بقلم / محمد عبد الرحمن صادق
 
 * كان النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا دخل بيته وجَد السند والعون ، ففي البيت كانت السيدة خديجة- رضي الله عنها-؛ يقول ابن هشام: كانت وزيرَ صِدْقٍ على الإسلام ، يشكو الرسول صلى الله عليه وسلم إليها، ويجد عندها أُنْسَه وسلواه، وذهبت كلماتُها دافعةً للنبي- صلى الله عليه وسلم-: ( امضِ.. والله لا يخزيك الله أبدًا ) وهكذا يجب أن تكون بيوتنا في محنة اليوم، فإن كانت بلادنا تحت الحصار فبيوتُنا محاصرةٌ بالأزمات والضائقات والكآبات والمشكلات، ولا مخرجَ لهذه الضغوط إلا بما قدمته أم المؤمنين خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكوني أيتها الأخت الكريمة ( خديجة ) !! كُنَّ أيتها الأخوات مثل أمُّنا ، تحمَّلن واصبِرْن وتفاءلْن وادفعَن أزواجَكن  وأبنائكن إلى الروح العاملة لا الروح اليائسة، إلى الثقة والأمل لا إلى السخط والتذمُّر، إلى العمل والسعي لا إلى القعود والكسل إلى الشجاعة والإقدام لا إلى الجبن والفرار .
- الأخت الكريمة : إن لك دوراً مهماًَ وعظيماً فيجب عليك أن تنهضي وتؤدي دورك الواجب عليك في حرب الإسلام اليوم لمواجهة الحرب التي تشنها دول العالم أجمع على الإسلام والمسلمين، فلم ينتصر الإسلام في عصوره الزاهية على الدول التي كانت  أكثر من المسلمين عدة وعدداً ومالاً، إلا لما كانت المرأة على قدر المسؤولية، فهي التي تربي أولادها على الجهاد، وهي التي تحفظ الرجل في عرضه وماله إذا خرج إلى الجهاد، وهي التي تصبر وتصبّر أولادها وزوجها على مواصلة ذلك الطريق فكان " وراء كل مجاهد عظيم امرأة عظيمة  "، فعرفت المرأة منهن دورها وكانت كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عند أحمد والترمذي أن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي المال نتخذ ؟ قال:  " ليتخذ أحدكم قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة تعينه على أمر الآخرة."  
- الأخت الكريمة : لو أن غيابك عن حضور الصراع اليوم هو غيابك وحدك لكان الأمر هيناً فلنا في الرجل عوض !، ولكنك اليوم إذا غبت عن حضور الصراع أو الإعداد له فإن الأمة كلها تغيب معك، فمن يربي الشباب لتلك المعركة ؟ ومن يقف وراء الرجال لخوض تلك المعركة ؟ ومن يعد أمهات الجيل القادم ليكملن الطريق بعدك ؟ إن أجوبة هذه الأسئلة ومعها عشرات الأسئلة الملحة مثلها، تبين أمراً واحداً وهو أنك عنصراً مهماً في الصراع اليوم يجب حضورك وبكل إمكانياتك وعواطفك ، وحضورك هذا ليس عبارة عن مكمل في الصراع كلا، بل إن حضورك يعد ركيزة من ركائز النصر ومواصلة الطريق.
 - الأخت الكريمة: إن ما يطلب منك اليوم ليس نافلة بل فرضاً سبقك إليه الكثيرات على مر العصور ، فلقد دخلت المرأة ميدان المعركة في قرون الإسلام الأولى ليس ذلك بسبب قلة الرجال في وقتها، ولكن بسبب حبها للأجر والفداء والتضحية في سبيل الله.
- نماذج للصحابيات في ميدان الجهاد
1- السيدة نسيبة بنت كعب  : شهدت أم عمارة ( نسيبة بنت كعب )  ليلة العقبة وشهدت أحداً والحديبية ويوم حنين ويوم اليمامة وجاهدت وفعلت الأفاعيل، وقطعت يدها في الجهاد .  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم– لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان " وكانت تقاتل أشد القتال وإنها لحاجزة ثوبها على وسطها حتى جرحت ثلاثة عشر جرحاً .
وعن محمد بن يحيى بن حبان قال: جرحت أم عمارة بأحد اثني عشر جرحاً وقطعت يدها يوم اليمامة، وجرحت يوم اليمامة سوى يدها أحد عشر جرحاً ، فقدمت المدينة وبها الجراحة فلقد رئي أبو بكر رضي الله عنه وهو خليفة يأتيها يسأل عنها . وروى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما التفت يوم أحد يميناً ولا شمالاً إلا وأراها تقاتل دوني ).
2- السيدة صفية بنت عبد المطلب : في غزوة الخندق، وضع النبي صلى الله عليه وسلم النساء والأطفال في الحصون لحمايتهم، فكانت صفية وأمهات المؤمنين في حصن حسان بن ثابت، وكان من أمنع حصون المدينة. وبينما كان المسلمون منشغلون بقتال عدوهم، تسلل يهودي وطاف بالحصن يتجسس أخباره، فأدركت أنه يريد معرفة أفي الحصن رجال أم إنه لا يضم غير النساء والأطفال. فحملت عمودًا وتلطّفت حتى كانت في موضع تمكنت فيه من عدوها، ضربته على رأسه فوقع فانهالت عليه حتى مات، لكي لا ينقل خبرهم إلى قومه. ثم حزّت رأسه بسكين، وقذفت بها من أعلى الحصن، فطفق يتدحرج حتى استقر بين أيدي يهود كانوا يتربصون في أسفله، فلما رأى اليهود رأس صاحبهم؛ قالوا: ( قد علمنا إن محمداً لم يكن ليترك النساء والأطفال من غير حماة ) ، فعادوا أدراجهم.
