يستقيم عليه الخطو، و يستريح عليه الضمير.. فأما الذي يفرغ قلبه من العقيدة في الله على هذه الصورة المستقيمة، فهو أبداً مستطار، أبداً في قلق، أبداً في " لو " و " لولا " و " يا ليت " و " وا أسفاه " ).
 
و من هنا ندرك لماذا أصاب الوهن مجتمعنا بما أفقده عافيته و جعله عاجزاً عن إعلان غضبه و مدمناً لابتلاع مراراته و اختزانها في بئر تبدو بلا قاعٍ؟!
 
و خلاصة القول أن تكون حماستنا قائمة على عقيدة كالصخر لا يدخل إليها شك و لا يضعف من سورتها ظلم و لو كلف أصحابها مهجهم، و صدق مَنْ قال :
 
لا تقل ينقصنا سيف و نار  *** إن بالإيمان تندك الجبال.