- السيدة معاذة بنت عبد الله : لما استشهد زوجها وابنها في بعض الحروب اجتمع النساء عندها فقالت: مرحباً بكن إن كنتن جئتن للهناء، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن .
* نماذج نسائية في عصرنا الحديث في ميدان الجهاد
الأخت الكريمة : إنني لن أذكر أم نضال ولا ريم الرياشي ولا غيرهن ممن تعرفينهن جيداً ولكن سأذكر
1- أم عمر المكية  : تلك العجوز التي عاهدت الله أن تنصر الجهاد الأفغاني بكل ما تملك فأرسلت ولدها، وعملت هي في مكة على تحريض النساء على الجهاد ودعمه، حتى أنها كانت ترسل الأطعمة التي تصنعها في بيتها للجبهات في أفغانستان، وذات يوم عزمت على زيارة أفغانستان للقاء نساء المجاهدين ومؤازرتهن، وبعدما حضرت أصرت على الدخول إلى الجبهة وحاول المجاهدون منعها لخطورة الوضع ولكن دون جدوى، فقد أقسمت أن ترمي العدو بسلاحها، فاستجاب لها الأخوة وركبت السيارة مع ابنها ودخلت إلى الجبهة كل ذلك لتشهد العدو بنفسها وتحقق أمنيتها وتبر بقسمها وتطلق على العدو في سبيل الله، وتحققت أمنيتها ووقفت خلف راجمة الصواريخ وقصفت العدو بعدة قذائف، لم ترجع بعدها حتى رد العدو عليها بقذائف علمت منها أن قذائفها أصابت هدفها، وأشفت صدرها وذهب غيظ قلبها وكتب الله أجرها إن شاء الله
2- أم سراقة: وهي التي دفعت ابنها إلى الجهاد في أفغانستان، فلما قتل قالوا: كيف نخبرها بمقتل ابنها ؟ ولكن ربما إذا أخبرها الشيخ عبد الله عزام رحمه الله هانت مصيبتها، فاتصل الشيخ بها وبشرها بقتل ابنها وقال لها كلمات في الصبر، فإذا بها لا تحتاج إلى مثل تلك الكلمات، وردت على الشيخ برد ذكرنا بنساء الصحابة ، وقالت: الحمد لله على قتل سراقة، وسأرسل لكم بعد أسبوع أخاه ليحل محله .
3- أم غضنفر شبيهة صفية: تلك المرأة الأمية التي لا تعرف القراءة ولا الكتابة، وقد جلست يوماً في مجلس تكلمت فيه إحدى النساء عن فضل الجهاد وفضل الشهادة وخصال الشهيد وأنه يشفع في والدية ليدخلهم الجنة، فسمعت أم غضنفر ذلك القول ووعاه قلبها ، فعادت إلى بيتها ونادت ابنها الوحيد الأكبر وعرضت عليه الذهاب إلى الجهاد في أفغانستان لكي يرزقه الله الشهادة ليشفع لها، فأحست منه إعراضاً، فما كان منها إلا أن أحضرت سوطاً ودخلت عليه وأخذت تضربه ضرباً شديداً وهي تبكي وتقول: اذهب إلى الجهاد من يشفع لي يوم القيامة، قال غضنفر: فما كان مني إلا أن وافقت، وأعددت نفسي وتجهزت ثم جئت أبشرها بموعد سفري، فقالت: لي وكم ستبقى هناك ؟ قلت: من أربعة أشهر إلى ستة ، قال: فبصقت في وجهي، وقالت: تريد أن تبيع نفسك لله لمدة ستة أشهر اذهب حتى يرزقك الله إحدى الحسنيين .
- أيتها الأخت الكريمة إن هذه النماذج نساء مثلك ملأ الله قلبها حباُ وحناناُ وعاطفةً للزوج والولد والألفة والأمن والاستقرار ولكنهن وضعن كل ذلك في كفة ودين الله وجنته ورضاه في الكفة الأخرى فلم يندفعن وراء العاطفة ووراء تخذيل الشيطان بل حكمن العقل واخترن النعيم الأبدي على الدنيا الفانية .  أنظري كيف ظهر من نسائنا ما نظنه حقاً معجزة في هذا الزمان، ولكن كيف لو كان نساء المسلمين في عصرنا كلهن كأولئك النساء، هل تظنين أن يتسلط العدو على بلادنا ونسائنا وأرواحنا ؟ إن الإجابة تكون قطعاً بالنفي ، إذاً لما لا تلحقين بالركب وتكوني واحدة من التي يسجل التاريخ لها موقفاً نرفع به رؤوسنا ؟
- أيتها الأخت الكريمة: نريد منك أيتها الأخت الفاضلة أن تقتدي بنساء السلف والخلف في تحريضهن على الجهاد وإعدادهن له وفي صبرهن على هذا الطريق وفي شوقهن للمشاركة بكل شيء مقابل نصرة الإسلام والمسلمين .
أين بصمتك بين هؤلاء ؟! أين بصمتك في الحياة ؟! ماذا قدمت لدينك ولآخرتك لتزاحمي هؤلاء ... نعم تزاحميهم ؟!.. أين إضافتك مع نفسك ؟  أين إضافتك مع ربك ؟ أين إضافتك  في شارعك ؟!.. أين إضافتك في عملك ؟!.. كيف تعاملت مع موهبتك ؟! قديماً قالوا: ولو كنت صفراً فكن ذا قيمة . وقالوا أيضاً :  إن لم تزد في الحياة شيئًا كنت أنت زائدًا عليها". --------------------   وفقكـــن الله